عرض مشاركة واحدة

قديم 28-03-09, 04:15 PM

  رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أفغانستان من الداخل (الحلقة الثامنة) ـ من رئيس تشريفات الملا عمر إلى كبير مفتشي المحاكم في عهد كرزاي
مولوي قاسم حليمي تخلى عن العمامة السوداء واستبدلها بـ«الباكول» ويتنقل تحت الحراسة المشددة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةمولوي قاسم حليمي («الشرق الأوسط»)نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةمدخل المحكمة العليا (سترة محكمة) بوسط العاصمة كابل
كابل: محمد الشافعي
مولوي قاسم حليمي رئيس تشريفات الملا عمر الذي احتجز في سجن قاعدة باغرام لاكثر من عام وحرم من ارتداء العمامة داخل السجن الاميركي. ويعتبر اليوم صمام الأمن والأمان في مكافحة الفساد الاداري في المحاكم الافغانية، بعد ان تصالح مع الحكومة وهو يشغل حاليا منصب كبير خبراء ومفتشي المحاكم «سترة محكمة» ونائب عن الدكتور عبد السلام عظيمي رئيس المحكمة العليا، او ما يعرف في البلاد العربية بهيئة القضاء الاعلى. «الشرق الاوسط» ذهبت الى مقر المحكمة العليا في الصباح الباكر للقاء حليمي، الذي اكد انه لم يتخل عن لقبه مولوي، وحليمي خريج كلية الشريعة بجامعة الازهر، وكانت «الشرق الاوسط» قد تعرفت اليه في مقر الخارجية الافغانية، قبل سقوط الحركة الاصولية بعدة اشهر. وعندما التقته الاسبوع الماضي عدة مرات، لاحظت انه تخلى عن العمامة السوداء المخططة بخطوط بيضاء، لصالح الباكول، الذي يغطى رأس اغلب الافغان، وبدا حليمي اليوم اكثر اهتماما بتهذيب لحيته، التي كان طولها اكثر من ثلاث قبضات، عندما كان يشغل مسؤولية مدير بروتوكول محمد عمر. يتنقل حليمي اليوم في سيارة لاند كروز بصحبة سائق وحارس يحمل الكلاشينكوف. وعندما دخلت عليه «الشرق الاوسط» في مكتبه الاسبوع الماضي، كان مشغولا بقضية رقابة ادارية، اذا جاءت اليه ك. ر، وهي سيدة افغانية، تشكو اليه من ان كاتب احدى المحاكم يطلب منها 7 الاف دولار قبل النظر في قضيتها، من اجل اصدار الحكم لصالحها في قضية تجارية، وتزعم السيدة ان قاضي الدائرة الذي سينظر قضيتها سيتسلم الفلوس، وليس لديها هذا المبلغ، وهي تشعر بالقهر لانها على حق في مطلبها، وكان حليمي مشغولا بالشرح للسيدة الشاكية كيفية استخدام جهاز الكتروني صغير لتسجيل الواقعة بالصوت عند لقائها بكاتب المحكمة. وكشف حليمي عن 26 قضية رشوة في الادارات القضائية خلال عام واحد، واضاف ان هناك قضاة حوكموا بتهمة الرشوة، الا انه اكد ان مرتبات القضاة ضعيفة للغاية، وتتراوح بين 70 الى 80 دولارا شهريا. وقال لا يمكن البدء في الاجراءات الا بعد الحصول على موافقة من الدكتور عظيمي رئيس المحكمة العليا، وبعدها نتخذ الاجراءات القانونية بناء على شكوى رسمية من المبلغ. وقال لدينا ميزانية من العملة الافغانية والدولارات والعملة الباكستانية لاستخدامها في الضبطيات القضائية بعد تصويرها، مضيفا نستخدم ايضا كاميرات الفيديو عبر مختصين لتصوير الواقعة بالصوت والصورة. واطلعت «الشرق الاوسط» على بعض حالات الفساد القضائي على كومبيوتر حليمي، وصور من الادلة، مثل المبالغ المدفوعة، سواء كانت بالعملة الافغانية او الدولارات. وقال ان اكبر مبلغ رشوة طلب في قضية سابقة كان 20 الف دولار من احد القضاة في قضية قتل. وضبط القاضي وحوكم ودخل السجن، وتطرق الى ان جمع الادلة المادية حول حالات الفساد الاداري، يؤشر عليه في نهاية الامر بعد اعتقال المشتبه فيه، بتحويل اوراق الملف الى النيابة العامة.
ويساعد حليمي في العمل الفني والاداري نائبه محمد عثمان حامدي ويبلغ من العمر 42 عاما، وهو خريج جامعة الامام محمد بن سعود، ويتحدث العربية بطلاقة بعد ان قضى ست سنوات في المملكة. ويتواصل حليمي مع اصدقائه القدامي مثل الشيخ وكيل متوكل وزير خارجية طالبان، الذي قضى معه اكثر من عام في زنزانة واحدة بسجن باغرام، وعبد السلام ضعيف سفير طالبان في اسلام اباد، الذي اعتقل وقضى نحو اربع سنوات في سجون باغرام وقندهار وغوانتانامو، وكلاهما يعيش في حي خوشحال خان، غرب العاصمة كابل. ويقول حليمي لقد كنت اول شخص اعرف ان الملا ضعيف وصل الى سجن باغرام من خلال صوته، وكان الاميركيون يغطون وجوهنا بأقنعة حتى لا نتعرف على بعضنا البعض، ولكن ضعيف طلب ان يشرب ماء بالحاح، وكنت اجلس الى جواره ولا اعرف، ومن خلال قراءته البسملة قبل ان يشرب الماء سمعت صوته، وهمست باسمه ملا عبد السلام، فقال لي من انت، فقلت حليمي، وصرخ بنا الحارس بشدة وهو يمنعنا من الهمهمة. ولا يعترف حليمي بانه اكثر حرية اليوم، رغم تنقله في اي وقت الى ولايات الشمال او الجنوب بناء على شكاوى من وجود فساد اداري في المحاكم او التفتيش الروتيني. ويقول: الإسلام هو دين الحرية، وأنا منذ الطفولة وحتى اليوم مقيد في حياتي اليومية بأصول وقواعد الدين، سواء كنت في إدارة البروتوكول ايام طالبان، التي تتطلب مميزات خاصة في التعامل مع الضيوف، أو خارج تلك الوظيفة. المهم هو التأدب بآداب الإسلام والالتزام بحدوده في الحياة اليومية عند التعامل مع الآخرين. ونفى ان تكون هناك صفقة مع الحكومة من اجل الحصول على وظيفته الجديدة، واوضح، بصفتي أفغانيا أستحق هذه الوظيفة بموجب درجتي العلمية من جامعة الأزهر بمصر، فأنا حاصل على الماجستير في الشريعة، وقد رشحني قاضي القضاة في أفغانستان لهذه الوظيفة، ووضع ثقته في، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن رئيس هيئة القضاء الاعلى في التفتيش على المحاكم العليا في عموم أفغانستان. وربما أراد قاضي القضاة أن يكافأني بهذه الوظيفة، والمحكمة العليا في أفغانستان قوانينها في الأساس شرعية، والوظيفة تتناسب مع مؤهلاتي. واضاف، في أفغانستان هناك ثلاث قوى تمسك بزمام البلد، هي السلطة القضائية، ممثلة في المحكمة العليا والبرلمان، والسلطة التنفيذية الممثلة في الحكومة ومجلس الوزراء ورئيس الجمهورية. وفي داخل مكتب حليمي صورة كبيرة للرئيس حميد كرزاي وهو يستقبل رئيس المجلس الاعلى للقضاء وحليمي يقف الثالث على يمين الرئيس بجانب عبد السلام عظيمي رئيس المحكمة العليا. وعن اجادته لغة الضاد يقول مولوي حليمي: تعلمت اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم وبدونها لا يستقيم الدين ولا يشتد عوده، فمع دراستي للقرآن والسنة النبوية المطهرة في بيت الهجرة الباكستاني، ومدرسة علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، وبعد أن حصلت على الثانوية العامة، سافرت إلى القاهرة في يونيو (حزيران) 1991، وهناك بدأت رحلتي مع ذكريات ستظل محفورة في ذهني، ثم انتقلت إلى المعهد الأزهري في العصافرة بمدينة الاسكندرية مع أصدقاء أفغان زملاء في الدراسة، وفي يوم 21 يونيو 1993 التحقت بكلية الشريعة الإسلامية التابعة للأزهر الشريف، وفيها درست وحصلت على البكالوريوس في أصول الفقه الإسلامي. والتحقت بعد ذلك بدورة الأئمة، وهي دورة تدريبية للوعاظ والدعاة، استغرقت نحو 3 أشهر، وكان دخولي فيها بتوصية من نجل الشيخ الشعراوي، رحمة الله عليه، ومدير جامعة الأزهر الدكتور أحمد عمر هاشم، وتلك الدورة أهلتني لإلقاء الخطب والدروس في مسجد عمر بن الخطاب، وسط كابل. ويحب حليمي ان يلقب اليوم من قبل زواره العرب بلقب الشيخ، وينفي ان يكون قد فقد لقب مولوي الذي كان يعرف به ايام طالبان، ويقول مازلت المولوي محمد قاسم حليمي، بنفس اللباس ونفس الاسم، ويمكن أن تناديني مولوي، أو شيخ حليمي كما تحب. الملا يعني خريج الثانوية الدينية أو ما يعادلها من العلوم الشرعية، أما المولوي فهو خريج كليات الشريعة أو ما يعادلها من دراسة العلوم الإسلامية الجامعية، وعندما جاء لزيارتي في فندق صافي لاند بشارع شهرانو في الصباح الباكر ليصطحبني للقاء الملا وكيل متوكل رئيسه السابق وزير خارجية طالبان، اتسعت عينا حارس الفندق شيرزاد وهو طاجيكي من وداي بانشير ومن رجال احمد شاه مسعود قائد التحالف الشمالي الذي اغتالته «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر (ايلول)، وقال لي بعد ان رجعت عصرا «اعداء الامس اصدقاء اليوم والحمد لله». ونفى حليمي ان يكون قد تخلى بالمرة عن العمامة السوداء الاثيرة الى قلبه ايام طالبان، لصالح «الباكول». وقال لي في مكتبه، العمامة ليس لها معنى خاص، فهناك عمامات سوداء وأخرى مزينة بخطوط بيضاء وثالثة بيضاء خالصة. لا أريد أن أكون مقيداً بلون خاص للعمامة، وأرتدي العمامات من جميع الألوان وأحيانا باللون الأخضر، واحيانا الباكول، ورفض بشدة ان التقط له صورة في مكتبه وهو عاري الرأس منهمكا في عمله، وقال لي انها في عرف الافغان خروج غير حميد على التقاليد. ولمح الى اخطاء الحركة الاصولية التي كان يعمل مدير بروتوكول زعيمها بقوله: طالبان لم تستضف أسامة بن لادن والعرب الذين جاءوا معه، لأنهم كانوا موجودين قبل وصول طالبان إلى الحكم عام 1996. فالعناصر العربية بقيادة بن لادن جاءت إلى جلال آباد من السودان، أيام حكومة برهان الدين رباني، وكان العرب موجودين في المدن الأفغانية منذ سنوات القتال ضد الروس، اي ان طالبان ورثت المشكلة عن حكومات المجاهدين السابقة، لكن بعد وصول طالبان توسعت الجالية العربية، وازداد عددها في جلال آباد وكابل وقندهار. نعم هناك سلبيات لطالبان، لكن هناك أيضا ايجابيات. واذا اردت الحديث عن سلبيات طالبان فهناك ايضا ايجابيات، منها قضاء الحركة على زراعة المخدرات عقب صدور فتوى من الملا محمد عمر تحرم زراعتها في المناطق التي تسيطر عليها طالبان. أما بالنسبة لما يتردد عن منع طالبان تعليم البنات وحظر البث التلفزيوني، فلا بد أن ننظر إلى المسألة بشكل مختلف، فالحقيقة أن الملا عمر لم يصدر قرارا بمنع تعليم البنات أو البث التلفزيوني، بمعنى أن المسألتين كانتا معلقتين ولم تحسما، وهيكل التلفزيون وطاقمه الإداري كان موجودا، والتشكيل كان موجودا، لكن طالبان كانت تنتظر الفرصة لإعادة البث التلفزيوني. أما بالنسبة لتعليم البنات فكان الملا عمر يقول إن الفرصة لم تتح لتعليم البنات رغم قناعته بأن العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

 

 


   

رد مع اقتباس