عرض مشاركة واحدة

قديم 25-02-09, 03:33 PM

  رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

قراءة في وثائق 1971 البريطانية حسن ساتي(31) ـ نظام البعث بالعراق جاء ليبقى.. وعلينا أن نحصل منه على أفضل ما عنده
تحمل هذه الوثيقة معلومات مثيرة في شأن التقييم البريطاني لنظام البعث في العراق، فنحن مثلا امام تأكيد بأن هذا النظام جاء ليبقى، وليس علينا أن نفكر في نظام بديل، بل ان نصنع الافضل منه ولمصالحنا.
والاخطر، تقول الوثيقة: ان العمل معه بيد تحمل القفاز سيكون ضد مصالح اي طرف آخر في العالم ما عدا طرفي المصلحة، اي بريطانيا ونظام البعث، فضلا عن اشارات لا تخفي السعادة من اثارته للمشاكل مع دول الخليج.
وثيقة رقم: 57.71 التاريخ: 4 يناير 1971 الى: وزير الخارجية الموضوع: مراجعة سنوية للعراق عام 1970 سيدي:
1 ـ قدم تقريري لعام 1969 عن هذه الجمهورية غير المحظوظة والمحبة لتعذيب نفسها، قراءة مظلمة، وتستصحب قراءتي لعام 1970 تلك الرؤية وان كانت بشحنة اقل. الكراهية لا تزال تحكم العراق ومن نوع خانق ومشبع بالدخان، وربما اعبر عن اعتقاد بأن ذلك الدخان قد خف قليلا في عام 1970، وان كنت لا اعني العراق البعثي في طريقه لأن يصبح منطقة بلا دخان تتدفأ بضوء شمس سعيدة. انه لم يعد جنة عدن رغم وجود تلك الجنة (عند ملتقى دجلة والفرات)، ولكن، وعلى الاقل، فهناك سيوف ملتهبة اقل، على كل بوابة، خلال عام 1970.
وبتعابير اسطورية، فالنظام البعثي، وبعد ان احكم قبضته على السلطة باستئصال المعارضة القائمة والمحتملة، يبدو في عام 1970 وكأنه قد ادرك ان اجراءات للاسترخاء، سواء على صعيد سلوكه الداخلي او في كثير من سياساته الخارجية، ستخدم مصالحه الخاصة بصورة افضل.
وأيا كان التقدير فان هذا التوجه سيكون من مصلحتنا الخاصة بالتأكيد تشجيعه ايجابيا.
2 ـ بدأت السنة بمؤامرة فاشلة مولت بلا كفاءة من الايرانيين وتم اختراقها بكفاءة من قبل المخابرات العسكرية العراقية لتنتهي في 24 يناير (كانون الثاني) باعدامات فورية لـ44 عنصرا، معظمهم بلا شك مذنبون، ولكن هناك القسوة التي صاحبت معاملتهم. ولم يواجه النظام مشاكل اخرى من هذا القبيل اذا تجاهلنا تقارير مبهمة عن مؤامرة في سبتمبر (ايلول) في احد معسكرات الجيش شرق بغداد تم احتواؤها، قبل انفجارها، بصورة غير دموية. واقول هنا ان اختراق المخابرات لكل ضلعة في الجسد السياسي مكتمل جدا بدرجة تصبح فرص خطط التآمر في عدم كشفها ضئيلة. وفي حدود علمنا فإن عام 1970 لم يشهد المزيد من الاعدامات كرادع.
3 ـ الاضاءة الثانية في المشهد الداخلي تكمن في اعلان اتفاق 11 مارس (آذار) بعد 10 اسابيع من الحوار مع الاكراد، والذي تضمن تسوية مع القيادة البارزانية للاكراد الذين ظلوا في حالة تمرد متواصلة لعقد من الزمان، ووفق تلك التسوية، فهناك وعد للاكراد الذين يشكلون خمس عدد السكان بحكم ذاتي مع مشاركة عادلة في الحكومة المركزية والتنمية، في مقابل السلام. في الشهور التسعة التي تلت اعلان الاتفاق شاب التطبيق على مستوى التفاصيل بعض العيوب فيما تم تحويل الاجماع الحرج على تحديد يوم 26 اكتوبر (تشرين الاول) لتعريف حدود المنطقة الكردية (بصورة خاصة فيما يتعلق بحقول النفط في كركوك) الى الرفوف. ولا يستطيع الا القليلون التنبؤ بأن هذه التسوية ستثبت، كما تزعم هي، انها نهائية. ومع ذلك، فقد وضع الاكراد اولوياتهم في اعادة البناء والتنمية لاعطاء الحكومة مزايا الشك وعلى الاقل تجاه شكوكهم. السلام، وعلى اي مستوى، يلقى الترحيب من الجانبين.
4 ـ عن اصلاحات داخلية لا تحمل جديداً («الشرق الاوسط»).
5 ـ من الصعب القطع بدليل تجاه تغيير في الاسلوب في علاقاتهم (العراقيين) الخارجية، في وطن لا يرحب بالادلة غالبا. وكما هم على الدوام، غير مبالين بعزلتهم في العالم العربي ومرتبكين تجاه رفض مطالبهم بدور قيادي، وهم على درجة من التصلب لا تسمح لهم بالبحث عن تساكن مع سورية الاسد او مصر ما بعد عبد الناصر، والبعث العراقي يواصل مشاكله مع المعتدلين العرب، وحتى بين المتطرفين، فالصداقة الوحيدة التي عقدوها كانت مع اليمن الجنوبي. على صعيد المسألة (الفلسطينية) تمسكوا على الصعيد المعلن بخطهم المتشدد، مفضلين رفض خطة روجرز في يوليو (تموز). وادى ذلك مباشرة الى تضخيم خلافاتهم مع مصر، والى التزام طنان بتقديم الدعم العسكري للفدائيين الفلسطينيين في حربهم مع الحكومة الاردنية. ولكن حين توضع الامور على المحك يختلقون معادلة يغفرون فيها لانفسهم عدم وضع موقفهم الاستعراضي موضع التنفيذ، مع ان ذلك يعرضهم لتعليق بذيء، ومع ذلك، فالقرار يلقى الترحيب خاصة اذا برهن انه قد ارسل رسالة مفادها المزيد من التحرر العراقي العام عن المجال الفلسطيني. والوجود المتواصل لما بين 12 الفاً و18 الفاً من الجنود العراقيين بالاردن، وقد تم تقليل العدد مع انقضاء العام بعد حل الجبهة الشرقية في اغسطس (آب) يبقى شوكة في لحم الحكومة الهاشمية.
6 ـ في هذه الاثناء وعلى صعيد الجبهات الاخرى، فقد احيوا حربهم الاعلامية ضد ايران، وواصلوا الاستخفاف بالنظام الجديد في (سلطنة) عمان.. اثاروا الاستياء عبر الحدود مع السعودية.. تشاجروا مع قيادتهم القومية بقيادة (ميشيل) عفلق... وصنفوا محمد حسنين هيكل كعميل للمخابرات المصرية... و(الاكثر اهمية لنا)... زادوا بصورة متقدمة مشاكلهم مع دول الخليج العربية... واصلوا حركة الوفود مع روسيا واوروبا الشرقية، وكذلك الاتفاقات والمبيعات العسكرية والخدمات، ووصلوا مع المانيا الشرقية الى نفس نوع الحميمية الخاصة التي صنعوها مع اليمن الجنوبي، وبلا شك لاسباب متماثلة. وضعوا انفسهم، على صعيد سياساتهم النفطية (انظر الفقرة 8) وبصورة اكثر حدة، تحت رحمة الروس، ونادرا ما يتحول خط افتتاحيات صحفهم الذي بلا نهاية، حول الغرب الامبريالي الى درجة اقل عداوة عما كان عليه من قبل.
7 ـ وأياً كانت الاشارات غير ملموسة، فكل شخص هنا يبدو مقتنعا، والسنة تكاد تنتهي بأن المد عائد، على الاقل بقدر ما يتعلق الامر بأحداث الشرق ـ الغرب. فالتحرر من التجارة مع الشيوعية وعونها على كل لسان. والتأجيل الممتد لزيارة نائب الرئيس صدام حسين الى موسكو في اغسطس مثل واضح، ومضايقة الشيوعيين العراقيين مستمرة على نحو صحي (ليس هناك احتمال، كما علق بعثي حينما تم اطلاق سراح السجناء السياسيين في نوفمبر (تشرين الثاني) بأنهم سيطلقون). والى ذلك بدأ كبار البعثيين يتحدثون علنا عن رغبة النظام في الهجرة تجاه الغرب (فقط اذا قدم الغرب للعملية يد المساعدة) وكل ذلك برغم دعاية النظام المنافقة والرسمية تجاه الروس واصدقائهم. وحتى بالنسبة لفلسطين فهناك اشارات ذابلة تجاه الواقعية، فقد تحركوا من «لا مساومة» الى «لا مساومة الا اذا وافق الفلسطينيون». تلقى حديثك في هورجيت اشارة ايجابية، ولكن فقط على المستوى الخاص. وأيا كان ما يقال حول الطريقة التي ابقوا بها على قواتهم خارج خط النار في الاردن في اغسطس (آب) فلا بد من السماح لاستنتاج بأن الواقعية قد لعبت دورا. ولا بد لي ان اضيف ان زيارة السيد (كما كان ذلك وضعه وقتها) جورج براون في يناير (كانون الثاني) والموقوفة اصلا على فلسطين، يجري ذكرها علنا حتى من اولئك الذين احتقرهم بلا رحمة خلال المناقشات. ولعلي اعتبر ذلك واحدة من اضاءات العام.
8 ـ حول السياسات النفطية والخلافات مع الشركات البريطانية والصراعات الداخلية. وليس فيها جديد يذكر. («الشرق الاوسط»).
9 ـ ومع ذلك، فحقيقة وجود قوى في داخل النظام تتجاذبه نحو اتجاهات معاكسة لا يعني، للأسف، ان الحبل سيلتف ويرمى بالعقدة على ظهرهم. فالجانبان في هذا الصراع، او في لعبة شد الحبل يعرفان ما سيفعله المشاهدون اذا حدث حادث. ولكن، واذا لم يكن كل الامر حيلة سرية، (مثل انتصارات «بطل العالم» العراقي في المصارعة عدنان القيسي ضد متحديه الخارجيين والتي ظلت موضوع الاحاديث الرئيسية في العراق طوال ثلاثة اشهر)، فهناك، وعلى الاقل، حقل واحد يكون فيه جر الحبل قد جذب الاشياء في الاتجاه الصحيح، لانه، واذا لم ننخدع بالمفردات فهناك اشارات لا تخطئها العين للرغبة في اداء المزيد من الاعمال مع الغرب. والرسم البياني لصادراتنا الى العراق في 1970، والذي يظهر زيادة بنسبة 15 في المائة عما كان عليه في عام 1969، يقدم ما يشبع، ولكنه يعكس بصعوبة الرغبة المكررة خلال الاشهر القليلة الماضية، خاصة على المستوى الفني، او اعادة العراق لعلاقاته التجارية والتعاقدية الخاصة مع بريطانيا. وكما هو معتاد فالبعث العراقي لا يستطيع ترجمة الرغبة الى ممارسة، فهو رهين تلك الدائرة المفرغة المعتادة من الانفاق الزائد على القوات المسلحة ونقص السيولة، والاستسلام لتعاقدات اوروبا الشرقية التجارية باغراءاتها. ولكن الرغبة موجودة وملموسة كما عبر عنها المناخ المتحسن الذي صاحب زيارة رجال الاعمال البريطانيين في النصف الاخير من العام.
(... بقية الفقرة عن تحسن في الموقف المالي للبلاد..).
10 ـ قلت في رسالة قبل عام بزهدي في المشاركة في الاعتقاد السطحي بوجود مخزون للنوايا الحسنة تجاه بريطانيا مودع بعيدا في العراق تحت البوابات البعثية. لانه، وتحت التدقيق والفحص الدائم من رجال الامن الموجودين في كل وقت وكل مكان، ببدلهم الداكنة ونظاراتهم السوداء والشوارب الطويلة، تكون فرص الاتصالات مع المتعلمين العراقيين من غير البعثيين ضعيفة بالضرورة. وللعلم، فالابواب قد رفعت قليلا السنتين الاخيرتين، ومع ذلك، وبالتدقيق في اواني السفينة، تم التأكيد لي، من اصدقاء عابسين، بوجود اسرى كثيرين في القبضة. والمرء يملك هنا وميضا حول كيف سيبدو العراق تحت نظام مختلف.
11 ـ ولكن نظاما مختلفا، وفي هذا المجال فقد عززت خبرة عام انطباعاتي السابقة، هو بالتحديد ما لن نحصل عليه. فالنظام الحالي موجود ليبقى، ويتحتم علينا ان نحصل على الافضل او نصنعه منه. فالازدواجية التي ظلت بصورة متزايدة مفتاح الاداء خلال عام 1970، ليست مصدر قوة. ولكن فكرة بعثيي العراق هي العراق اولا ثم بعد مسافة طويلة، عقائد البعث، ولذلك، واذا كان للواقعيين وغير الشيوعيين في اوساطهم ان يحصلوا على سيطرة، علينا بالتأكيد ان نعطيهم دفعة الى الامام بأي شكل نستطيعه. ولا نحتاج، وهو ما آمله، ان تكون الاسطورة الموضوعة الآن رادعا لنا، فالامر يبدو، ولأي فرد في الشرق الاوسط ما عدا البعثيين ونحن، اننا والبعثيون اذ نمد الى بعضنا البعض ايادي في قفازات نعمل ضد مصالح غيرنا وليس مصالحنا.
12 ـ ولكن، وحتى اذا لم يكن البعثيون شرا مطلقا، وحتى مع توصيتي باستخدام ملعقة قصيرة في تناول العشاء معهم، فهم على مسافة من اسداء الشكر او انزاله عليهم. فمع نهاية عام 1970، بدا اصرارهم على تشجيع الاضطرابات في شرق السعودية اكثر ظهورا. وليس هناك مجال للشك في ان الصدام في الخليج بين ما يعتبرونه مصالحهم وبين ما نعتبره نحن وايرانيون والحلفاء الآخرون مصالحنا، سيكون مصدر حساسية اساسية في علاقتنا بهذا البلد. وفي العاصفة، التي قد تنفجر، تتواصل الآمال نحو فهم افضل في المجالات الاخرى التي سبق وان شجعها عام 1970، وان تبقى، وكذلك منظور تسوية بين العراق وشركة نفط العراق ipc (تهددت اصلا بقرارات اوبك في ديسمبر). حالة ضبط النفس في معالجتنا للمشاكل التي يثيرها العراق في الخليج، وكما هو الحال في مجالات الاحتكاك الاخرى، تثبت ان المستفيد المحتمل والوحيد لأي تباعد بيننا وبين العراقيين سيكون الاتحاد السوفياتي.
13 ـ ارسلت نسخا من هذه المذكرة، التي وضع مسودتها سفير الملكة، الى ممثلي الملكة في عدن وعمان وانقرة وبيروت والقاهرة وجدة والكويت وطهران وطرابلس وموسكو وتل ابيب وواشنطن، والممثل السياسي في البحرين وبعثة المملكة المتحدة في نيويورك ووفدها في باريس. دي. اف. هولي بغداد

 

 


   

رد مع اقتباس