عرض مشاركة واحدة

قديم 25-02-09, 03:32 PM

  رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (30) هاجس حماية القصر الرئاسي يدفع بغداد إلى نقل السفارة الأميركية بالقوة
الخلاف مع واشنطن أوشك على دفع الحكومة العراقية إلى طرد السفير البلجيكي
حسن ساتي
تستدعي هذه الحلقة، التي تعود وقائعها الى ثلاثين عاما خلت، سيناريوهات الحاضر بين بغداد وواشنطن، فعلى خلفية خلاف بسيط حول ترحيل سفارة اميركا التي كانت تطل على قصر الرئاسة العراقي بحجة دوافع امنية، قامت الدنيا ولم تقعد بين العاصمتين، واوشكت بلجيكا، راعية المصالح الاميركية ان تدفع الثمن، لتقول الوثائق البريطانية السرية المفرج عنها عن عام 1971 ان العراق لم يفرق دبلوماسيا بين البعثة الدائمة المعتمدة وبين قسم رعاية المصالح.

والمهم ان معركة بغداد وواشنطن حول القضية انتهت على نحو درامي مع لمسات حملت بعض المهازل وفق تقدير ايه. ماكري الدبلوماسي البريطاني في تقريره لرئاسته بالخارجية البريطانية.
وثيقة رقم: 1 التاريخ 5 يونيو (حزيران) 1971 الى: السيدة في. بيكيت الموضوع: العلاقات العراقية ـ الاميركية.. قضية السفارة 1 ـ رأيت نسخاً من الرسائل المتبادلة بين وزارة الخارجية الاميركة وقسم رعاية المصالح الاميركية بالسفارة البلجيكية، والتي مررناها لكم، حول استيلاء العراق على مبنى السفارة الاميركية هنا. ارفق الآن نسخة من الرسالة المتميزة، نوعا ما، والتي تسلمناها من العراقيين بعد يوم من احتلال السفارة الاميركية، وازعم انك تستطيع جمع شيء من التشعب الذي ظل يرافق الحالة منذ 1969. لم ازعجك، الى حد، بالتقارير في هذه القضية لانها ليست شأنا عاجلا بالنسبة لنا، ولكن يبدو الوقت الآن، حافلا بجولات، رغم ان تقديم ذلك بصورة مختصرة يبدو صعبا، وللأسف.
2 ـ على طريق تقديم الخلفية، ابدأ بالقول بانه من المفهوم ان العراقيين مسكونون اصلا بقضية الامن في منطقة القصر الرئاسي، وهو هدف منطقي لاي انقلاب. وسبق لهم ان اعلنوا لبعض الوقت عن نياتهم لجهة حزام امني يبدأ من منطقة جبهة النهر بين كوبري دجلة وفي اتجاه مجرى النهر من القصر والكوبري المعاكس لمجرى النهر لمبنى البرلمان، (والذي يضم مقرنا الحالي المستأجر، والنيات هنا لوقف الحزام الامني على المباني الحكومية فقط. وبما ان السفارة السوفياتية (تقع ايضا في محيط القصر وفي واجهة السفارة الاميركية، ولكنها على الجانب الآخر من طريق رئيسي) ستكون بالكاد خلف حدود هذا الحزام الامني، ولكن السفارة الاميركية تطل عمليا على القصر، ولذلك ليس من الصعب رؤية انها قريبة جدا من مسألة الطمأنينة او السلام النفسي للعراقيين. ولكن، وفي المقابل، فمبنى السفارة الاميركية حديث وحسن التصميم ويحتوي على مبنى قنصلي... (بقية اسطر الفقرة مطموسة، في عملية التصوير.. الشرق الأوسط).
3 ـ بدا الاميركيون وعلى الدوام، على امل في ان يتمكنوا من الاحتفاظ بالمبنى، او على الاقل، واذا كان لهم ان يسلموه او يستسلموا، فليكن ذلك لقاء تعويض معقول. ووفق الافادات التي قدمها لنا السفير البلجيكي، فان وكيل وزارة الخارجية الاميركية، وليس رصيفه السياسي الذي تعامل اصلا مع الموضوع منذ ان واجه مهمة تقديم التوضيح للجنة من الكونغرس حول لماذا تم انفاق كل هذه المبالغ الضخمة على مبنى سفارة هو عرضة للفقدان، هو الذي اي الوكيل، يتعامل مع القضية. وبعد تعثر الجولة الثانية من المفاوضات في فبراير (شباط) الماضي (بسبب العراقيين وليس الاميركيين كما يزعم العراقيون الآن). فان الاميركيين ميالون لاتخاذ خط، وفق افاداتهم الخاصة لنا، يتجه الى تفضيلهم فقدان المبنى كلية عوضا عن القبول برقم ضعيف من التعويض، وكل ذلك على فرضية انهم وحين يعودون للعراق، فسيكونون في وضع يمكنهم من المطالبة بالتعويض الكامل. ظلت دائم الاعتقاد بان هذا التفكير لا يخلو من رؤية مفرطة في التفاؤل. وعلى اية حال، فالاحداث الاخيرة توحي بان عمليات الاقناع الدبلوماسي برهنت على طول مثل هذه العمليات. والعراقيون فقدوا سيرهم وقرروا التركيز على الغاية اكثر من الوسائل، فاعطوا البلجيكيين موعدا نهائيا (مددوه لاحقا لاسبوع) لاخلاء السفارة، قائلين بانهم على استعداد لاستئجارها (بمبالغ ضئيلة). الخارجية الاميركية رفضت في البداية. وطلبوا من البلجيكيين توجيه ام. دسجامبس (السكرتير الاول بقسم رعاية المصالح الاميركية) بان لا يغادر السفارة الا تحت التهديد بزعم توصيل العراقيين الى انتهاك نصوص اتفاقية جنيف (العراق من الموقعين عليها).
في مرحلة متأخرة، لين الاميركيون من مواقفهم لعرض حل توفيقي يمكن من خلاله تلبية هواجس العراقيين الامنية باخلاء البلجيكيين وقفلهم للسفارة، والتي ستظل خالية، الى حين ايجاد حل متفق عليه. ومع ذلك، وعلى اية حال، فقد رد العراقيون بتهديد يتجه الى محاصرة المبنى ومنع عمليات الدخول اليه.
4 ـ الناتج لهذه القضية درامي جدا (مع لمسات للمهازل). دسجامبس (الذي نقل قبل اسابيع متاعه واثاثه) تلقى التوجيهات من السفير البلجيكي بالنوم في السفارة ليلة 22 ـ 23 مايو (ايار) ليرى ما سيحدث. النتيجة كانت وصول قوات القانون والنظام واحتلالها لبهو السفارة. تلاها وصول وفد من وزارة الخارجية العراقية، وتلاهم السفير البلجيكي الذي اعترض بالقول ان ظروف العمل لا تحتمل وبالتالي فان عليه سحب سكرتيره الاول، وقدم في نفس الوقت لوفد وزارة الخارجية رؤية بلجيكية لما حدث وللقضية. بعدها غادر هو ودسجامبس مبنى السفارة، والاخير وضع في آخر اعماق جيبه المفاتيح. ليتم استدعاؤه لاحقا الى وزارة الخارجية حيث، وفي ظروف ليست واضحة لنا تماما، اعلن قبوله للمذكرة التي سبق ان قدمها سفيره، وقد قررت وزارة الخارجية امامه رفضها. بعدها اعلن العراقيون في بيان رؤيتهم للقضية، ومرفق لك نسخة منه.
5 ـ رد الفعل المبدئي لوزارة الخارجية الاميركية كان اتجاها لتحويل القضية الى قضية عامة وعلنية بتجميد الودائع العراقية وقيمتها 2.5 مليون دولار، وطلب الحكومة الهندية بسحب الدبلوماسيين العراقيين من قسم رعاية المصالح العراقية بالسفارة الهندية في واشنطن. ولكن البلجيكيين اثنوهم عن ذلك، واشاروا لهم بان طريقا او حلا مثل هذا، لن يكون مؤذيا لاميركا فقط، وانما لبلجيكا ايضا. وبدا ان الامر في التفريق بين نشاطات بعثة دبلوماسية معتمدة وقسم رعاية مصالح قد كان فوق حصافة العراقيين، فقد اشاروا سلفا للسفير البلجيكي ولدسجامبس بان كليهما قد يعلن بانه شخص غير مرغوب فيه اذا لم تنته القضية لصالح العراق، وفي هذا المنعطف تدخلت الخارجية الاميركية، فقد وافقت الآن بان دسجامبس يستطيع تسليم المفاتيح مع تسجيل اعتراض، رغم انه لا احد، غير العراقيين، سيستفيد بأي شيء من جراء هذا الفعل (ولكن دسجامبس يرى فيه بعض الاعتبار الرمزي)، وكل ذلك غير واضح بالنسبة لي.
6 ـ ها هنا رست القضية. دسجامبس لم يعد لا لبيته ولا لمكتبه. وبقدر استنتاجنا، فالاميركيون تصرفوا ببطء في ايجاد البدائل، رغم ان من الممكن السماح له بالتوقيع على عقد بمكتب منذ مدة. قضية مقر السفارة تبدو بلا اهمية عاجلة لوزارة الخارجية الاميركية بما ان تصرفات العراقيين تحت القيادات الحالية بالجبهة المعادية للرأسمالية قليلا ما توحي بدعوة مبكرة للاميركيين بالعودة. اما بالنسبة لنا، فمصلحتنا الاساسية او المبدئية، على خلفية هذه القضية، هي ما اذا كنا سنتعلم اي تكتيكات سنضع حول مقر سفيرنا، والذي، وبرغم بعده عن القصر، الا انه يقع داخل الحزام الامني المفترض. ربما رأيت برقية السفير رقم 610 التي افادت بموافقة وزارة الخارجية على تمديد عقدنا لحين بناء مقر جديد بشرط ان نبدأ نحن في بناء مقر قبل نهاية العقد في يناير (كانون الثاني). ايه.سي. ماكري السفارة البريطانية ـ بغداد ـ صورة للقنصل بواشنطن ـ وللقنصل ببروكسل

 

 


   

رد مع اقتباس