عرض مشاركة واحدة

قديم 11-06-09, 06:46 AM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

9. تمويل الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين:
جابهت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين مشاكل مالية متواصلة في الحقيقة، فمنذ منتصف عام 1969 لم تكن هذه المنظمة حسبما أوردت التقارير تتلقى تمويلاً من أي دولة، وكانت تعتمد على إسهامات ضئيلة تردها من فروع الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في بلدان عربية أخرى، لا سيما الكويت، وإسهامات من الطلبة العرب ، ومن جامعات أوروبا وأمريكا، كما اعتمدت أيضا على جماعات تجمع التبرعات في الأردن ، وكان حواتمة قد صرح في منتصف عام 1969 أن فدائيي الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين لم يكونوا يتلقون رواتب بل كان الطعام والسكن والكساء هو كل ما يحصلون عليه، وأن كل قاعدة من قواعد الجبهة الشعبية الديمقراطية ينبغي أن تعول على الاكتفاء الذاتي، بحيث تجمع الهبات والإسهامات من الأهالي، وبحلول ربيع عام 1970 كانت إسهامات واشتراكات الجبهة الشعبية الديمقراطية قد هبطت بشكل حاد عن المستوى المتدني الذي كانت عليه من قبل، حسبما أوردت التقارير ، وذلك بسبب سوء الوضع الاقتصادي العام في الأردن ، وواجهت هذه المنظمة متاعب جمة لمجرد أنها كانت عاجزة عن تغطية مصاريف وكلفة نشاطاتها التي جرى تعليق الكثير منها جراء ضيق ذات اليد.

وقيل بحق تلك الفترة : إن الصندوق كان يعاني من المديونية، وكان عاجزاً حتى عن شراء الأسلحة.
لذا كانت حيازة الأسلحة مشكلة مزمنة عويصة لازمت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين دهراً مديداً وأعياها حلها، وقبل تشكيل قيادة الفدائيين المشتركة للكفاح المسلح الفلسطيني في فبراير/ شباط من عام 1969 التي سمحت للجبهة الشعبية الديمقراطية من خلالها أن تشتري بعض الأسلحة لفترة وجيزة، اضطرت الجبهة الشعبية الديمقراطية إلى تكبد كلفة باهظة لشراء الأسلحة من السوق السوداء في الأردن ، وفي يونيو/ حزيران من عام 1969، أكد أحد قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين أن الجبهة تواجه تارة أخرى صعوبات في الحصول على الأسلحة لأنه لم تكن هناك حكومة عربية واحدة تمدها بها (12).

وعندما انشقت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين عن الجبهة الشعبية الديمقراطية التمست، حسبما أوردت التقارير العون من الكوبيين والصينيين، ولم تعرض كوبا سوى تدريب الفدائيين، وقيل : إن الصينيين أيضا رفضوا مد يد العون، باستثناء توفير بعض التدريب إلى أن تبدي الجبهة الشعبية الديمقراطية تحولاً نحو ما اعتبرته بكين نهجاً ماركسياً لينينياً أكثر انضباطاً، وكانت بكين تعني بهذا على ما يظهر وبوجه خاص إقامة قاعدة للعمليات داخل المناطق المحتلة وإنهاء العمليات الإرهابية، التي كانت تنعت من قبل الصينيين بأنها "نزعة مغامرة" ..

وفي يونيو/ حزيران من عام 1969 صرح أحد قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، واسمه محمد كشلي أنه في التحليل النهائي لم يكن الصينيون قادرين على مساعدة العرب، في حين كان بإمكان الاتحاد السوفييتي القيام بذلك، حتى ولو أن السوفييت كانوا يعارضون الحل العسكري للقضية الفلسطينية.
كان تصريح كشلي يمثل بداية تحوّل تدريجي في توجهات الجبهة الشعبية الديمقراطية ، وما تركز عليه من أولويات، ويكشف عن تباعد مذهل ما بين مواقف الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين النظرية (التي تميل نحو الصين) وموقفها العملي (إذ ابتغت العون من الاتحاد السوفييتي).

وفي مارس/آذار من عام 1970 قال حواتمة : إنه رفض دعوة وجهتها إليه الصين لزيارة بكين لأنه كان يأمل بتلقي عونا سوفييتيا (13) .
في أواخر يونيو/حزيران من عام 1970 صرّح مصدر في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين بأن منظمته كانت تعارض في الأصل زيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية لموسكو في فبراير/شباط لأن الجبهة الديمقراطية كانت تعتبر السوفييت "يمينيين"، لكنها تحولت بعد ذلك إلى "موقف مستقل" ينادي بقبول العون من أي مصدر كان ، وترجحت بهذا الصدد نظرية أن هذا التحول إنما أملاه الأمل الذي راود الجبهة الديمقراطية بأن يؤمن الاتحاد السوفييتي مثل هذا الدعم إلا أن العديد من المصادر أكدت أنه ومنذ يونيو/حزيران من عام 1970 لم يتم استلام أي عون سوفييتي، وأشار مصدر في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى أنه على الرغم من تغيير التكتيكات التي طرأت فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ظلت معارضة للاتحاد السوفييتي من حيث المبدأ لأسباب شتى، بما فيها مواقف السوفييت فيما يتصل بالتسوية السلمية ووجود "إسرائيل "، وأشارت مصادر أخرى في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى الاستياء من استعداد الاتحاد السوفييتي لتقديم العون لفتح "الرجعية" وأكدت أن السوفييت لا يسعهم تلقين أعضاء الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين وتدريبهم سياسياً ؛ لأن هذه المنظمة كانت تعتبر نفسها أكثر لينينية وماركسية من السوفييت أنفسهم.

وتلقت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين بعض الدعم والمساعدة من فتح في بداية انطلاقتها ، وجاء هذا التحالف غير المألوف أو المتوقع ثمرة لرغبة عرفات بتقويض زعامة حبش، الذي كان من الجلي أنه أكبر منافس له على قيادة حركة الفدائيين ، وكانت فتح والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين على طرفي نقيض على أية حال، وتباعد بينهما اختلافات جذرية كبرى تستعصي الحفاظ على علاقات ودية وطيدة.

وفي أواسط عام 1969 قال مصدر في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين : إن علاقات منظمته مع منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد حميمة ، وإن قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني التي تسيطر عليها فتح قد توقفت عن إمدادها بالسلاح ، وأنها منعت أعضاء الجبهة الشعبية الديمقراطية من النقاش الأيديولوجي أثناء اجتماعات قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، لأن هذه القيادة لم تكن تريد أن يرتبط اسمها بالبرنامج والمنهج الأيديولوجي والسياسي الراديكالي للجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكانت تبتغي النأي بنفسها عن تلك المناخات الجدلية الفكرية (14).

فيما أشاحت الجبهة الشعبية الديمقراطية بوجهها، وتحولت عن فتح بعد أن تدهورت العلاقات واحتدم الخلاف، أقامت تحالفاً قصير الأجل مع منظمة الصاعقة الفدائية السورية وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1969 التقى في دمشق زعيم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة ومحسن إبراهيم بصلاح جديد الأمين العام لحزب البعث الحاكم في سوريا، الذي وعدهما بتقديم العون إذا أوقفت صحيفة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين "الحرية" انتقادها لسوريا.

ولم يتم التثبت مما إذا كان السوريون قد قدموا الدعم أم لا، إلا أن هذا التودد كان النتيجة المنطقية للتحالف الوجيز للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، منافسة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين مع منافس سوريا البعث العراقي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1968 انسحب أحمد جبريل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وترجح الافتراض بأنه جر معه في غمرة انسحابه العناصر ذاتها التي كان أتى بها إلى الجبهة الشعبية الديمقراطية في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1967.
وأطلق جبريل على جماعته الجديدة المنشقة اسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة ، وكانت حجته ووجهة نظره التي دفعته للإقدام على هذه الخطوة أن حركة القوميين العرب قد أخلّت باتفاقها الأصلي بألا تسعى لفرض أيديولوجيتها على جماعة من الفدائيين، وزاد جبريل بأن اتهم حركة القوميين العرب بأنها جعلت شغلها الشاغل التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى بدل أن يكون قتال "إسرائيل " هو همها الأكبر.

والقيادة العامة هذه جماعة صغيرة جداً (ربما لم يكن عدد أعضائها يربو على المائة)، إلا أنهم كانوا على مستوى عال من التدريب العسكري، كما أوردت التقارير أنهم على درجة رفيعة من الاقتدار التقني والمهارة والكفاءة، ولا سيما عام 1969، كانت "القيادة العامة" ثلاثة أقسام، الجناح العسكري برئاسة جبريل، والجناح السياسي برئاسة فضل شرورو، والجناح المالي برئاسة زكي الشهابي، الذي أنيطت به مهمة جمع التمويل.

ونفت القيادة العامة وجود أي نية لديها أو رغبة بالإطاحة بالحكومات العربية أو التعدي على أو تقويض سيادة تلك الدول.
وكان من المعتاد أن تتخذ القيادة العامة مواقف معتدلة نسبياً تجاه حكومة الأردن ، ومن ناحية أخرى كانت هذه القيادة عضواً في قيادة الفدائيين الموحدة التي أنشئت في فبراير/ شباط عام 1970 لمقاومة الضغوط الأردنية ، وعلاوة على ذلك تبنى جبريل والقيادة العامة موقفاً معانداً ومتصلباً جداً خلال حرب سبتمبر/ أيلول 1970 في الأردن ، وكانت هذه المنظمة الناشئة تمانع في وقف إطلاق النار وترفضه.

ويقال : إن القيادة العامة تكبدت خسائر فادحة خلال حرب الأردن الأهلية، وقررت في نهاية المطاف مترددة بعد أزمة الموافقة على الالتزام بشروط وقف إطلاق النار وهي تضمر امتعاضاً شديداً، وذلك كي تحاول إعادة بناء قواتها ، ولدى القيادة العامة خطة طوارئ تتحول بمقتضاها إلى العمل السري تحت الأرض إذا ما حاول الأردنيون تصيفتها.

ولطالما عانت القيادة العامة من مشكلة مالية عويصة مزمنة، وتقدمت بطلبات عدة لجهات شتى التماساً للعون ، وزار جبريل العراق في عام 1969 في محاولة للحصول على أسلحة ، وأوردت التقارير أن القوات العراقية في الأردن وافقت في أوائل عام 1968 على تزويد القيادة ببعض الأسلحة ، وأوردت التقارير أن الجمهورية العربية المتحدة قامت في أعقاب انفصال جبريل عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مباشرة في عام 1968 بإمداد جماعته بحوالي 150 قطعة سلاح.

ورغم ما راج من تكهنات في تلك الآونة حول أن جبريل كان يحظى بدعم السوريين، لم تظهر إشارات وبيانات لاحقة تؤيد مزاعم دعم السوريين لجماعته.
وفي أغسطس/ آب من عام 1970 زار ممثل عن القيادة العامة دمشق التماساً للعون، إلا أنه عاد، حسبما قيل بخفي حنين، وأخبره السوريون بأنهم لن يسمحوا أبداً بانطلاق أي عمل فدائي ضد "إسرائيل " تقوم به أي جماعة من الأراضي السورية.
كما زار وفدان من القيادة العامة المملكة العربية السعودية في أواسط عام 1969 في محاولة غير ناجحة للحصول على تمويل.
وقيل : إن جبريل كان يفكر بمسعى آخر في أغسطس/ آب عام 1969، وخطط كي يقوم التماسه الجديد على أساس ما دعاه بالنهج المحافظ الجديد للقيادة العامة (أي الاتجاه الأكثر مسايرة وموالاة للسعودية)، في أعقاب الردة عن نهجه التي تولتها الأجنحة الناصرية الميول ضمن جماعته (وهي تحمل الآن اسم منظمة فلسطين العربية).

وخطط جبريل أيضا في تلك الفترة على أية حال للتهديد بتخريب خطوط أنابيب التابلاين إذا رفض السعوديون، موضحاً أن جماعته هي الوحيدة التي تمتلك الخبرة لإنجاز مثل هذه المهمة، وأن القيادة العامة هي التي عملت ودربت الجبهة الشعبية على القيام بنجاح بعملية نسف وتخريب الخطوط في مايو/ أيار من عام 1969. وليس ثمة من دليل يؤكد أن توسلاته وتهديداته أجدت نفعاً مع السعوديين.

وفي عام 1969 استطاعت القيادة العامة تدبر أمر شراء بعض الأسلحة من أوروبا الشرقية ، وعندما انهارت المفاوضات مع بلغاريا جرى شراء 150 بندقية كلاشنكوف من البولنديين، وكان نائب جبريل محمد بوشناق هو من نجح في إبرام الصفقة ، وتم الاتفاق على شحن البنادق إلى القيادة العامة عبر العراق.

10. منظمة العمل لتحرير فلسطين :
جماعات الفدائيين المستقلة الصغيرة :
في أوائل عام 1969 انشقت جماعة يقودها عصام السرطاوي عن فتح (15 ) وجاء هذا الانشقاق، حسبما راجت الأقاويل، ردة فعل غاضبة تجاه ممارسات عزيت إلى عرفات (16 ).
وبين السرطاوي أن سبب غضبه هو ما اعتبره رفض عرفات تعيين كل من لم يكن عضواً في جماعة الإخوان المسلمين في منصب قيادي في فتح ، وربما انطوى هذا الاتهام على قدر لا بأس به من الحقيقة، فنشأة عرفات ومشاربه ومذاهبه الأولى إخوانية، وفتح ترجع في أصولها إلى جماعة الإخوان المسلمين، وحافظ الكثير من قادة فتح على صلاتهم بالإخوان.
وأشار مصدر آخر إلى أن السرطاوي كان عروبي النظرة، وكان يعتقد أنه ينبغي تجنيد العرب الثوريين من كافة البلدان وعدم الاقتصار على الفلسطينيين، إذ إن قضية فلسطين تهم العرب جميعاً.
ومن بين الأسباب الأخرى لانشقاق السرطاوي رغبته في توحيد أؤلئك الفلسطينيين الذين يناصرون إما البعث السوري أو العراقي ويؤيدونه ، وأورد أحد المصادر في تقرير له أن "منظمة العمل لتحرير فلسطين" أقامت علاقات حميمة إلى حد ما مع العراق، وأنها أصبحت تابعة للقوات العراقية في الأردن، في حين ذهب

مصدر آخر إلى أنه منذ ديسمبر/ كانون الأول 1969 ظلت "منظمة العمل لتحرير فلسطين" مستقلة عن سوريا والعراق كليهما ، وربما كانت هذه التقارير جميعها على تناقضها الظاهري صحيحة ، ففي منتصف مايو/ أيار من عام 1970 قال السرطاوي : إنه قد حصل سوء تفاهم مع العراق الذي كان وعد بتقديم دعم مالي لمنظمة العمل لتحرير فلسطين، ونظراً إلى أن هذه المنظمة رفضت الرضوخ للهيمنة العراقية، وأنه يخشى أن يرجع العراق في كلامه ، ويحنث بالوعد الذي قطعه على نفسه.
وعلاوة على ذلك كان العراقيون قد أنشئوا في تلك الفترة فصيلهم الفدائي المسمى "جبهة التحرير العربية" الذي أصبح تابعاً لهم ، ويشكل قوة تنتهج أسلوب حرب العصابات، فلم يعودوا بحاجة إلى منظمة العمل لتحرير فلسطين، وفي صيف عام 1970 بدت منظمة العمل لتحرير فلسطين وكأنها أخذت تتخذ مواقف موالية إلى حد ما للجمهورية العربية المتحدة، إذ راحت تدافع عن القبول المصري بمبادرة روجرز لوقف إطلاق النار.
ودعت منظمة العمل لتحرير فلسطين في كتيب نشرته في ربيع عام 1969، إلى شن حرب تحرير شعبية يشارك فيها العرب قاطبة شريطة أن تلعب القضية الفلسطينية الدور المحوري الرائد في هذا المعترك ، كما دعت إلى توحيد العمل الفدائي والتصدي لكل محاولات تصفية الفدائيين ومقاومتها.

وفي أواسط مايو/ أيار من عام 1969 زعم السرطاوي أن عدد هذه الجماعة يصل إلى 400 رجل، إلا أن هذا يحتمل أن يكون مبالغة من قبله، ومن المشكوك فيه أن يكون عدد أفراد هذا الفصيل يزيد على مائة عنصر ، وصرح السرطاوي أن "منظمة العمل لتحرير فلسطين" قد قامت ب 13 عملية فدائية في الأراضي المحتلة ، وأعلنت منظمة العمل لتحرير فلسطين أيضا مسؤوليتها عن هجوم على شركة الطيران "الإسرائيلية" "العال" في ميونيخ في فبراير/ شباط من عام 1970، وفي مقابلة له مع مجلة "شتيرن" في مارس/ آذار صرح السرطاوي بأن منظمة العمل لتحرير فلسطين قد أخذت على نفسها عهداً بملاحقة العدو "الإسرائيلي" حيثما استطاعت مطاردته ، وحيثما وجدت إلى ضربه سبيلاً.

11. جبهة النضال الشعبي (يشار إليها في بعض الأحيان جبهة النضال الشعبي الفلسطيني)
تأسست جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بعد حرب 1967، كمجموعة صغيرة مستقلة من القوميين العرب، وكانت تدار في المرحلة الأولى من الضفة الغربية المحتلة، وفي ظل الضغوط المتزايدة من قبل "الإسرائيليين" أجبر معظم أعضائها على الهروب باتجاه الضفة الشرقية في منتصف عام 1968، حيث اندمجوا لفترة مؤقتة مع منظمة فتح ، وبعد بعضة أشهر انفصلت المجموعة عن فتح ، وبدأت في تنسيق نشاطاتها مع قوات التحرير الفلسطينية (جناح الفدائيين في منظمة التحرير الفلسطينية) وباتت تعتمد على المنظمة في الحصول على السلاح والمؤن (17).

يقع المكتب الرئيسي لجبهة النضال الشعبي في عمّان، وكان يرأسه خالد مرعي في أوائل 1969، ووفقا لأحد التقارير بلغ إجمالي عدد رجال الجبهة في كافة قواعدها حوالي 200 في فبراير/ شباط 1970، فيما أفاد تقرير آخر بنفس العدد في أبريل / نيسان 1970.
في فبراير/ شباط 1969 أصبح بهجت أبو غربية قائد جبهة النضال الشعبي (18). وأفاد تقرير بأن بهجت أبو غربية، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قد استقال في فبراير احتجاجا على تولي فتح زمام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، وقال أحد المصادر: إن بهجت أبو غربية ماركسي ، ولا تتوفر معلومات كثيرة عنه.

في سبتمبر/ أيلول 1969، انضمت جبهة الكفاح الشعبي إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، ولكنها في مارس/ آذار 1970 أصدرت مذكرة تدعو فيها إلى تعزيز القيادة الموحدة للفدائيين، وإلغاء قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وعلى غرار المجموعات الفدائية الصغيرة الأخرى كانت جبهة النضال الشعبي تخشى من خطط منظمة فتح الرامية إلى تصفيتها، وعليه كانت ترغب في تقويض قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني الخاضعة لمنظمة فتح.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 1969 أعلنت جبهة النضال الشعبي مسؤوليتها عن تفجير مكتب شركة طيران العال في أثينا، وفي أبريل / نيسان 1970 صرح أبو غربية بأن الجبهة مسئولة عن تفجير مكتب العال في إسطنبول، ومكتب شركة بان أميريكان في إزمير ، وفي تلك المرحلة لخص أبو غربية إستراتيجية جبهة النضال الشعبي على الشكل التالي:

"في هذه المرحلة.... نحن مجبرون على توجيه عملياتنا إلى أقصى حد ممكن، وفقاً للخطة المدروسة، بشكل خاص ضد أمريكا، زعيمة الإمبريالية". وقال : "إن ضرب العدو في المناطق البعيدة سيساعد في تصعيد العمل العسكري داخل المناطق المحتلة".
في يوليو/ تموز 1970، قام ستة أعضاء من جبهة النضال الشعبي بخطف إحدى طائرات شركة الخطوط الأولمبية المتجهة من بيروت إلى أثينا ، واحتجزوا أفراد الطاقم والركاب رهائن وطالبوا بالإفراج عن سبعة فدائيين مسجونين في اليونان.

وتم التفاوض على عملية التبادل عبر وسطاء من الصليب الأحمر، وبذلك أصبحت جهة النضال الشعبي أول مجموعة مسلحة عربية تنجح في تحرير معتقلين مدانين ومحتجزين.

12. منظمة فلسطين العربية(تسمى أيضا منظمة تحرير فلسطين العربية) :
في أغسطس/ آب 1969، أعلن ناطق رسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية أن قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني قد قبلت في صفوفها مجموعة تطلق على نفسها اسم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة جناح المستقلين". ونشأت هذه المجموعة التي كان يقودها أحمد زعرور كفصيل معارض في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، وموال لعبد الناصر.

ولم تنجح محاولة زعرور في الاحتفاظ باسم القيادة العامة عندما هدد القائد العام أحمد جبريل بمحق مجموعة زعرور إن لم يتم تغيير الاسم، وعليه تم اعتماد اسم "منظمة فلسطين العربية".
وبعد ذلك بفترة قصيرة أشار جبريل إلى أن زعرور وجماعته قد انسلخوا قبل بضعة أشهر، موضحا أن "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة" أصبحت أكثر تماسكا على الصعيد السياسي (بمعنى اقترابها أكثر من السعودية) بغياب فصيل زعرور اليساري ، وفي صيف عام 1970، دعمت منظمة فلسطين العربية باقتضاب قبول عبد الناصر للاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار.
من الواضح أن منظمة فلسطين العربية صغيرة الحجم جدا (أقل من 50 عضوا) ولم تقم بأعمال تذكر ، وفي أغسطس/ آب 1969 تبنت المنظمة تفجير الجناح "الإسرائيلي" في المعرض الدولي بمدينة إزمير التركية.

13. المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين (تسمى أيضا منظمة الشعب العربي لتحرير فلسطين) :
لا تتوفر معلومات كثيرة عن هذا المجموعة باستثناء أنها كما يقال متعصبة للشيوعية ، وتدعم الخط الصيني، وأشار تقرير في عام 1970 إلى أنه قد تم تأسيس هذه المجموعة تحت رعاية سورية في عام 1967، وأنها انضمت إلى الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في يونيو/ حزيران 1969.

وفي فبراير/ شباط 1970، أكد تقرير خاص بدمشق ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أن المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين كانت منضوية تحت لواء الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، ولكنه كشف أيضا أنها فسخت هذا التحالف ، وقيل : إن قائدي المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين (محمد فياض وإبراهيم خريشة) هما شيوعيان سابقان، وفي ربيع عام 1970 أفيد بأنها تستقطب شيوعيين انفصاليين موالين للسوفييت، وغيرهم من الفلسطينيين المصدومين إلى جانب شيوعيين موالين للصين.

وقيل : إن المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين تتخذ من عمّان مقرا لها، وفي فبراير/ شباط 1970، انضمت المجموعة إلى قيادة الفدائيين الموحدة ، ولم تقم المجموعة بأي نشاطات "إرهابية".

14. هكذا ولدت "الصاعقة" و"جبهة التحرير العربية" و"الأنصار"
طلائع حرب التحرير الشعبية "الصاعقة" باعتباره أحد مساندي النشاطات ضد "إسرائيل " قدم نظام البعث السوري الدعم المتواصل للعمل الفدائي، وعلى أية حال حرص السوريون على وضع حد لانطلاق العمليات الفدائية من الأراضي السورية، وشجعوا على القيام بعمليات فدائية انطلاقاً من الأردن ولبنان.
وفي أعقاب حرب يونيو/حزيران عام 1967 بدأ السوريون يدربون مجموعة من جندهم على أساليب ومناهج حرب العصابات.

وفي خريف عام 1967 ذكرت التقارير أنهم رتبوا لعدد من الضباط الصينيين كي يقدموا إلى سوريا للإشراف على مثل هذه الدورات التدريبية، وابتعث السوريون علاوة على ذلك مجموعة من السوريين توجهت إلى الصين للانخراط في دورة تدريبية تستغرق 30 يوماً(19).

في هذه الفترة المبكرة إثر حرب يونيو 1967 كان السوريون لا يزالون يقدمون كذلك دعماً ضخماً لفتح إلا أنه وابتداء من عام 1968 ثمة جفوة بدأت تتعمق بين فتح والنظام السوري، وفيما أخذت فتح تنأى بنفسها عن سوريا لنفورها من فكرة تسليم زمام أمورها، ومفاتيح قراراتها لهيمنة دمشق، وانتهج السوريون سبيلاً آخر في التعامل مع فتح بعد أن أدركوا ضرورة التفتيش عن بدائل فبدءوا يكثفون تركيزهم واهتمامهم فبسطوا رعايتهم وأغدقوا دعمهم على مجموعة جديدة من الفدائيين تكونت من فلسطينيين مقيمين في سوريا ، وتهيمن عليها سوريا هيمنة كاملة.

وهكذا ولد تنظيم الصاعقة، وأجازت سوريا جمع التمويل والتبرعات للصاعقة (كانت الغالبية العظمى منها تأتي من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا).

وفي أواسط عام 1968 ذكرت التقارير أنه كان للصاعقة ثلاثة معسكرات تدريب في دمشق ، ولم يلبث حضور الصاعقة أن امتد إلى الأردن، وبحلول ربيع عام 1968 سرت أقاويل بأن ثمة 150 عنصراً مسلحاً مقاتلاً من الصاعقة كانوا في وادي الأردن الشمالي ومنطقة إربد وفي حين أوعز السوريون لهؤلاء الرجال بأن يتعاونوا ابتداء من الحكومة الأردنية ومع الجماعات الفدائية الأخرى، لا سيما فتح، روت التقارير أيضا أنهم كانوا على يقين من أن هدفهم النهائي إنما هو اختراق هذه الفصائل وأمثالها والهيمنة عليها.

وفي خريف عام 1968 حدث انشقاق في منظمة الصاعقة وشكل قائدها الأصلي طاهر دبلان، وهو بعثي متقد الحماس ، وعقيد سابق في الجيش السوري جماعة جديدة أطلق عليها اسم "فرق النصر" وسبب هذا التصدع لم يتضح حتى الآن، إذ ذهب أحد التقارير إلى أن دبلان شعر بأن السوريين خذلوه لذا يمم وجهه شطر الجمهورية العربية المتحدة ملتمساً الدعم.

وأنحى مصدر آخر باللائمة في هذا الانشقاق على صراع على السلطة نشب بين دبلان ونمير حافظ ، فعندما شرعت جماعة دبلان بالقيام بعملياتها في منطقة محصورة محددة جنوبي البحر الميت ، سرعان ما هب الجيش الأردني لوقف عمليات دبلان، ثم وقع من بعدها صدام مفتوح ومواجهة بين دبلان والسلطات الأردنية في نوفمبر من عام 1968.

واصطفت منظمة التحرير الفلسطينية وفتح مع الأردن فدمرت جماعة دبلان.
ولحق بمنظمة الصاعقة أذى بالغ جراء هذا الانشقاق، بيد أن النظام السوري سرعان ما بادر إلى تعزيز معسكرات "الصاعقة" التي كانت منتشرة إلى الشمال من إربد في الأردن وواصل دعمها بشكل مضطرد، وبحلول بداية عام 1969 تحدث المراقبون الذين يعدون التقارير عن أن "الصاعقة" دربت نحو ألف ضابط وجندي، غير أن هذه التقارير أكدت كذلك أنه على الرغم من العديد من البيانات التي صدرت عن دمشق فإن الصاعقة لم تنشط قط للقيام بعمليات ضد "إسرائيل " وأعرب العديد من ضباط قوات التحرير الفلسطينية عن خوفهم من أن الصاعقة لم تزرع في الأردن إلا لتدمير الملك حسين في المقام الأول، ودعم هذا الاستنتاج تقرير ل "ثمة حذف هنا" في أواخر عام 1969 يفيد بأن سوريا دأبت على تكديس الأسلحة (التي كان السوفييت مصدر معظمها) في قواعد "الصاعقة" وتوزيعها من ثم على عناصر حزب البعث في المدن الأردنية ..

وفوق ذلك قيل : إن الصاعقة كانت تدرب أعضاء محليين في حزب البعث على استخدام هذه الأسلحة.
وأشار تقرير آخر أعده (ثمة حذف هنا) في أواخر عام 1969 إلى أن قائد قوات الصاعقة العسكري في الأردن كان دافع جمعاني (المشهور بكنية أبو موسى)، وأن التنظيم العسكري ينقسم إلى قطاع شمالي (تحت قيادة حاجم هنداوي، المكنى بأبي مروان) وقطاع أوسط (يرأسه محمود المعايطة، المكنى بأبي الوليد) وقطاع جنوبي (بقيادة علي الطراونة).

وكان لكل قطاع قاعدة (أو عدّة قواعد) جرى بعدها بزمن تجزئتها إلى زمر صغيرة وأرهاط ، يتكون الرهط منها من خمسة عناصر.
وقال الناطق باسم "الصاعقة" في خريف عام 1969 : إن لمنظمته قيادة متحركة كانت ترابط أغلب الأحيان في الأردن وفي أوقات أخرى في سوريا، وإن لها أيضا قيادات محلية وأجنحة سياسية في البلدان العربية (20 ).

وأضاف أن غاية الصاعقة تحرير فلسطين، ومن ثم انتهاج السبيل الاشتراكي، واتباع تعاليم الاشتراكية".
وفي حين لم تشارك الصاعقة ذاتها في أي عملية فدائية ضد "إسرائيل " انبرى الناطق باسمها لامتداح بعض العمليات مثل اختطاف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين طائرة تابعة لخطوط twa قائلاً إن مثل هذا العمل كان جيداً لأنه يضرب المصالح الأمريكية، ويتيح للعرب فرصة تبادل الأسرى مع "إسرائيل ".
وفي حين تجمع التقارير على الجزم بالرأي الذي يذهب إلى أن تنظيم الصاعقة من إنتاج البعث السوري يقيناً، يثور سؤال بخصوص أي من أجنحة البعث المتناحرة في سوريا كان يهيمن على منظمة الصاعقة وكان اثنان من أكبر قادة "الصاعقة" في عام 1969، وهما رئيف علواني، وإبراهيم العلي، حسبما شاع القول، من أخلص الضباط الداعمين لصلاح جديد، رأس القيادة القومية لحزب البعث التي كانت تناوئ الجناح الذي يقوده وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد (21 ) ..

والذي تسنى له ترجيح كفة هيمنته قليلاً في سوريا في أوائل عام 1969 إلى أن استطاع حسم الأمر ، واستتب له الوضع ، وسيطر على الحكم في أكتوبر من عام 1970.
كما انغمس رئيس الوزراء السابق يوسف زعيّن ، وهو عضو في الجناح الذي كان يقوده صلاح جديد في شؤون الصاعقة بصورة متعمقة.
ويوحي تقرير أعد في ربيع عام 1969 بأنه كانت هناك خلافات حادة وخطيرة داخل سوريا بشأن النهج الذي ينبغي للصاعقة أن تسير عليه، وبين هذا المصدر (ثمة حذف هنا) أن الاضطرابات والقلاقل التي أقضت مضجع لبنان في ربيع عام 1969إنما رسم خططها وصممها جناح صلاح جديد لإثارة المتاعب وتعقيد المشاكل ، وتأزيم الأمور بين الحكومتين السورية واللبنانية، وحسب تقرير ل"ثمة حذف هنا" فقد تحدث رئيس الأركان العامة السوري، الظاظا، وهو أحد مؤيدي الأسد، إلى علواني، والذي كان وقتها مسئولاً عن الصاعقة في لبنان ، وقال له : "لم نتفق على ما تقومون به في لبنان ، وينبغي أن تدركوا هذا".

وحظيت هذه التقارير والأنباء عن هذه الثنائية وهذا الانقسام بمزيد من التأكيد والتوثيق لاحقاً في مارس من عام 1970 على لسان ياسر عمرو، وهو أحد أعضاء اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، الذي قال : إن الصاعقة لا يتم إمدادها ودعمها من قبل الجيش السوري بإمرة وزير الدفاع ، الذي أجهض في كثير من الأحيان نشاطات الصاعقة لأن الوزير حافظ الأسد معادٍ للصاعقة، وبين عمرو أن الصاعقة تعتمد في دعمها وإمدادها على صلاح جديد ويوسف زعين.

وفي بداية يونيو من عام 1970 جرى تعيين الرائد عزيز خضورة نائباً لقائد قوات الصاعقة في لبنان، ربما عكست هذه الخطوة تحركاً لحافظ الأسد لبسط هيمنة كاملة على الصاعقة، إذ قيل : إن خضورة كان من مؤيديه في حين كان النائب الآخر مصطفى دن حسبما ذكرت تقارير يدعم صلاح جديد.

وكذلك اشتمل القرار الذي أعلن عن هذا التغيير على تنمية المسئول علواني، الذي كان يناوئ الأسد على ما يظهر، عن قيادة قوات الصاعقة في لبنان، وتم في نهاية المطاف استبداله بزهير محسن الذي لم يعرف حتى الآن ولاؤه ولا مع من يتعاطف، وتؤكد تقارير أخرى في عام 1970 أن عملية الغربلة والتطهير كانت تجري على قدم وساق في صفوف كوادر الصاعقة القيادية في لبنان، وأوحت هذه التقارير بأن تلك الخضة التي نالت من قيادة الصاعقة إنما كانت تعكس الصراعات المحتدمة ضمن نظام البعث السوري.

وبغض حافظ الأسد المتأصل للصاعقة، الذي غالباً ما تحدثت عنه التقارير (والذي ربما كان ينبع جزئياً من التهديد المحتمل الذي يمكن أن تمثله هذه القوات سواء للجيش النظامي أو لشخص حافظ ووضعه ومنصبه) ظهر جلياً في أواخر أكتوبر من عام 1970 فأثناء انعقاد المؤتمر القومي لحزب البعث السوري الذي أوردت التقارير أنه تزامن مع قرار اتخذ حينها بطرد الأسد، وقال : إن الأسد سارع يومها بالرد باستبدال حرس المؤتمر من عناصر الصاعقة برجاله المختارين من الجيش النظامي، ومن ثم استولى على السلطة ، وبسط هيمنته الكاملة.

وذكرت التقارير أنه أبقى كلاً من رئيس الدولة آنذاك نور الدين الأتاسي ورئيس الوزراء السابق يوسف زعين تحت الإقامة الجبرية ، وكان زعين ضليعاً في أمور الصاعقة متعمقاً في شئونها ، ويحيط علماً بنشاطاتها وعملياتها ، وأما مستقبل هذه المنظمة فيكتنف آفاقه ضباب كثيف في الآونة الراهنة بعد تتابع هذه الأحداث.
ـــــــــــــــ
الهوامش :
(1) كانت حركة القوميين العرب قد شاركت في حقيقة الأمر في تنظيم للمنفيين السوريين مقيم في بيروت، يدعى الجبهة التقدمية القومية (بزعامة أكرم حوراني) وكان نظام دمشق يخشى نوايا هذه الجماعة، وقد انفصلت حركة القوميين العرب عن هذه الجماعة في يوليو/ تموز 1968 عندما قبل حوراني عضوية بعثي يميني هو أمين الحافظ ، وعندما كان حبش في السجن في سوريا تطورت المعركة الفئوية ضمن حركة القوميين العرب، وحسبما ورد في تقرير غير مؤكد كانت جماعة حواتمة في حقيقة الأمر تتلقى الدعم من السوريين، الذين كانوا يرغبون في تحطيم حبش ومنظمته.
(2) ادعى جبريل أن حركة القوميين العرب كانت قد أصرت على أنه وجماعته قد ألحقوا أنفسهم باتجاه حركة القوميين العرب ، كما قال : إن حركة القوميين العرب كانت تخطط للتدخل في شئون الدول العربية الأخرى ، وأن ضباطاً عسكريين كان يجري استبدالهم بعقائديين أشد اهتماماً بالحصول على سلطة سياسية من اهتمامهم بحل القضية الفلسطينية، وقال : إن حركة القوميين العرب كانت تستخدم جماعته شبه العسكرية الأصلية (شباب الثأر) لكسب السيطرة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1968 قاد محاولة لإبعاد "شباب الثأر" عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد انحاز "أبطال العودة" إلى جانب شباب الثأر، وكانت نتيجة لهذا الصد أن جبريل ذاته قد ترك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
(3) في مقابلة مع مجلة "لايف" في يونيو 1970، بدا حبش كأنه قد حوّل تركيزه إلى حد ما: ما أراده هو حرب على غرار حرب فيتنام، ليس فقط في فلسطين بل في كافة أنحاء العالم العربي ، وذهب إلى حد القول : إن الأمة العربية برمتها يجب أن تدخل الحرب ، وأنه خلال 3 أو 4 سنوات ستنهض القوى الثورية في الأردن وسوريا ولبنان لمساعدة الفلسطينيين.
4) قبل انقسامها في فبراير 1969 قامت الجبهة بخطف طائرة العال إلى الجزائر (يوليو 1968)، بالهجوم على طائرات العال في أثينا (ديسمبر1968) وزيوريخ (فبراير 1969) وبعد الانقسام تبنت الجبهة عملية تفجير خط أنابيب التابلاين عبر البلاد العربية (مايو 1969) واختطاف طائرة تي دبليو إيه إلى دمشق (أغسطس 1969) وتفجير مكتب شركة "zim" للشحن في لندن (أغسطس 1969) وسفارتي "إسرائيل " في لاهاي وبون (سبتمبر 1969) ومكتب شركة "العال" في بروكسل (أيضا في سبتمبر 1969).
(5) هذا يبدو صحيحا رغم زعم حبش في يونيو 1970 بأن الجبهة مسئولة عن 85% من العمليات العسكرية في "إسرائيل "، وتقريبا 100% من العمليات في غزة، و50% منها في بقية المناطق المحتلة.
(6) الأعضاء الأهم في هذه القيادة كانوا: البرفيسور وليد الخالدي، من أساتذة الجامعة الأمريكية في بيروت، وهاني الهندي، الناصري الهوى والميول، والذي كان يعرف سابقاً بأنه رئيس استخبارات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
(7) تعكف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على التخطيط والتحضير لعملياتها بدقة بالغة وحرص شديد ، ولا تغفل حتى أتفه التفاصيل.
(8) حسب تقرير أوردته صحيفة بالتيمور صن في منتصف سبتمبر/أيلول فإن هاني الهندي، الذي شارك مع حبش في تأسيس حركة القوميين العرب كان أحد أعضاء جماعة اتخاذ القرارات خلال غياب حبش ، وثمة رجل آخر هو "الكابتن صدقي" الذي يعتقد أنه كان مسئولا عن العمليات العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وهناك آخر (حذف هنا) وصف صالح رأفت وحداد بأنهما من كبار رجال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأقوياء ، ونعت رأفت بأنه كان المخطط الرئيسي لعمليات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعمليات الاغتيال التي كانت تضطر إليها.
(9) (حذف هنا) أوقفت المعونات المالية لأن ليبيا كانت تعتقد أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت متورطة في محاولة الانقلاب التي جرت في أواخر مارس/ آذار في ذلك البلد، ووفقاً لتقرير آخر في مايو/ أيار، فإن النظام الليبي استولى على منشورات ومستندات للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتهم ليبيا بالتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية بدعمها لفتح.
(10) من بين الأعضاء الآخرين في المكتب التنفيذي في عام 1970 كان هناك صلاح رفعت، الذي يقال : إنه يترأس الجناح العسكري في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ وأديب ربه (المعروف ب ياسر عبد ربه) مسئول الإعلام والدعاية؛ وبلال الحسن، ممثل الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، والناطق باسم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهو شقيق كل من خالد وهاني الحسن، القياديين في فتح؛ وأبو ليلى (الاسم الحركي)، ومحمد كتموتو، وهناك عضو آخر حسب التقارير، هو سامي ضاحي، الذي قيل: إن الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في مايو 1970، ستنفذ فيه حكم الإعدام لقيامه بتعذيب وإعدام أعضاء من الجبهة من دون تحقيق مناسب.
وأشار تقرير للمؤتمر السنوي في أغسطس 1970، إلى أن بلال الحسن وخالد هندي قد استقالا من المكتب السياسي اعتراضاً على القرارات التي اتخذت خلال المؤتمر، وعلى كل حال أدرجهما هذا التقرير كعضوين في اللجنة المركزية الجديدة إلى جانب ضاحي، الذي على ما يبدو أنه تمت تبرئة ساحته من تهمة التعذيب غير المصرح به.
(11) على غرار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تقدم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين الدعم لإحدى المجموعات المنبثقة عن حركة القوميين العرب في لبنان، وتمتلك هذه المجموعة نحو 1000 عضو بينهم 200 مسلح، كما تدعم الحزب الشيوعي اللبناني الموالي لبكين، كما ترتبط الجبهة بعلاقة صداقة مع حزب البعث السوري.
في أوائل 1970، أفاد مصدر بأن المجموعة اليسارية اللبنانية المنبثقة عن حركة القوميين العرب (المكافئة للجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين) قامت بتأسيس حزبها الخاص وأسمته الحزب الاشتراكي اللبناني، برئاسة محسن إبراهيم (من بين آخرين)، رئيس تحرير مجلة "الحرية" التي تشكل جزءا من المجموعتين، وعليه كانت المجموعتان ترتبطان بعلاقة وثيقة.
(12) كانت علاقات الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين سيئة مع معظم الدول العربية، ربما باستثناء سوريا، وأغلقت الجمهورية العربية المتحدة مكتب الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في القاهرة في يونيو/ حزيران عام 1969، لأنه قيل : إن الجبهة كانت تقوم بنشاطات تخريبية هدامة ضد الأنظمة العربية "البرجوازية" .
(13) في مارس من عام 1970 كان هناك وفد من الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في موسكو في محاولة للتفاوض من أجل شحن مباشر للأسلحة عبر ميناء اللاذقية السوري، إلا أن الجبهة لم تتلق مثل هذه الشحنة في صيف (عام 1970)، ولم يضم وفد منظمة التحرير الفلسطينية الذي زار الصين في مارس/آذار من عام 1970 الجبهة الديمقراطية.
(14) "جمدت" أي علّقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين علاقاتها مع قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني في ديسمبر/كانون الأول من عام 1969.
(15 ) تعرف هذه الجماعة أيضا باسم الهيئة العاملة لتحرير فلسطين.
(16 ) في صيف عام 1969 أدلت فتح بالعديد من التصريحات التي هاجمت فيها إنشاء منظمات جديدة، وشجبت منظمة العمل لتحرير فلسطين هذه التهجمات، قائلة : إن فتح كانت تحاول تصفية جماعتها.
(17) في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 1968 أصدرت المجموعة أول بيان لها أعلنت فيه مسؤوليتها عن الحريق في مطار اللد، وأصدرت بيانين مشتركين مع منظمة التحرير الفلسطينية حتى تاريخ 8 فبراير/ شباط.
(18) قيل : إن الدكتور سامي غوشه، وخليل سفيان وخليل مرعي كانوا من بين القادة السابقين للمجموعة.
(19) في يوليو من عام 1970 زار وفد من الصاعقة بكين إضافة إلى فيتنام الشمالية ورأس الوفد محمود المعايطة قائد تنظيم الصاعقة والقيادة القومية لحزب البعث.
(20 ) كانت مجلة الصاعقة التي تحمل اسم "الطلائع" تنشر في دمشق
(21 ) ذكرت التقارير أن حافظ الأسد طرد كلاً من علواني والعلي من الجيش السوري.
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت ـ متابعات الزيتونة نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت
إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس