الموضوع: جبل عامل
عرض مشاركة واحدة

قديم 14-04-09, 10:43 PM

  رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

وكان إطلاق النار هو الإشارة الرسمية للتعبئة عندهم "فإذا سمعوا طلقاً نارياً في احدى قراهم أجابوا بإطلاق الرصاص طلباً للنجدة، وتتبعهم في ذلك القرى المتصلة حتى يمتد الصوت على ما قيل من جباع في سفح لبنان الى البصة على حدود عكا".
أما أسلحة المقاتلين فكانت في معظمها البنادق والسيوف والخناجر والرماح، وكانوا يقاتلون مشاة وفرساناً، وكانوا يتحصنون في القلاع مستخدمين النار المحرقة وبعض أنواع المدافع والبنادق، وأما عدد المقاتلين في جبل عامل في ذلك الحين فلم نعرف له رقماً محدداً، وان كنا نعلم أن هذا العدد قد بلغ في عهد التحالف العاملي مع الشيخ ظاهر العمر، أي في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ميلادي، نحو عشرة آلاف مقاتل.
وقد عرف العامليون صنع الذخائر، كالبارود، الذي اشتهرت بصنعه قرية "بيت ليف" العاملية.
وكان جبل عامل، منذ القدم، منطقة حصينة ومنيعة، أنشئت فيها قلاع وحصون عديدة تعهدها العامليون باستمرار، وان لم يكونوا قد بنوها بأنفسهم، ولا بد من سرد أسماء أهم هذه القلاع لإظهار مدى أهمية هذا الجبل من الوجهة العسكرية لدى جميع الفاتحين، نذكر: قلعة الشقيف الشهيرة أو شقيف أرنون، وقلعة أبي الحسن، وقلعة هونين، وقلعة شمع (بناها آل الصغير عام 1163هـ) وقلعة دوبيه، وقلعة تبنين.
يذكر، في هذا المجال البارون دي توت Baron de Tott في مذكراته التي نشرها عام 1784 بعنوان: "مذكرات عن الأتراك والتتار Mémoires sur les Turcs et les Tertares عن جبل عامل ما تعريبه: "ان القلاع التي يسكنونها - أي العامليون - تجعلهم أكثر تحفزاً للثورة، وتجعل إخضاعهم أكثر صعوبة. كل جبل عندهم حصن، وكل مالك إقطاعي كبير.. وقد اتفقوا على أن يدفعوا الضريبة السنوية للدولة، وقدرها مايتا كيس، ليتصرفوا بجبالهم وفي ظل زعمائهم".

)Tott, Memoires, T4 p122-123(

وكان العامليون يخضعون، في مجال التجنيد والتبعئة، الى النظم الإقطاعية السائدة في ذلك الحين، ولكن لم يعرف عنهم أنهم استخدموا جنوداً من المرتزقة كالسكمان وسواهم..
ومن العودة الى تقارير القناصل الفرنسيين في صيدا، في هذه الحقبة من الزمن، يمكننا أن نستنتج بعض المعلومات الهامة والمفيدة عن الوضع العسكري للعامليين في عهد الإقطاع، فقد وصف قنصل فرنسا في صيدا عام 1772 شيفالييه دي توليس Chevalier de Taulés في رسالة منه الى الدوق ديغويون Duc D'Aiguillon
وزير الدولة الفرنسية، بتاريخ 30 نيسان 1772 المقاتل العاملي بأنه "لم يكن معتاداً أبداً على البقاء طويلاً في ساحة القتال أو على خوض الحرب بعيداً عن موطنه" وذلك في مجال الحديث عن حصار علي بك المصري والشيخ ظاهر العمر ليافا في العام نفسه، إذ ترك معظم العامليين - كما يقول القنصل في الرسالة نفسها - ساحة القتال وعادوا الى قراهم. ليشيعوا أن "يافا حصن لا يؤخذ".

)Ismail, ********s, T2 p205(

ولكن ذلك لا ينفي ما قدمه العامليون من معونة عسكرية للشيخ ظاهر وحلفائه المصريين في أثناء تحالفهم معهم، إذ يذكر هذا القنصل، في مذكرة بعث بها الى حكومته بتاريخ أول أيار عام ،1772 أنه، في أثناء مهاجمة الأمير يوسف الشهابي وحلفائه العثمانيين لصيدا، في العام نفسه، بقصد تخليصها من يدي ظاهر العمر وحليفه علي بك المصري، كان العامليون على أهبة الاستعداد لأن يقدموا، لمساعدة حلفائهم الصفديين والمصريين، جيشاً يراوح عدده بين 3 و4 آلاف مقاتل ********s T2 p210وقد بقي هذا الجيش في بقعة التجمع وعلى مقربة من ساحة القتال بناء لأوامر الشيخ ظاهر.
كما أن الشيخ ناصيف النصار قد اشترك مع قواته الى جانب الشيخ ظاهر في حصار نابلس في العام نفسه (مذكرة من القنصل نفسه بتاريخ 2 أيار 1772) ********s T2 p212.
ويقدم القنصل نفسه، في رسالة أخرى منه الى الدوق ديغويون بتاريخ 2 حزيران ،1772 شهادة جيدة بحق العامليين منوّهاً بشجاعتهم فيقول: "يستطيع المتاولة أن يقدموا ما بين 5 أو 6 آلاف مقاتل، وقد تلقوا الأوامر في جميع قراهم بأن يكونوا على أهبة الاستعداد للسير نحو العدو. انهم شجعان، وانتصاراتهم الأولى، بالإضافة الى القيادة التي تعوّدوها منذ عام - وفي هذا إشارة واضحة لقيادة الشيخ ناصيف - أعطتهم ثقة بالنفس هي بالتالي قيمة الشجاعة" إلا أنه يعود فيقول: "انهم ليسوا سوى فلاحين مسلحين لا يستطيعون ترك أرضهم طويلاً".

 

 


   

رد مع اقتباس