عرض مشاركة واحدة

قديم 27-09-09, 02:55 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

ثانيا- المبادئ الأساسية لمسئولية الحماية :

تقع علي عاتق الدول ذات السيادة المسئولية الرئيسية لحماية سكانها حين يتعرضون لأذي خطير نتيجة الحروب الداخلية أو العصيان أو القمع. وعند إخفاق الدولة المعنية وعدم قدرتها، أو رغبتها، في وقف الأذي أو تجنبه، يتنحي مبدأ عدم التدخل لتحل محله المسئولية الدولية عن الحماية. وتكمن مسئولية الحماية كنهج جديد للمجتمع الدولي فيما يلي:

أ) الواجبات المتأصلة في مفهوم السيادة:

تعني السيادة الهوية القانونية للدولة في القانون الدولي، وهو مفهوم يوفر النظام والاستقرار في العلاقات الدولية، لأن الدول ذات السيادة تعتبر متساوية بغض النظر عن قوتها أو حجمها أو ثروتها. واعترافا بهذا، أنشيء مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول باعتباره حجر الزاوية لميثاق الأمم المتحدة وفقا للفقرة الأولي من المادة الثانية. ويترجم مفهوم السيادة داخل كل دولة بالقدرة علي اتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بالموارد والسكان الموجودين في نطاقها. ومع ذلك، فإن سلطة الدولة لا تعتبر مطلقة، بل هي مقيدة ومنظمة داخليا وفقا للنظم الدستورية(5).

ويجسد توقيع ميثاق الأمم المتحدة البعد الدولي لمفهوم السيادة، حيث إن إن قبول عضوية أي دولة بالأمم المتحدة يعني قبولها الالتزامات الدولية التي قبلتها الدول الأعضاء الأخري بمحض إرادتها. وبينما تقبل الدولة نفسها وبمحض إرادتها مسئوليات العضوية بمجرد توقيعها الميثاق، فإن ذلك لا يعني أي نقل لسيادة الدولة أو انتقاصا منها، ولكن الأمر ينطوي علي إعادة تصنيف مفهوم السيادة من السيادة كسيطرة إلي السيادة كمسئولية، سواء في الوظائف الداخلية للدول أو فيما يتعلق بواجباتها الخارجية، ومن ثم صار التفكير في السيادة كمسئولية يلقي اعترافا متزايدا في ممارسات الدول.

ويترتب علي ذلك ثلاثة مستويات من المسئولية، هي :

1- الدولة مسئولة عن سلامة مواطنيها وحماية أرواحهم.

2- السلطات السياسية للدولة مسئولة أمام مواطنيها داخليا وأمام المجتمع الدولي خارجيا من خلال الأمم المتحدة.

3- موظفو الدولة مسئولون عما يقومون به من فعل وترك.

ب) مسئولية الأمم المتحدة بمقتضي الميثاق فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين:

الأصل في مبدأ عدم التدخل الصلابة، كما هو منصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، حيث : 'يمتنع أعضاء الهيئة جميعا عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو علي أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة'. كما نصت عليه الفقرة السابعة من المادة الثانية التي تحظر علي الأمم المتحدة' التدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما'. والواقع أن هذا المبدأ الأخير مثار جدل، لاسيما فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان.

وثمة استثناء مهم علي مبدأ عدم التدخل، فالمادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة تعهد إلي مجلس الأمن دورا رئيسيا في حفظ الأمن والسلم الدوليين. وبالرغم من ورود أحكام متعلقة بتسوية النزاعات بالطرق السلمية في الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن البعد التنفيذي لهذه المسئولية ورد في الفصل السابع من الميثاق، الذي يصف التدابير التي يمكن لمجلس الأمن أن يتخذها وفقا لنص المادة 39 من الميثاق 'ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان'. هذه التدابير قد تكون من أعمال الحظر والجزاءات وقطع العلاقات الدبلوماسية، وفقا لنص المادة 41 من الميثاق. غير أنه إذا رأي المجلس أن هذه التدابير غير كافية، فله أن يلجأ إلي استخدام القوة العسكرية وما يلزم من الأعمال لحفظ السلم وإعادة الأمن إلي نصابه. والجدير بالذكر أن الفصل الثامن من الميثاق يعترف بوجود دور للمنظمات الإقليمية في حفظ السلم والأمن الدوليين، ولكنه ينص صراحة في المادة 53 علي أنه يكون 'عملها حينئذ تحت مراقبته وإشرافه'. أما التنظيمات والوكالات نفسها، فإنه لا يجوز بمقتضاها أو علي يدها القيام بأي عمل من أعمال القمع بغير إذن المجلس(6).

بيد أن مجلس الأمن ليس هو المسئول الأوحد عن معالجة الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين. فالمادة العاشرة من الميثاق تعطي مسئولية عامة للجمعية العامة فيما يتعلق بأي مسألة تقع في نطاق سلطة الأمم المتحدة. كما أن المادة الحادية عشرة تخول الجمعية العامة مسئولية يمكن الرجوع إليها فيما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين، ولكنها مسئولية تقتصر علي تقديم التوصيات ولا تتخذ قرارات ملزمة. والشرط الوحيد المتعلق بمناقشة الجمعية العامة لمثل هذا الأمر - والذي قصد به أن يحول دون وقوع انقسام بين الهيئتين الرئيسيتين للأمم المتحدة - هو ألا يكون مجلس الأمن يناقش القضية المعنية في الوقت نفسه وذلك وفقا للمادة 12 من الميثاق. ويمكن أن يضاف إلي هذه الأسس الواردة في الميثاق فيما يخص عمل الجمعية العامة، القرار رقم 377 الصادر في 3 نوفمبر 1950 والمتعلق ب- 'الاتحاد من أجل السلام' Uniting For Peace والذي عقدت بموجبه دورات استثنائية واستخدم كأساس للعمليات التي تمت في كوريا عام 1950 ومصر1965، والكونغو 1960(7).

وترتكز سلطة الأمم المتحدة، فيما يتعلق بحفظ الأمن والسلم الدوليين، علي دورها في تطبيق الشرعية لا علي استخدام القوة الجبرية. ويعتبر مفهوم الشرعية بمثابة همزة الوصل بين ممارسة الأمم المتحدة لسلطتها في حفظ الأمن وبين اللجوء إلي استخدام القوة، حيث يعتبر التدخل الجماعي عملا شرعيا، لأنه مأذون به من قبل هيئة دولية تمثيلية، في حين ينظر إلي التدخل الفردي علي أنه غير مشروع باعتباره لا يمثل إلا المصلحة الذاتية(8).

وكما ذكرنا آنفا، تقع مسئولية حماية أرواح السكان أولا علي عاتق الدولة ذات السيادة، وثانيا علي عاتق المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إذا ثبت أن الدولة غير قادرة أو غير راغبة في حماية المواطنين أو متورطة في ارتكاب أعمال عنف ضد مواطنيها. وقد انتقلت سلطة سن القوانين المجتمعية لتسوية مسائل الأمن والسلم الدوليين من يد الدول الكبري - بالاتفاق فيما بينها - إلي الأمم المتحدة. وتقع المنظمة - ومجلس الأمن- في قلب النظام الدولي، وهي المنظمة الوحيدة التي لديها سلطة مقبولة عالميا للتصديق علي هذه العمليات، حتي وإن كانت لا تملك قدرة تنفيذية فعالة.

ج - الالتزامات القانونية المحددة :

كان اعتماد معايير جديدة لسلوك الدول في حماية حقوق الإنسان الدولية وتعزيزها واحدا من أكبرالمنجزات التي تحققت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فقد ألمزت الفقرة الثالثة من المادة الأولي من ميثاق الأمم المتحدة المنظمة ب- 'تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع علي ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء'. ويضم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر في عام 1948، التوافق السياسي والتركيب القانوني لحقوق الإنسان. وبإضافة العهدين المعتمدين في عام 1966 بشأن الحقوق المدنية والاجتماعية، فقد أصبحت حقوق الإنسان مبدأ أساسيا من مباديء العلاقات الدولية. ولقد رسم العهدان مع الإعلان العالمي الشكل الدولي لحقوق الإنسان، بل وقد وضعا المقياس العام لسلوك الدول، كذلك الأحكام التي سنت في كثير من القوانين الوطنية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

وبالتالي، فإن ما حدث يعد تحولا من ثقافة الحصانة السيادية إلي ثقافة المساءلة الوطنية والدولية. فالمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية تستخدم القواعد الدولية والنصوص الدولية لحقوق الإنسان، باعتبارها مرجعا مهما تحكم بموجبه علي سلوك الدول. وقد حققت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية عدة نجاحات في هذا المجال. وعلي سبيل المثال، أدي التقدم في مجال حقوق الأنسان إلي زيادة تطوير القانون الدولي الإنساني واعتماد اتفاقية أتاوا للألغام الأرضية، وإنشاء العديد من المحاكم الدولية الجنائية للنظر في الجرائم المرتكبة في حق الإنسانية في يوجوسلافيا السابقة، ورواندا، وسيراليون، كما تم اعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما. وتكمن أهمية هذه التطورات في إنشاء معايير. جديدة ووسائل جديدة لتطبيق هذه المعايير. ومع ذلك، يظل القانون الوطني مفتاح المراعاة الفعالة لحقوق الإنسان. وعندما تعجز نظم القضاء الداخلية أو تتقاعس الدولة عن محاكمة المسئولين عن ارتكاب جرائم بحق الإنسانية، تأخذ الخيارات الدولية الأخري مجراها.

 

 


   

رد مع اقتباس