عرض مشاركة واحدة

قديم 18-02-09, 07:12 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

ضرورة أمنية أم واقع مفروض


النظام العالمي الجديد

72. عندما أعلن مع بداية تسعينات القرن العشرين عند نهاية فترة الحرب الباردة بين القوتين العظميين تم في نفس الوقت الإعلان عن ميلاد نظام عالمي جديد (1) يسعى لتطويع آليات سياسية واقتصادية للتعاون بين دول لتحقيق الأهداف والغايات العليا لها بدلاً من الصراع العسكري كآلية وحيدة لذلك. ولذا فإنه من المتوقع أن يبقى من النظام القديم الشكل أكثر من المضمون.

73. سوف تحاول كل دولة لها مصالح واهتمامات وتعني بأمنها القومي أن تبدو في كامل إستعدادها العسكري دون الدخول في الصراع المسلح لتسوية المشكلات المعلقة. ولذا فإن مظاهر الإستخدام السياسي للقوة سوف تنتشر مع إنتشار مفاهيم إستراتيجية الردع.

وفي التقدير فإن التدريب العسكري المشترك إنما يأتي في مقدمة هذه الآليات الجديدة. لذا تتجه الدول للإسراع في معرفة خبرات الآخرين قبلما تتشكل الكتل والقوى الإقليمية وتجد بعض الدول نفسها خارج هذا النطاق المنشود. وعليه فسوف يكون هذا التدريب هو سمة المرحلة القادمة.

74. لاشك أن التدريب العسكري المشترك كأحد أهم صور الإستخدام السياسي للقوة يمثل صورة جديدة للحرب الباردة. ولكنها صورة محسنة أو مجملة باعتبار أن وجود حرب باردة بشروط ومواصفات إقتصادية ودبلوماسية وبديل مناسب عن تنمية واستحضار جوانب حرب ساخنة أو حقيقية. وذلك لملء الفراغ العسكري التقليدي المعروف لحين تشبع المفهوم الجديد خلال الفترة الإنتقالية للنظام العالمي الجديد ومن ثم يمكن إتباعه كآلية رخيصة من آليات هذا النظام الجديد.

التدريبات المشتركة والأمن العسكري

75. منذ إنتهاء حرب الخليج الثانية 1991م يدور جدل عريض في الدوائر السياسية والعسكرية حول أسباب تعاظم مظاهر النشاط في التدريب العسكري المشترك في الشرق الأوسط بين العديد من الدول العربية والأجنبية وحول المغزى السياسي والعسكري لتلك التدريبات بإعتبارها إحدى مظاهر الإستخدام السياسي للقوة الذي كانت له صور قديمة وتقليدية ارتبطت بعصر الحرب الباردة. كما تزداد التساؤلات حول أبعاد وأهداف التدريبات المشتركة بصفة عامة وعما إذا كانت تمثل إختراقاً أمنياً للدول العربية.

076 يطرح الكثيرون ولا سيما بعض العسكريين سؤالاً محدداً كيف يمكن للقوات العسكرية الوطنية لدولة ما أن تقوم بكشف أسرارها العسكرية أمام دولة أخرى خاصة إذا لم تكن صديقة بالمعنى الكامل والمفهوم وذلك أثناء إجراء التدريبات العسكرية المشتركة بينهما والتي تتم طبقاً لبروتوكول عسكري بين الجانبين إنبثق عن إتفاق سياسي لطبيعة الحال. وإذا سلمنا بأن جميع الإتفاقيات والتحالفات الثنائية هي في جوهرها تحالفات آنية وتكتيكية وانتهازية وتتقلب بتقلب الأوضاع داخل كل دولة وتستجد مع المستجدات الإقليمية والدولية فإن مواقع الحلفاء والأعداء قد تتبدل بين عشية وضحاها وبذلك تكون الدول قد تم إختراقها أمنياً.

77. في هذا الصدد علينا أن نلاحظ أن ما كان يعد في السابق سراً عسكرياً يسيل له لعاب رجال المخابرات لم يعد كذلك في عالم اليوم في ظل الزخم الكبير في تطور الأسلحة والمعدات والذي يضطرب بسرعة مذهلة ولا ينتهي أبداً. كما أن ثورة الإتصالات قد إخترقت كل الحواجز الأمنية المعروفة في السابق حيث يمكنك أن تقرأ في الموسوعات العسكرية في المكتبات وغيرها وحتى على أرصفت باريس ولندن ونيويورك ما كان يعد من أدق الأسرار العسكرية قديماً سواء عن تنظيمات أو تدريبات أو خواص الأسلحة والمعدات أو حتى النظم والنظريات (1).

78. لقد أصبح ما يمكن أن يطلق عليه وصف السر العسكري موجود في الخطط العسكرية وحدها وهي التي تقوم بتوظيف كل العوامل السابقة طبقاً لفكرة واحدة وقرار واحد باعتبار أنها نتاج علمي وفني وعملياتي لمجموعة من المدخلات يصعب تتبعها أو حل رموزها حتى من خلال الحواسب الآلية في عالمنا المعاصر. وحتى يكون الحديث منطقياً فإن هذا لايعني بالضرورة طرح كل الأسرار على الغير أو التحدث عنها أمام غير المختصين وبدون تحميل هذا الموضوع أكثر مما يستحق فأن مفهوم الأمن العسكري قد تطور كثيراً ليواكب التقدم المذهل في كل نواحي الحياة العصرية.

الفوائد السياسية والعسكرية

79. لقد امتلأت منطقة الشرق الأوسط بالعديد من صور المناورات والتمارين العسكرية المشتركة منذ مطلع الثمانينات على وجه الخصوص. فمنها ما كان يتم كإحدى صور التعاون العسكري الفني على عمومه مثل مناورات " النجم الساطع " التي كانت تتم في مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية في البداية ثم توسعت بعد ذلك لتشمل دولاً أوروبية أخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا ودول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت وسلطنة عمان مثل تمرين ألسيف ألسريع 2.

80. الواقع إنه ليس بالضرورة أن تكون هناك فوائد سياسية محددة من إجراء التدريبات المشتركة ولاسيما في حالة التدريب المشترك بين قوات لدول متقاربة في المستوى العام سواء كان ذلك على الصعيد العسكري أو الأصعدة الأخرى. ولكن في حالة التدريب بين قوتين متفاوتتين في المستوى والحجم والقوة العسكرية فإن من الضرورة ستكون هناك فوائد يمكن بيانها فيما يلي:
أ. من الواضع أن ذلك التدريب يؤدي مصلحة متبادلة لكل الأطراف المشتركة فيها. فالدول الصغيرة أو الأصغر نسبياً تبحث في تحقيق إستفادة ميدانية في مجال تكنولوجيا أنظمة الأسلحة والمعدات المتطورة. هذا فضلاً عن إكتساب المعرفة والخبرة بالإحتكاك عن قرب بالجيوش المتقدمة والإلمام بأساليب عملها وبالتالي تتاح لها فرصة ذهبية لقياس درجة كفاءتها ومقدرتها على مواكبة التطور ومستجدات العصر.
ب. في حين تسعى الدول العظمى أو الكبرى في الإستفادة من خبرات الحروب لدى تلك الدول بإعتبار أن إحتمالات حدوث الحروب بين الكبار صارت صعبة بسبب أمكان استعمال البديل النووي أو الكيماوي أو الأحيائي. وقد تسعى في نفس الوقت للتدريب على مسارح عمليات مخالفة لمسارحها مثل المسرح الصحراوي في الشرق الأوسط بإعتبار أن هذا الإقليم يستأثر باهتمام أطراف عالمية عديدة خاصة إذا عرفنا أن كلاً من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة لديها قوات إنتشار سريع تم إستحداثها للتغلب على المشاكل العسكرية والسياسية والإقتصادية الناجمة عن وجود قوات عسكرية لها في أعالي البحار .
ج. المعروف أن معظم دول العالم غير المصنعة لأنظمة أسلحتها كانت تلجأ في السابق للشراء من الدول الصناعية خلال لجان الشراء أو من خلال حضور معارض السلاح المختلفة الأمر الذي يفقدها ميزة التجريب الميداني لتلك الأسلحة وهذا ما يوفره لها التدريب العسكري المشترك الآن. وقد أصبح أيضاً من مميزات ذلك التدريب للدول المصنعة للسلاح قدرتها العالية على تسويق منتجاتها من السلاح بهامش مصداقية وضمان مرتفع.
د. من المفترض أن تتم تلك التدريبات العسكرية بطبيعة الحال لتغطية مهام عملياتية فضلاً عن المهام الأخرى المتفق عليها شكلاً في بروتوكولات التعاون العسكري وذلك خفضاً للتكاليف التي تتميز بها تلك التدريبات لاسيما ما يتعلق منها باستهلاك الطائرات والسفن الحربية ومعدات وأسلحة الدفاع الجوي والقوات البرية بشكل عام الأمر الذي يرفع في النهاية من مستوى الكفاءة القتالية للقوات المسلحة في هذه الدول.
هـ. قد تكون هناك تدريبات عسكرية مشتركة أخرى تتم لتحقيق أغراض أمنية بمعنى أنها تقوم بالتنفيذ المشترك لخطط عمليات حقيقية عادة ما يتم تنفيذها من خلال تمثيل مختصر لكافة الأفرع الرئيسية والعناصر المختلفة للقوات المسلحة المطلوبة لتنفيذ مثل هذه الخطط. وتتم أيضاً طبقاً لبروتوكولات أمنية أكثر تفصيلا وتحديداً على النحو الذي يتم بين الدول العظمى في منطقة الخليج مع دولة الكويت وعدد من الدول الأخرى.
و. وهي غالباًس العسكرية في الشرق والغرب على إطلاق أسماء رمزية على العلميات أو التمارين المشتركة أو على المناورات الكبرى في التدريب العملياتي وبطبيعة الحال فإن إطلاق الرمز على العملية أو التدريب إنما يسحب عليها شخصية مستقلة يمكن إستدعائها عند اللازم ومن ثم يمكن التعرف عليها والبحث عنها والإشارة إليها. وهي غالباً ما تحمل معنى

إستنباطياً واضحاً وعادة ما يكون مرتبطاً إما بهدفها أو تكوينها أو مكانها فضلاً عن تاريخ تنفيذها الذي يقترن دائماً بإسمها (1).
ز. من المؤمل أن تحقق التدريبات العسكرية المشتركة كإحدى آليات الإستخدام السياسي للقوة آلية ممتازة للردع العسكري في أدنى صورة والردع السياسي في أعظم صورة مما سوف يلعب الضرورة دوراً كبيراً في ترشيد وتخفيض قرارات الصراع العسكري المحتملة بإعتبار أن مظاهر تلك التدريبات سوف ترسل إشارة واضحة ومؤكدة عن قوة الخصوم أو الأطراف التي لا يخطئها عاقل. ومن ثم يمكن تجنب العديد من قرارات الحرب التي يمكن أن تبنى بشكل خاطئ عن قوة الخصم بالنظر لضعف الإستخبارات العسكرية مثلاُ أو لعدم العقلانية أو الرشد الكامل في إتخاذ قرارات الحرب الصحيحة.
ح. هذا بطبيعة الحال بجانب الترشيد العام في بناء القوات المسلحة للدول مع تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون العسكري الإقليمي والدولي بشكل عام لا سيما مع الأشقاء والأصدقاء والذي يأتي التدريب العسكري المشترك على رأس موضوعات التعاون بجانب نواحي عديدة أخرى مثل قوات حفظ السلام وعمليات الإغاثة الإنسانية في حالات الحوادث والكوارث الكبرى وعمليات تبادل حضور الدورات العسكرية المختلفة وحضور الأنشطة العسكرية الكبرى مثل المناورات .


السلبيات والإحتياطات الأمنية اللازمة

81. يبدو جلياً أن التدريبات العسكرية المشتركة بين الدول كإحدى آليات الإستخدام السياسي للقوة والتي تمثل علاجاً لمشكلة أمنية ملحة تصاحبها إفرازات سالبة وأعراض جانبية شأنها في ذلك شأن معظم العلاجات والأدوية في العالم، لذلك يجب تناولها بموضوعية وتوخي الدقة والحيطة وتعاطيها بحذر شديد. تالياً بعض المظاهر السلبية:
أ. من أهم المظاهر السالبة المصاحبة للتدريبات المشتركة إزدياد معدلات التوتر في الإقليم وذلك بسبب تواجد قوات أجنبية على حدود الدول ـ غالباً غير موالية – ولأنها ترسل إشارات واضحة لأطراف بعينها في إستهداف صريح أو خفي مما يولد لديها روحاً عدائية ويدفع دول المنطقة نحو سباق محموم للتسلح في محاولة لإكتساب القوة خاصة كلما دعت الحاجة إلى إمتلاك سلاح بعينه مع تطورات السلاح وبحسب نوع التهديد الذي تراه أو تتوهمه.
ب. خلق أعباء اقتصادية إضافية على الخزينة العامة للدول بإرتفاع فاتورة التكاليف سواء كانت كلفة التدريبات نفسها أو مشتريات السلاح. وفي هذا الصدد من المفيد التأكيد على أن الإنفاق العسكري لا يجلب سوى المزيد من عدم الإستقرار الداخلي والخارجي. فإرتفاع ميزانيات الدفاع يخلط الأولويات الوطنية للدول وذلك من خلال الإتجاه نحو خفظ الإنفاق على البرامج الإجتماعية والتنموية وتأجيل العديد من المشاريع المستقبلية.
ج. هذه التدريبات الثنائية أو متعددة الأطراف تستأثر بها دول معينة عن بقية الدول سواء كانت هناك ضرورة أمنية أو بإيعاز من الدول الكبرى بوجود تهديد أمني يستدعي إجراء مثل هذه التدريبات فإنها تسمم أجواء العلاقات السياسية بين الدول وتكرس الفرقة العربية وتؤدي إلى سياسية التشرذم والمحاور ولا يستفيد من ذلك الوضع سواء أعداء الأمة العربية.
د. بصرف النظر عما إذا كانت هذه التدريبات المشتركة تتم بقرارات النخب السياسية الحاكمة أو بقناعة الشعور ورضائها فإنها تأزم المواقف الداخلية للدول وتؤجج مشاعر الأستياء الوطني وتثير حفيظة المسلمين ضد الوجود العسكري الأجنبي والمسيحي على وجه الخصوص خاصة بإقترابه من الأراضي الإسلامية المقدسة حيث يرون في ذلك سلباً لإرادة الوطنية العربية وتدنيساً لمقدساتهم الإسلامية .
هـ. من ناحية فإن تقوية الجيوش وشراء الأسلحة عادة ما يغذي الأوهام التوسعية ويولد الحسابات الخاطئة ويزيد من رغبة الزعامات في المغامرات الخارجية . ومن ناحية أخرى فإن الحماية الخارجية التي تنشدها الدول لا يمكن لها مهما كانت طبيعتها أو جنسيتها أن تجلب الأمن لأنها تعطي دلالات غير حقيقية عن قوة الدول المساعدة مما يولد لديها أوهاماً وقوة زائفة و. كلما أقبلت دولة على عقد صفقة جديدة من التسليح إزداد إحساس الدول الأخرى بالخطر وبعدم الأمن. بيد أن هذا الشعور بالضعف والخطر يغذي رغبة هذه الدول في الحصول على المزيد من الأسلحة وعقد صفقات جديدة مما يضاعف من حدة سباق التسلح والإنفاق العسكري وبالتالي المزيد من التوتر بما في ذلك إحتمالات إندلاع النزاعات والحروب المكلفة.
ز. إن هذه التدريبات ماهي إلا إستخدام سياسي للقوة تخدم إستراتيجيات وأهداف الدول الكبرى حيث تروج بوجود تهديد على دول الخليج الغنية بالنفط. وسواء وجد حقيقة أو بالإيهام بوجوده فإن كنز الشرق الأوسط والمتمثل أساساً في البترول مجالاً لسياسات التهديد والحماية. يقول محمد حسنين هيكل في كتابه (حرب الخليج: أوهام القوة والنصر) " 00 إن

كل كنز في الدنيا يغري أطرافاً غير أصحابه وبمقدار ما تزيد قيمة الكنز بمقدار ما يشتد الإغراء ويتحول إلى مطامع. والمطامع خطوة واحدة ويظهر التهديد. والتهديد يستدعي قوة ترده. وبما أن القوة من الخارج وليس من الداخل – مستعارة أو مستأجرة – فإن موقفها من الكنز يصبح واحداً من إحتمالين: إما أن تأخذه بالكامل لنفسها وإما أن تأخذ نصيباً منه مقابل حمايته ".
ح. لعل أبرز الصور السالبة للتدريبات العسكرية المشتركة صورة إستلاب القرار السياسي والإنكشاف الأمني للدول العربية أمام دول الغرب الكبرى. فهذه الدول المهيمنة هي التي تحدد للدول العربية شكل ونوع وحجم التهديد الذي تواجهه وبالتالي تقرر لها الترتيبات الأمنية المطلوبة وتضع السيناريوهات وتحدد الأهداف والمرامي للتدريبات المشتركة وليس على الدول العربية سوى الإمتنان بالجميل والشعور بالفخر والأغرار للخطوة والإيثار.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس