عرض مشاركة واحدة

قديم 11-11-09, 04:23 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 



مبررات ظهور العلاقات الإنسانية

لم تظهر مدرسة العلاقات الإنسانية كرد فعل للنظريات الكلاسيكية الثلاث السابق ذكرها فحسب، بل ظهرت نتيجة عدة عوامل من أهمها(8):

(1) ظهور الحركات النقابية وتزايد قوتها، مما أدى إلى ظهور مشكلات جديدة في العمل، لذلك أدرك الإداريون أن الحركة النقابية استمدت قوتها من فشلهم في توفير مناخ مناسب من العلاقات الإنسانية، فسعوا إلى العمل على تصحيح هذا الوضع.

(2) زيادة ثقافة العاملين، وإدراكهم لمشكلاتهم، ومن ثم ارتفاع أصواتهم للمطالبة بقيادة إدارية أفضل، مع إبداء نوع من الاستجابة للطرق المستخدمة في العلاقات الإنسانية، فسعوا إلى العمل على تصحيح هذا الوضع.

(3) ظهور مشكلات إنسانية جديدة بسبب تضخم حجم المشروعات، وبروز مشكلة صعوبة اتصال الرؤساء والقادة بغالبية المرؤوسين، مما رسّخ لأهمية الاتصالات التنظيمية والتنظيمات غير الرسمية.

(4) ارتفاع مستوى المعيشة في المجتمعات المعاصرة، مما أفسح المجال أمام الإدارة للتركيز على الاعتبارات الإنسانية، بعد إشباع الاحتياجات المادية.

(5) زيادة تكلفة إنجاز المهام والأعمال، مما جعل الإدارة تبذل قصارى جهدها للاستفادة القصوى من العامل البشري.

الممارسات القيادية

تشير الممارسات القيادية إلى النشاطات التي يقوم بها القادة لتنفيذ المهام وتحقيق الأهداف، باعتبار القيادة عملية شاقة تتطلب وجود قدر كبير من العلاقات الإنسانية بين القائد والتابعين.

مفهوم القيادة

"كلمة قيادة ذات أصول يونانية ولاتينية، لأن (Leadership) مشتقة من الفعل يفعل أو يقوم بعمل ما، ويتفق الفعل اليوناني (Archein) مع الفعل اللاتيني (Agere) الذي يعني: يحرّك أو يقود، فالقيادة بداية يقوم بها شخص واحد، وعمل ينجزه آخرون حسب توجيهات هذا الشخص"(9). وهناك العديد من التعاريف لمفهوم القيادة، ومن أبرز هذه التعاريف:

(1) التعريف الأول: وقد عرّفها (أوردواي تيد) بأنها: "النشاط الذي يمارسه شخص للتأثير في الآخرين، وجعلهم يتعاونون لتحقيق هدف يرغبون في تحقيقه"(10).

(2) التعريف الثاني: وينص على أن القيادة هي توجيه الأفراد سلوكياً وتنسيق جهودهم وموازنة دوافعهم ورغباتهم لتحقيق أهداف المنظمة بكفاءة عالية، وهي توجيه القائد لجهود الجماعة بغرض تحقيق أهداف المنظمة، وهي إدارة الأفراد والمجموعات وموارد العمل نحو الأهداف بأسلوب فعّال ومتطور يقوم على تنمية الالتزام والولاء للقائد بغرض تحقيق أفضل النتائج"(11).

(3) التعريف الثالث: ويؤكد على أن القيادة دور اجتماعي يقوم به القائد عند تفاعله مع أفراد الجماعة التي يقودها، بحيث يؤثر فيهم، ويوجه سلوكهم لتحقيق أهداف الجماعة، وعليه فالقيادة هي: "عملية التأثير في نشاطات الجماعة بهدف تحقيق الأهداف"(12).

دور العلاقات الإنسانية في الممارسات القيادية

من البيان السابق لمفهوم العلاقات الإنسانية والتعاريف التي أوردناها لمفهوم القيادة، يتضح لنا أن العلاقات الإنسانية تؤدي دوراً مهماً في عمل القادة، فاكتساب القائد سلطته الفعلية ينبع من مقدار العلاقات الإنسانية التي يمارسها مع المرؤوسين، والقائد الناجح هو الذي يخضع له المرؤوسون ويحبونه قبل أن يطيعوه، وهذا لا يتوافر إلاّ للقائد الذي يمتلك مقومات القيادة الراسخة ويعتمد على الشورى والمشاركة في دعم علاقاته بمرؤوسيه وتوجيههم نحو تحقيق الأهداف، ولذلك يمارس القائد العلاقات الإنسانية بدرجات متفاوتة حسب النمط القيادي الذي يحكم إطار علاقته بمرؤوسيه، وهذالنمط قد يكون أحد الأنماط الثلاثة التي تُمارس من خلالها العلاقات الإنسانية، وهذا ما سوف نتناوله بشيء من التوضيح الموجز في السطور التالية(13):

أ. العلاقات الإنسانية في القيادة الأوتوقراطية

تعبّر القيادة الأوتوقراطية عن القيادة التسلطية، فالقائد هو محور جميع الأعمال ومتخذ جميع القرارات، لا يبوح بخطوات العمل للمرؤوسين، ويرفض تدخل أي فرد في عمله، ويركز على النتائج وتحقيق مستوى مرتفع من الإنتاجية، ولكنه يعاني من ضعف العلاقات الإنسانية، ويركّز القائد الأوتوقراطي جميع الصلاحيات والسلطات في يده، ويتخذ من المركزية أسلوباً أساسياً في العمل، ويسعى دائماً لتوسيع دائرة سلطاته وصلاحياته.

والقائد الأوتوقراطي دائم الشك والارتياب في مرؤوسيه، مما يولد شعوراً بالقلق والتوتر في نفوسهم نتيجة الأوامر الصارمة دون إعارة أدنى اهتمام لنفسيات مرؤوسيه وأحوالهم(14).

ومن أهم الافتراضات التي يرتكز عليها أسلوب القيادة الأوتوقراطية:
(1) طبيعة الإنسان وميله إلي الكسل، وقلة العمل والطموح، والتهرّب من تحمل المسؤولية، مما يجعله سهل الانقياد، معتمداً على الغير في توجيهه وإرشاده، فهو يعمل تحت ضغط الخوف من العقاب، وليس حباً في العمل.
(2) الحرمان من الحوافز المادية والمعنوية، وهو من أهم الأسس لقيام القيادة الأوتوقراطية.
(3) حاجة الفرد الدائمة إلى الإشراف والمتابعة من قِبل رئيسه في العمل للتأكد من قيامه بواجباته(15).

ب. العلاقات الإنسانية في القيادة الديمقراطية

يمارس القائد الديمقراطي العلاقات الإنسانية مع مرؤوسيه في أعلى مستوى لها، حيث ينظر في آراء العاملين واتجاهاتهم، ثم يقارن ذلك بأفكاره، ويتخذ القرار النهائي في ضوء ذلك. وعادة ما يقوم القائد بمناقشة الموضوعات مع مرؤوسيه والنظر لاقتراحاتهم بعين الاعتبار، واتخاذ القرار النهائي وفقاً لذلك. فالقائد الديمقراطي يهتم بتوضيح المشكلة لمرؤوسيه ويساعدهم في إيجاد الحلول لها، وكذلك يهتم بالعلاقات الإنسانية والعمل بروح الفريق(16)، حيث تقوم فلسفة هذه القيادة على مبدأ المشاركة وتفويض السلطات، فالقائد الديمقراطي يتفاعل مع أفراد الجماعة ويشركهم في اتخاذ القرارات، ويحثهم على إبداء الرأي والتفكير في الحلول المناسبة للمشكلات المتعلقة بالعمل، فضلاً عن تفويض السلطات والصلاحيات للمرؤوسين، وبلورة ما تتفق عليه الجماعة من آراء وأفكار إلى قرارات وسياسات(17).

ج. العلاقات الإنسانية في القيادة الحرة

يمارس القائد العلاقات الإنسانية بدرجات متباينة، ولكنها غير ثابتة، ولا يترتب عليها أي مصلحة للعمل أو إنجاز وتحقيق الأهداف، فالقيادة الحرة هي القيادة الفوضوية أو المنطلقة، فالقائد لا يتدخل لتحديد الأعمال، أو تعيين من يقوم بها، ويترك للعاملين حرية العمل بالطريقة والأسلوب الذي يريدونه دون رقابة أو متابعة، فتظهر الأعمال الفردية غير المنظمة(18).

خاتمة

يتضح لنا من العرض السابق أن العلاقات الإنسانية تتخذ أهميتها وفقاً لنوع القيادة التي تتم ممارستها على المرؤوسين، وأنها تكاد تكون معدومة في القيادة الأوتوقراطية التي لا تعير أهمية للمرؤوس وتجعل القائد محور جميع الأعمال ومصدر جميع القرارات؛ بينما هي في القيادة الديمقراطية الأساس للممارسة القيادية، حيث يكون تفويض الصلاحيات للمرؤوسين والاعتماد علي آرائهم وقناعاتهم سبباً رئيساً للإنجاز والنجاح؛ أما القيادة الحرة التي تترك للعامل أو المرؤوس الحرية المطلقة في أن يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء، تعد العلاقات الإنسانية والممارسات القيادية نوعاً من الفوضى المستترة

المراجع:
1. انظر: النمَّر، سعود بن محمد، وآخرون، الإدارة العامة، الأسس والوظائف، الرياض : (مطابع الفرزدق التجارية، 2006م)، ص 63.
2. انظر: الشنواني، صلاح، إدارة الأفراد والعلاقات الإنسانية، مدخل الأهداف، الإسكندرية: (مؤسسة شباب الجامعة 1999م) ، ص 497.
3. انظر: راتشمان، دافيد وآخرون، الإدارة المعاصرة، ترجمة رفاعي محمد رفاعي، ومحمد سيد أحمد، الرياض: (دار المريخ 2001م) ، ص 249.
4. النمَّر، مرجع سابق، ص 63.
5. انظر: السلمي، علي، تطور الفكر التنظيمي، القاهرة: (دار غريب للطباعة والنشر، د.ت)، ص 94 97.
6. انظر: راتشمان وآخرون، مرجع سابق، ص 253.
7. النمّر وآخرون، مرجع سابق، ص 65.
8. المرجع سابق، ص 64.
9. كنعان، نواف، القيادة الإدارية، عمّان: (مطابع الأرز، 1999م)، ص 86.
10. النمر وآخرون، مرجع سابق، ص 313 314.
11. ملائكة، عبدالعزيز محمد، تنمية مهارات القيادة الإدارة، الرياض: (مكتبة العبيكان، 1989م)، ص 13.
12. نصير، نعيم، القيادة في الإدارة العربية وموقعها من النظريات المعاصرة والتراث العربي الإسلامي، عمان: (مطابع الدرتور التجارية، 1987م)، ص 11.
13. الفقي، إبراهيم، أسرار قادة التميّز، القاهرة :(مركز الخبرات المهنية للإدارة، 1996م)، ص 240.
14. كنعان، مرجع سابق، ص 155.
15. النمّر وآخرون، مرجع سابق، 327.
16. ملائكة، مرجع سابق، ص 56.
17. النمّر وآخرون، مرجع سابق، ص 328.
18. انظر: البقري، أحمد ماهر، القيادة وفعاليتها في ضوء الإسلام، الإسكندرية:(مؤسسة شباب الجامعة، 1987م)، ص 413.


 

 


   

رد مع اقتباس