عرض مشاركة واحدة

قديم 11-06-09, 01:04 AM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

إعداد المقاتل والقيادة


إعداد المقاتل.
هناك اتجاه متزايد، في الدفاع الجوي، نحو استخدام الأسلحة والمعدات المتطورة. وهي على درجة كبيرة من التعقيد، وتحتاج إلى عناية فائقة، في التعامل معها وصيانتها، لكي تبقى صالحة، وقادرة على الاستمرار في القتال، لفترة طويلة. كما تحتاج إلى مهارة عالية، في الاستخدام، حتى يمكِن الحصول على أقصى إمكاناتها القتالية. إضافة إلى ذلك، فإن مقاتل الدفاع الجوي، يواجه مجموعة هائلة من التحديات، لذلك، يجب أن يُوفَّر له الاستعداد، الفكري والنفسي، الملائم لمواجَهة هذه التحديات، وأن يكون قادراً على اكتساب مهارات عالية، تُمكِّنه من الاستخدام الصحيح لسلاحه، بكفاءة وفاعلية، في ظروف القتال.

ويمكن إعداد هذا المقاتل، إذا تهيّأت الشروط الثلاثة الآتية:

اختيار الفرد الملائم.
أجرت الجيوش الحديثة دراسات مُوسَّعة، لتحديد القدرات، الذهنية والنفسية والبدنية، الواجب التمتع بها في كل فئة من فئات المقاتلين، بناءً على طبيعة المعركة، التي سيخوضونها. كما وضعت الأساليب والاختبارات، التي تُمكِّن من قياس هذه القدرات بدقة. وعندما تُتّبع هذه الطرائق العلمية الحديثة، يصبح الحصول على المقاتل، الملائم للعمل في وحدات الدفاع الجوي وتشكيلاته، أمراً يسيراً. وعلى كلٍّ، يجب أن يتميز هذا المقاتل بسرعة البديهة، والقدرة على التصرف السريع، وقوة الأعصاب، والصبر، والقدرة على تحمّل الإجهاد لفترة طويلة، وأن يكون على قدر من الذكاء، يؤهله لاستيعاب معداته وأسلحته المعقدة، في وقت قصير.

الإعداد الجيّد.

العرق في التدريب، يوفِّر الدم في القتال. حكمة تتناقلها أجيال العسكريين، أثبتت الحروب صِدقها. ويبدأ التدريب بدراسات نظرية، فنية وتكتيكية، يتلوها التدريب العملي، ثم التدريب الجماعي، من مستوى الطاقم حتى مستوى التشكيل. وأخيراً، الاشتراك في المناورات، العملياتية والإستراتيجية، التي تجمع أفرع القوات المسلحة معاً. وقد تطورت أجهزة المحاكاة Simulators، بوضوح، في السنوات الأخيرة، وأصبحت تؤدي دوراً مهماً في تدريب الأطقم على تمرينات مشابهة للقتال. كما حدَث توسُّع في استخدام الحواسب الإلكترونية، في المباريات الحربية، التي تُجرى لتدريب القيادات. ومع ذلك، فلا غنى عن التدريب الحيّ على اكتشاف الطائرات الحقيقية وتتبّعها، في ظروف الحرب الإلكترونية، والرماية بالذخيرة الحية، وما إلى ذلك. ولهذا، أنشأت الجيوش الحديثة ميادين للتدريب والرماية، وجهَّزتها بأحدَث المعدات، التي تُحقِّق الواقعية في التدريب. وبوجه عام، ينبغي أن يجري التدريب في ظروف أقرب ما تكون إلى القتال الحقيقي، ويُفَضَّل المبالغة في صعوبة وتعقيد الظروف، التي يتم فيها التدريب. وقد حدَث، أثناء حرب أكتوبر 1973، أن استخدمت إسرائيل مجموعة متنوعة من أحدَث معدات الإعاقة الإلكترونية . بعضها كان يتمركز في سيناء، وهى محطات أرضية فائقة الإمكانات، وبعضها الآخر حملته الطائرات. ولهذا، أطلقت وكالات الأنباء على هذه الحرب اسم الحرب الإلكترونية الأولى. ومع ذلك، فلم تؤثر هذه الإعاقة في أداء الدفاع الجوي المصري. وعندما سُئِل بعض الجنود، آنذاك، عن مدى تأثير هذه الإعاقة في عملهم، أجابوا بأنها تقلّ كثيراً عمّا قابلوه أثناء التدريب. ويوضح هذا المثال، أن هناك فرقاً كبيراً بين الجندي، الذي يجد نفسه، أثناء القتال، في موقف يواجهه، أول مرة، وبين جندي آخر، تدرَّب على ما هو أصعب من هذا الموقف، بل اكتسب القدرة على التصرف، حتى في المواقف، التي لم يصادفها من قبْل. ولعلّ ذلك يعيِد إلى ما سبق ذكره عن ضرورة معرفة العدوّ، والاستيعاب الجيّد لإمكاناته وأسلحته وتكتيكاته. فهدف التدريب النهائي، هوإعداد المقاتل لمواجَهة هذا العدوّ. وهذا يعني أن التدريب، يجب أن يكون مُوجَّهاً، وهادفاً. ويرى بعض العسكريين أن التدريب، يتوقف، تلقائياً، عند بدء القتال. وهذا الرأي يجانبه الصواب، لأن القتال هو الذي يصقل مهارات الضباط والجنود. وفي أثنائه، يكون المقاتل أكثر استعداداً للتعلم، وأكثر تقبلاً لفهْم أخطائه وتصحيحها. وأفضل وسائل التدريب، في هذه الحالة، هي أن يبلور القائد، في فترات الهدوء، التي تتخلّل موجات الهجوم الجوي، الدروس المستفادة من العملية القتالية السابقة، وتعميمها على مرؤوسيه، وإضافة الجديد، لتحسين الأداء، وإثراء حصيلة المعلومات عن العدوّ، وتطوير سُبُل التعامل معه، وهو أمرٌ يمكن أن يحدث في دقائق.

القيادة.

القيادة، بالنسبة إلى القوات، كالعقل، بالنسبة إلى الإنسان. فهي التي تُخطِّط، وتُنظِّم، وتُدير المعركة، وتواجه المواقف المختلفة. وعليها تقع مسؤولية اتخاذ القرار السليم، في الوقت الملائم، ومتابعة حُسْن التنفيذ، وتذليل المصاعب. وهناك مثل إنجليزي قديم ـ كثيراً ما يتردد في الكليات العسكرية ـ يقول:( ليس هناك جندي سيئ، ولكن هناك ضابط غير كفؤ) (There's no bad soldier, but bad officer.
وفي المكتبة كتب كثيرة، تتحدث عن القائد الجيّد، وما يجب أن يتصف به، من شخصية قوية، وجرأة، ومقدرة على التفكير السليم، في المواقف الصعبة، واتخاذ القرار الصحيح، وسط ضباب المعركة. وهي أمور معروفة جيّداً، ولا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح. ومن ثَمَّ، كان لا بدّ من مراعاة الأُسس السليمة، لاختيار القادة، طبقاً لمتطلبات الدفاع الجوي، وما يحتاجون إليه من مواصفات خاصة، ثم وضْعهم على الطريق الصحيح، بالتأهيل العلمي الملائم، والتدرج في ممارسة القيادة، عملياً، منذ بداية خدمتهم العسكرية.

ومن البديهي، أن يعتمد القائد الجيّد على هيئة قيادة قوية، يتوافر لها الآتي:

- تفكير علمي منطقي، وإبداع في تخطيط العمليات وتنظيمها، وإعداد جيد للقوات، واستخدام أساليب جديدة وتكتيكات متطورة، لا يتوقعها العدوّ.
- معرفة عميقة، وتفصيلية، بأبعاد معركة الدفاع الجوي، ومقدرة على التحليل والاستنتاج، ومن ثَمّ، بُعد النظر، وتصوُّر شكل العمليات
المقبِلة، وتوقُّع الأحداث، وإجراء حوار مستمر بين هيئة القيادة، من نوع: ماذا؟ .. لو.. ، أي ماذا نفعل، لو اتخذ العدوّ هذا الإجراء أو
ذاك؟ وهكذا يمكِن تجهيز القوات، لمواجهة أغلب المشاكل، أثناء القتال.
- ثقافة عسكرية عالية، ومستوى جيّد من الثقافة العامة، يؤديان إلى سَعة الأفق، ومرونة الفكر.
- اطّلاع واسع، ومستمر، على النشرات والدراسات والكتب العسكرية، التي تُصدرها مراكز الدراسات الإستراتيجية في العالم.
ومتابعة مستمرة لِما تنتجه مؤسسات الصناعة الحربية العالمية.
- قدرة على التفكير السريع في جميع أنساق القيادات، ومواجهة المواقف المتغيرة.
- فهْم عميق للقيادة المركزية، وأهميتها في معركة الدفاع الجوي. مع ترك مساحة معقولة للقادة الأصاغر، لإظهار المبادرة الخلاقة، والاستعداد، عند الضرورة، للتحول إلى اللامركزية، مع المحافظة على التعاون بين الوحدات الفرعية.ولمّا كان الدفاع الجوي، يتعامل مع كمٍّ هائل من المعلومات، التي تتغير بسرعات فوق صوتية، فقد أصبح من المحتوم، أن تعمل قيادات الدفاع الجوي، من مراكز عمليات مجهَّزة بأنظمة قيادة آلية، حيث تتولى الحواسب الإلكترونية، وأجهزة الاتصال الحديثة، نقْل المعلومات، وتحليلها، وتصنيفها، وعرْض الموقف الجوي على شاشات القيادة، لحظة بلحظة، مع تقديم مقترحات القرار إلى القائد، الذي قد يأخذ بها ، وقد يُعدِّلها، أو يتخذ قراراً جديداً. ولكنه، في جميع الأحوال، سيجد ما يحتاج إليه من معلومات، جاهزاً أمامه، فوراً، ومعروضاً في أفضل صورة.

الخلاصة.
إن الحرب أصبحت صراعاً بين العقول، في الدرجة الأولى. كما أن توافر أحدث الأسلحة ـ مهْما بلغ مستوى تقنيتها ـ من دون وجود الضابط الكفء، والفرد الجيّد، يجعل هذه الأسلحة تتحول إلى كتل من الحديد البارد، عديمة الجدوى.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس