عرض مشاركة واحدة

قديم 18-07-09, 05:58 PM

  رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

كينيا والإسلاميون في الصومال خوف متبادل





مرة أخرى يبدو أن الصومال بدأ يعود لجذب أنظار العالم إليه بعد حالة من الحراك على هذه الجبهة الأصعب في منطقة القرن الإفريقي. فبعد أن تم التوقيع يوم 26 أكتوبر الجاري على اتفاق جديد بين الحكومة الصومالية وبين "التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال" المعارض بقيادة الشيخ شريف شيخ أحمد، أو ما بات يطلق عليه "جناح جيبوتي المنشق" عن المحاكم الإسلامية، تشهد العاصمة الكينية نيروبي يومي 28 و29 من نفس الشهر اجتماعا تشاوريا بين رؤساء الدول ووزراء مجموعة الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا (إيجاد) وبحضور ممثلين عن الحكومية الصومالية وعدد من المشرعين الصوماليين من أجل البحث عن كيفية إنهاء 18 عاما من الصراع في الصومال.

على أن هذا الحراك ربما لا يحمل جديدا في الأفق؛ فالاتفاق الأول يعتبره تحالف المعارضة الصومالية في إريتريا لا يساوي الحبر الذي كتب به، رغم أنه نص للمرة الأولى على وضع جدول لانسحاب القوات الإثيوبية، فيما يبدو أنه خلاف عميق في وجهات النظر بين أنصار الأمس من المعارضة الإسلامية بالصومال.

أما اجتماع نيروبي، فإنه يقتصر على أطراف السلطة الانتقالية في الصومال، أي الرئيس والحكومة والبرلمان، ما يعني أنه يستبعد الإسلاميين من جانب، ويعقد في بلد تعد العدو الأول مثل إثيوبيا للإسلاميين في الصومال من جانب آخر، كما تتردد بعض الأنباء حول احتمالية انتقال الحكومة الصومالية مرة أخرى إلى نيروبي والتي تشكلت فيها الحكومة الصومالية الحالية للمرة الأولى؛ وذلك نظرا لتعدد الهجمات التي يشنها "المتمردون" الإسلاميون على العاصمة مقديشو.والحاصل أنه لن يمكن تحقيق سلام أو استقرار في الصومال دون انسحاب القوات الإثيوبية، ودون مبادرة كينيا وإسلاميي الصومال بوضع حد للعداء المتبادل بينهما منذ أمد طويل.
ولا شك أن كينيا أحد أبرز القوى الإقليمية بالمنطقة، والأكثر ارتباطا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤثر على الأوضاع في الصومال إلى حد كبير.

جذور الصراع.

وقد بدأت جذور الصراع بين كينيا والإسلاميين الصوماليين في أعقاب حصول الصومال على الحكم الذاتي عام 1956 ثم نيل الاستقلال عام 1960 تحت اسم "الصومال"؛ حيث لم تشمل الدولة الجديدة عددا من الأقاليم التي كانت تابعة سابقا لإقليم "الصومال الكبير"، فالصومال الفرنسي استقل تحت اسم جيبوتي، وضمت إثيوبيا إقليم أوغادين، في حين سيطرت كينيا على منطقة أنفدي التي تقع شمال شرق كينيا حاليا، ودارت بين الصومال من ناحية وإثيوبيا وكينيا من ناحية أخرى حروب طاحنة لرغبة الشعب الصومالي في استعادة أراضيه التي أضاعتها التركة الاستعمارية، وانتهت الحرب بقرار منظمة الوحدة الإفريقية في لاجوس عام 1964 بوقف إطلاق النار، والبحث عن حلول سلمية للأزمتين، وإجراء المفاوضات بين الأطراف المتنازعة.

منذ هذا التاريخ بدأ العداء الكيني للشعب الصومالي المتجانس الديانة -الإسلام- وبدا لحكامه أن التطلعات الصومالية صوب الأراضي الكينية لا تنبع إلا من توجهات الإسلاميين المتشددين في هذا البلد، وزاد من هذا العداء الحوادث الإرهابية التي شهدتها كينيا والتي تورط فيها إسلاميون صوماليون متشددون مثل حادث تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي 1998، وتفجير فندق مومباسا الإسرائيلي؛ ما أحرج الحكومة الكينية أمام الولايات المتحدة التي ترتبط بعلاقات وطيدة معها، فزادت حدة الكراهية.

والثابت من كثرة دوائر العنف والمنحدرات السياسية التي مرت بها الصومال، أن كينيا ترتبط بالأحداث الجارية فيها، وتساند الأطراف التي لا تنتمي لتيارات إسلامية حتى أصبحت ذات تأثير على السياسة الصومالية، ولأنها تعارض ما يسمى بزعماء الحرب -المقصود حركة شباب المجاهدين وزعماء المحاكم الإسلامية- فقد طالبت دول الجوار بعدم استضافتهم في اجتماع نيروبي، وسارعت باستضافة مؤتمرات الوفاق وتكوين الحكومات الانتقالية لاسيما بعد سقوط المحاكم الإسلامية أوائل عام 2006.

العامل الأمريكي.

بعد حادث تفجير السفارة الأمريكية في نيروبي وجدت كينيا أنها بحاجة للدعم والتواجد الأمريكي، وهو ما توافق مع الرغبة الأمريكية التي آثرت تغير إستراتيجيتها مع ثبات الأهداف، وهي السيطرة على منافذ القرن الإفريقي والسيطرة على الصومال بوسائل غير عسكرية، بعد أن قادت تجربتها المريرة في الصومال في مطلع التسعينيات إلى عدم التورط العسكري المباشر في هذا البلد، ولذلك وجدت دولا إقليمية تحقق لها المطلوب وهي إثيوبيا وكينيا.

وأصبحت هذه الأطراف مهمومة حتى النخاع بمحاربة الإرهاب، والخوف من أن تصبح المحاكم الإسلامية طالبان جديدة، وأن يصبح الصومال مرتعا لعناصر القاعدة، فشجعت الفوضى التي تستنزف الإسلاميين، وتمنع الشعب الصومالي من الاستقرار والنمو، ويروي الرئيس الانتقالي الصومالي السابق "عبد القادر صلاد" أن مندوبا من السفارة الأمريكية في نيروبي قال له: "أمريكا تساند الفوضى في الصومال".

ومنذ صعود المحاكم الإسلامية في عام 2004، ثم نجاحها في القضاء على أمراء الحرب، وتحقيق الأمن والسيطرة على معظم أراضي الصومال، عمدت الولايات المتحدة إلى القضاء على هذه القوة وإعادة الصومال إلى الفوضى، وقد تطابقت المصالح بين كينيا والولايات المتحدة في ذلك؛ لأن اتحاد المحاكم قد حلم سريعا بفكرة التوحيد الكامل، وهو ما أزعج الدول المجاورة، كما أنه يثبت أقدامه داخليا ويصبح القيادة الطبيعية للشعب الصومالي بعد تحقيق قدر كبير من أمن الصوماليين.

لقد أراد الاتحاد تحرير أوغادين من إثيوبيا، وتحرير منطقة أنفدي التي ضمتها كينيا عام 1963، وهنا كان التآمر الإثيوبي والكيني على المحاكم، والذي ترجم إلى دخول القوات الإثيوبية عام 2006 بمباركة أمريكية، وربما عربية أيضا، لطرد المحاكم وإسقاط نظامها ليعود الصومال إلى الفوضى مرة أخرى.

كينيا تدخل على خط الصراع.

بدأت القوى الإسلامية في العامين الأخيرين في الانتقام من كينيا وإثيوبيا، وخاصة من حركة "شباب المجاهدين" التي رفعت شعار وجوب إنهاء الوجود الإثيوبي عبر السلاح، وقال القائد بالحركة "شيخ مختار روبو": إن "المقاومة هي التي ستطرد الاحتلال عن الصومال ولن يكون ذلك عبر الاتفاقيات".

ولاحقت الحركة القوات الإثيوبية، وأضحت هناك مناوشات عسكرية بين الحين والآخر، ووصل الأمر لدرجة أن المطارات لم تسلم من ملاحقة الإسلاميين للإثيوبيين؛ ففي سبتمبر الماضي نشرت الحركة بيانا يأمر جميع شركات الخطوط الجوية والمواطنين بعدم استخدام مطار آدم عدي العالمي (مطار مقديشو سابقا) ويصف أعضاء الحكومة الانتقالية بالمرتدين، وتكلل نجاحهم بإعلان القوات الإثيوبية بأنها تفكر في الانسحاب.

ولم تسلم قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي والقوات الحكومية من التفجيرات والاغتيالات؛ ما جعل السيطرة الفعلية بالعاصمة وكيسمايو ليست بيد أحد، بل وأعلنت الحركة عن بدء غزوتها تحت عنوان: "لا سلام بلا إسلام" لاستعادة أجزاء كبيرة من الأرض الصومالية وتحريرها من المحتلين والعملاء.

وبالنسبة لكينيا فقد خرجت عن صمتها بعدما وجدت أن الإسلاميين بدءوا يستجمعون قواهم، فعرضت على الحكومة الانتقالية تدريب 10 آلاف من القوات الحكومية، الأمر الذي رد عليه المسلحون الإسلاميون في الصومال بأنهم سيهاجمون كينيا إذا مضت قدما في خططها، وقال الشيخ "مختار روبو" المتحدث باسم المسلحين: "سوف نأمر مقاتلينا بالشروع في الجهاد داخل كينيا".

وفى أوائل أكتوبر الحالي وجه إسلاميون صوماليون تهديدا إلى كينيا بعد أن اعتقلت الشرطة هناك اثنين من مسلحيهم، وهاجمت الحركة الإسلامية التي تقاتل الحكومة الصومالية رجال شرطة كينيين مرتين من قبل لاحتجازهم بعض أعضائها لدخولهم كينيا بطريقة غير قانونية.

وصرح "مصطاف علي" قائد جماعة خالد بن الوليد، وهي فصيل من حركة الشباب الإسلامية، أن المسلحين "اعتقلا في كينيا أثناء قيامهما بمهامهما.. إننا ندعو كينيا إلى الإفراج عن رجالنا.. إننا فريق مسلح في جنوب الصومال وننتظر معلومات من كينيا".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تنم عن احتمال نشوب صدامات بين كينيا وبعض الإسلاميين المسلحين في الصومال؛ ففي مايو الماضي عبر إسلاميون مشتبه بهم إلى كينيا واختطفوا لفترة قصيرة أفراد شرطة كانوا يحتجزون ثلاثة من رجالهم دخلوا البلاد بدون وثائق، وفي يونيو 2007 عثر على شرطيين كينيين اختطفهما مقاتلون إسلاميون مقتولين بالقرب من الحدود بعد اعتقال عشرات الإسلاميين المشتبه بهم كانوا يحاولون دخول كينيا.

خوف متبادل.

على أن العداء الصريح بين الجانبين، جاء على لسان رئيس الوزراء الكيني "راليا أودينجا" في أغسطس الماضي؛ حيث قال: "الصومال يهدد أمن كينيا داخليا وخارجيا"، وإن "صراع بلاده مع الإرهابيين سيستمر ما دامت الصومال دولة بلا قانون"، وأكد أن "كينيا باتت على وشك الانفجار من كثرة اللاجئين المتدفقين عليها في السنوات الثلاث الأخيرة حتى قارب عددهم ثلاثة ملايين لاجئ".

وعلى الصعيد الكيني الداخلي، يرى العديد من المسلمين في كينيا أن "الحرب على الإرهاب" التي تقودها الولايات المتحدة وتنفذها حكومة بلدهم صارت تستخدم لاستهدافهم، حتى لا يكونوا بؤر مساعدة للإسلاميين في الصومال.

ورغم هذا العداء الماضي والحاضر، فإنه من المستبعد أن يعمد الطرفان إلى المواجهة المباشرة؛ فالإسلاميون في الصومال لم يستطيعوا تحقيق جزء من أحلامهم باستعادة منطقة أنفدي بسبب انشغالهم بالمعركة الداخلية لتخليص البلاد من القوات الإثيوبية والحكومة الانتقالية المدعومة كينيًّا وإثيوبيًّا وأمريكيًّا، لهذا يتجنبون المواجهة المباشرة هروبا من هزيمة مؤكدة بسبب تشتتهم عسكريا.

أما كينيا، فهي مشغولة بما يصدره الصومال إليها من مشكلات ولاسيما مشكلة اللاجئين، وتخشى أيضا الانهيار الداخلي بسبب ضغوط المسلمين بالداخل الكيني، وتفجر قضايا اللاجئين بما يحملون من مشكلات مجتمعية وصحية وتعليمية وغيرها، ولهذا تتبع سياسة راديكالية هادئة؛ فتحاول مساندة الحكومة الانتقالية دون إثارة غضب الإسلاميين.

يتفق الطرف الكيني إذن مع الإسلاميين في انتهاج مبدأ "الرغبة والرهبة"؛ فكلاهما يرغب في النيل من الآخر ويطمع في تحقيق مكاسب معنوية عسكرية تبعد عنه خطرا محتملا في المستقبل، وكلاهما يرهب المواجهة خوفا من الانكسار والتشتت بالنسبة للإسلاميين، ورعبا من التيارات الإسلامية في الداخل بالنسبة لكينيا، والتي يمكن أن تحدث حالة من الفوضى.

ولكل هذا تحاول كينيا إبعاد التيارات الإسلامية عن مؤتمرات الصلح والوفاق، فتوجه دعواتها لكافة الفصائل والتيارات الإسلامية "المعتدلة" والقوات الحكومية، وتتجاهل تماما الإسلاميين "الآخرين" الذين يعتبرون لب الصراع وأساس أي حل في الصومال.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس