عرض مشاركة واحدة

قديم 12-07-09, 07:53 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الصدمة والترويع والنموذج النازي للحرب



قبيل شن الحرب على العراق في آذار (مارس) 2003 تضمنت الحملة الدعائية المهيئة للحملة العسكرية تهديدات علنية بالطابع التدميـــــري الهائل الذي سيميز الهجوم الأمريكي، كان العنوان الرئيــــسي لهــــــذه التهديدات كلمتــــين:

الصـــدمة والترويع (shock and awe). وبالرغم من الانتشار الواسع لهكذا عنوان لم يتم التعرض لخلفياته بالشكل المطلوب خاصة وأن الحرب النظامية لم تستمر طويلا.

وفي الواقع فإن الصدمة والترويع هي قبل كل شيء عنوان دراسة أعدها مجموعة من العسكريين الأمريكيين وتحديدا من سلاح الجو وذلك بطلب من معهد دراسات الاستراتيجية الوطنية المقرب من البنتاغون.

وقد تفادى الناشر توزيع الكتاب بشكل واسع حيث لم يكن من الممكن من السهولة بالنسبة للقارئ العادي الحصول عليه خاصة في الفترة التي سبقت الحرب.

وتتمثل الأطروحة الأساسية لمؤلفي الكتاب في الأهمية التاريخية للاستراتيجية العسكرية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية والتي اعتمدت على التوظيف الأقصى للفرق الآلية (والتي اعتمدت بشكل كامل وغير مسبوق على سلاح الدبابات) وسلاح الطيران في توجيه ضربات شديدة ومتوالية وهو النموذج الذي طبقه القادة الألمان بالخصوص خلال هجمتهم المفاجئة على الجبهة الروسية.

وليست هذه الاستراتيجية مجرد وصفة عسكرية بحته وإنما تحمل، مثلما هو الحال مع أي استراتيجية عسكرية، رؤية فكرية أشمل للعالم والعوامل الحاسمة للصراعات البشرية.

فهي تتضمن ثقة هائلة في قدرة التكنولوجيا العسكرية على حسم الصراع العسكري كما أنها لا تتحمل الصراعات العسكرية الطويلة المدى حيث تدفع لأسلوب الهجمات السريعة والخاطفة.

وأخيرا والأهم من كل ذلك فهي رؤية تتجاهل الظروف السياسية للحرب حيث تتوقع التأثير السيكولوجي بمعزل عن العوامل السياسية وبالتحديد الشعور الوطني وبالتالي تستقيل عن مناقشة الطابع السياسي لمسائل الانتصار والهزيمة بشكل يترك التبرير السياسي للمسؤول المدني.

وعموما تلتقي هذه الرؤية بشكل واضح مع التجديد الذي أزمع رامسفيلد وفريق المحافظين الجدد على إدخاله منذ وصولهم الى الادارة الامريكية وخاصة ما يتعلق بأولوية رأي المسؤول المدني على حساب رأي القائد الميداني والاعتماد على التكنولوجيا العسكرية عوض القوة البشرية مما يفسر اعتماد هذه الخطة رسميا من قبل البنتاغون في الحرب علي العراق.


القادة العسكرين يرفضون خطة الصجمة و الترويع.


وهكذا لم تكن الرؤية المحافظة الجدد مجرد إسقاط من قبل فريق المدنيين في البنتاغون على القادة العسكريين، حيث كان لعدد كبير من القادة العسكريين (ولأسباب عديدة) الاستعداد للدفاع عن رؤية تختصر الصراع العسكري في موازين التفوق الآلي. غير أن عددا هاما من القادة العسكريين الكبار كانوا قد عبروا عن رفضهم لخطة الصدمة والترويع والاعتماد رئيسيا على التكنولوجيا العسكرية في حسم الحرب في العراق.

ويكــــشف جيفري ريكــــــورد (Jeffrey Record) الخبير العسكري المقرب من الأوساط العسكرية للبحرية الأمريكية في كتابه الانتصار المظلم (Dark Victory) الصادر سنة 2004 عن مختلف الاعتراضات التي قام بها عسكريون أمريكيون على خطة رامسفيلد (وحليفه المقرب من الرئيس بوش الجنرال فرانكس) للحرب.

حيث يشير أولا الى رفض قادة كبار لقوات الجيش والمارينز بدء الحرب بقوات لا تتجاوز 250 ألف جندي وهو ما دعاهم لطلب تأجيل العملية.

كما يشير الى أن قادة الجيش كانوا رافضين بشكل خاص للدور الرئيسي للقوة الجوية والذي رأوا فيه تصورا غير واقعي يتناسى الأهمية الحاسمة للقوات البرية.

وقبل هذا وذاك فقد عبر هؤلاء القادة عن تشاؤم كبير حيال الحرب على العراق وخاصة في علاقة بالظروف السياسية المحيطة بها مما جعلهم يصفونها بالمغامرة.

وبلغت هذه الانتقادات أوجها مع التصريحات العلنية للجنرال جيمس جونس (أحد القادة الرئيسيين لقوات المارينز) لصحيفة الواشنطن بوست وذلك في شهر اب (اغسطس) 2002 والتي عبر فيه عن رفضه للتحليلات التي توقعت استقبالا بالزهور للقوات الأمريكية، كما رفض مقارنة الحرب على العراق بما جري في حرب الخليج الأولى من الأفضل أن تكون لديك خطة بديلة في جيبك الخلفي، لأنك عندما تهاجم أناسا في وطنهم فإنهم سيحاربون بشكل يختلف عن قتالهم.

الدفاع عن الوطن مسألة صعبة لأنهم ليس لديهم أي مكان يذهبون إليه بعد ذلك . ويشير ريكورد أن التوافق لم يكن ممكنا بدون وعد الجنرال فرانكس للقادة المعترضين بتلقي إمدادات بشرية إضافية مع بدء القتال وخلاله وهو الأمر الذي لم يتحقق.

وهكذا فبالرغم من التفوق الأمريكي السريع في الحرب النظامية وسقوط جل المدن العراقية في القبضة الأمريكية فإنه لم تكن هناك قوات كافية لبسط سيطرة برية فعلية وهو ما أتاح ومنذ وقت مبكر المجال للمقاومة العراقية على التنظم ورد الفعل بشكل جعلها تملك المبادرة حتى هذه اللحظة.

في المقابل فإن استراتيجية الصدمة و الترويع مازالت الوسيلة الأساسية التي تواجه بها القوات الأمريكية حرب العصابات: فحتى معركة الفلوجة التي تتسم بشكل واضح بطابع قتال الشوارع فإن الأسلوب الأمريكي بقي يتفادى المواجهة المباشرة ويعمد في المقابل للاعتماد الكامل على الأسلحة الثقيلة وخاصة الفرق الآلية (سلاح الدبابات) وسلاح الطيران.

إن هذا التردد الأمريكي لخوض قتال مباشر هو نقطة الضعف الرئيسية لقوات الاحتلال وهو الأمر الذي يمنح ثقة متعاظمة لدى المقاتلين العراقيين.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس