عرض مشاركة واحدة

قديم 14-06-09, 10:54 AM

  رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي انعكاس التعاون العسكرى على الشرق الاوسط



 

انعكاس اتفاقيات التعاون العسكري الإسرائيلي ـ الأمريكي


على منطقة الشرق الأوسط


كما كان التعاون الإستراتيجي الإسرائيلي ـ الأمريكي، قد تطور على مراحل، فإن انعكاساته أيضاً صاحبت تلك المراحل، وكانت تلك الانعكاسات تتصاعد، وتهبط، نتيجة للعديد من العوامل، منها:

1. التطورات السياسية في المنطقة، والتي تباينت ما بين وجود الاستعمار في المنطقة في حقبة الخمسينيات وما قبلها، أو المرحلة الثورية في حقبه الخمسينيات والستينيات، أو مرحلة الانكسار التي عاشها العرب أعقاب هزيمة يونيه 1967، أو مرحلة الحرب الباردة، التي انعكست آثارها بشدة على المنطقة، وخصوصاً محاولات التغلغل السوفيتي في المنطقة، وأخيراً مرحلة السلام، والتي بدأتها مصر منذ عام 1977، وشملت المنطقة بالكامل، منذ مؤتمر مدريد في نهاية أكتوبر 1991.

2. الصراعات العسكرية، حيث شهدت المنطقة خمسة حروب، كان طرفها الثاني باستمرار هي إسرائيل علاوة على حربي الخليج الأولى والثانية. وقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب أدوارا رئيسية في تلك الحروب، وقُدم خلالها دعم هائل لإسرائيل، على حساب الدول العربية.

3. أعمال المقاومة من أجل التحرير، والتي اعتبرتها الولايات المتحدة الأمريكية، أحد صنوف الإرهاب دون تقدير الدوافع، التي من أجلها تمت إجراءات المقاومة، وقد دعمت إسرائيل بفاعلية، وكان أهمها قرار إمداد إسرائيل بالتكنولوجيا الليزرية المتقدمة THELL عام 1996 لتصنيع الصاروخ "NeuTilas" لتأمين الشمال الإسرائيلي، من صواريخ الكاتيوشا التي يطلقها "حزب الله"، رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في جنوب لبنان.

4. مدى توافق السياسة الأمريكية مع مصالح واتجاهات السلام في المنطقة، وقد سار هذا التوافق على وتيرة واحدة، وهو دعم إسرائيل، مهما كانت الظروف، ففي وقت الأزمة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل على اعتبار تأمينها من التهديدات الموجهة إليها، والعكس صحيح عند توقيع اتفاقيات السلام، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تمنح إسرائيل مساعدات، وهبات، أكثر انطلاقاً من عونها في إعادة انتشار قواتها، أو زيادة قدراتها للرد على التهديدات من أوضاعها الجديدة، وبالتالي، فإنه في كل الأحوال، فإن إسرائيل تضع قائمة مطالب تصر على تحقيقها ويعاونها في ذلك، جماعات الضغط اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
ومن هنا، فإن الانعكاسات، كانت دائماً لصالح إسرائيل، سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، أو العسكري، أما المحصلة النهائية، فإن انعكاس الاتفاقيات، أدي إلى أن تكون إسرائيل في مقدمة الاهتمام السياسي، والعسكري للإدارة الأمريكية. كما أدى إلى أن تأخذ إسرائيل شكل الدولة الإرهابية في المنطقة، حيث احتشدت لديها إمكانيات تفوق ضخمة، وخصوصاً في المجال العسكري، بحيث أصبحت مصدر تهديد لدول المنطقة بالكامل، وأصبحت مصدر إزعاج للإدارة الأمريكية نفسها، نتيجة استخدام تلك القوة، أو التلويح بها في أعمال ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
أي، إن انعكاسات التعاون الإستراتيجي الأمريكي ـ الإسرائيلي، يتجه إلى انعكاسات سلبية، ربما تكون آثارها قد ظهرت في حرب تحرير الكويت، وفى مسيرة السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني، بعد أن كانت انعكاسات هذا التعاون إيجابية، أثناء الحرب الباردة كحليف لأمريكا، لإيقاف المد الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط، كذلك للتدخل في الأزمات الحادة، مثل حرب لبنان، وتدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981.
أما حصيلة الانعكاسات الشاملة على المنطقة، فقد أفقدت الولايات المتحدة الأمريكية مصداقيتها كدولة عظمى، وأدت إلى أن تصبح إسرائيل قوة غير مأمونة العواقب في المنطقة، وبالتالي فقد تأثر الأمن الوطني العربي بصورة شاملة نتيجة التعاون الإستراتيجي الأمريكي ـ الإسرائيلي.

أولاً: انعكاس التعاون العسكري على تطبيق نظرية الأمن الإسرائيلية.

يمثل الارتباط العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، أحد أهم الأسس لصيانة أمن إسرائيل، وضمان بقائها، وقد أصبح هذا الارتباط يشكل نمطاً فريداً في العلاقات الثنائية بين الدولتين، لا يوجد مثيله على مستوى العالم، وقد بُني هذا الارتباط على أساس تشابه قيم، وغايات، ومصالح الدولتين، وبرغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "نتانياهو"، قد ذكر في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي في 10 يوليه 1996: "بأن إسرائيل قد بلغت سن الرشد، ونضجت بما فيه الكفاية، لكي تبدأ مرحلة الاعتماد على الذات"، وكان يقصد وقتها أن إسرائيل ستسعى إلى تعظيم قدراتها العسكرية، وأنها لن تتخلى عن الخيار النووي لتحقيق الردع السياسي والعسكري. برغم ذلك، فإن جميع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية منذ نشأة إسرائيل، وحتى الآن، لا تخلو برامجهم من عبارة " ضمان بقاء إسرائيل والحفاظ على أمنها وسلامتها".

ومن هنا، فإن إسرائيل تدرك، أن الولايات المتحدة الأمريكية مرتبطة أدبياً، وإستراتيجياً، بضمان أمنها وتفوقها، إلا أن طبيعة التشكك الإسرائيلية، تحاول باستمرار انتزاع ما يؤكد استمرارية المظلة الأمريكية لتأمينها، ويشتد هذا التشكك مع المتغيرات الحادة التي يشهدها العالم، منذ بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين وحتى الآن، حيث أثرت حدة المتغيرات، بدءاً من تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، وحرب الخليج الثانية، وعملية السلام التي بدأت من مؤتمر مدريد، ومرت بتوقيع اتفاقية السلام مع الأردن عام 1994، وقبلها اتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين عام 1993، ثم أحداث عام 1996 على الحدود اللبنانية، ثم انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000.

وبالرغم من أن إسرائيل تبدو وكأنها تعيش في أوج قوتها ـ كما توحي هي بذلك للآخرين ـ إلا أنها تحمل في جسدها ضعفاً خطيراً من الناحية الإستراتيجية، يتمثل في الكتلة الحيوية بجميع أركانها "المساحة ـ العمق ـ شكل الدولة ـ الحدود ـ القوة البشرية ـ تناقضات البناء الاجتماعي- مستوى الاعتماد على الذات ـ أمن الدولة في المحيط الإقليمي ـ العدائيات المحيطة".
يتضح من هذا، أن المشكلة الإستراتيجية التي تبحث إسرائيل عن حلول لها، منذ إنشائها وحتى الآن، وهي إيجاد العلاقة بين ضعف الدولة إستراتيجيا، وإمكانية العيش بين خصوم، وهذا هو ما انعكس على صياغة نظرية الأمن، والعقيدة العسكرية الإسرائيلية التي صاغها ديفيد بن جوريون، عقب إعلان الدولة في 14 مايو 1948، وشملت خمسة مبادئ رئيسية هي:

1. تشجيع يهود العالم للهجرة إلى إسرائيل، وتسهيل ذلك لهم، وفتح دولة إسرائيل لاستقبالهم، باعتبارها هي أرض الميعاد، التي يجب أن يتجمع يهود العالم بها.
2. تأييد الدعم السياسي لإسرائيل، وتشجيع اعتراف أكبر عدد من دول العالم بها، وخصوصاً الدول المؤثرة في العالم، واستخدام نفوذ القوى الكبرى، في حث دول العالم على الاعتراف بها.
3. الحفاظ على كيان الدولة ووجودها، سياسياً، واقتصادياً، وعلمياً، وفي هذا المجال، فإن ابن جوريون صمم على أن تقام الدولة على أسس علمية، وتكون التكنولوجيا الحديثة هي أساس البحث العلمي.
4. ضمان الدعم من إحدى الدول الكبرى، والحفاظ على روابط وثيقة بها، وفي هذا المجال، فقد تعددت القوى التي ارتبطت بها إسرائيل، بدءاً من بريطانيا، ثم فرنسا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب حرب العدوان الثلاثي على مصر. ويهدف هذا الارتباط تأمين إسرائيل، وضمان إمدادها بالأسلحة الحديثة، والمساعدات الاقتصادية، والتكنولوجية، وضمان الدعم السياسي سواء في المحافل الدولية، أو في المحيط الإقليمي.
5. تقوية الشعور الديني، والثقافي والروابط التاريخية بين إسرائيل ويهود العالم ويأتي ذلك من منطلق، أن الشعور الديني، هو الذي يمكن أن يوحد شتات المجتمع الإسرائيلي الذي هاجر إلى إسرائيل من الكثير من الدول، ولكل عاداته وقيمه، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يجمع بينهم هو العامل الديني، والذي من خلاله يمكن بزوغ ثقافة إسرائيلية تسيطر على المجتمع. أما تأثير الدين على يهود العالم، فهو من أجل دعم إسرائيل نفسها سواء بالمال، أو بالنفوذ، أو الضغط على قيادات الدول من أجل نصرة إسرائيل، وهو ما حدث فعلاً مع يهود أمريكا، وكذلك يهود فرنسا، وغيرهم الذين لم يدخروا وسعاً في دعم إسرائيل بكل الإمكانيات المتيسرة على حساب العرب.

وقد أفرزت العقيدة العسكرية بدورها، عقائد وأساليب القتال، ونظريات الأمن، التي حرصت القيادة الإسرائيلية على تطبيقها باستمرار، وتنحصر في الآتي:

1. نظرية كل الشعب جيش، انطلاقاً من أن ديموجرافية إسرائيل لا تسمح بتكوين جيش نظامي، يستمر في الخدمة لأوقات طويلة، لكي يواجه الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
2. الاهتمام بخفة الحركة، والاعتماد على سلاح الطيران بشكل كامل في إيقاف العدو المهاجم، وتأمين التعبئة داخل إسرائيل، ثم التحول لتوجيه ضربات مركزة بالتعاون مع جيش الدفاع الإسرائيلي، وفي ذلك فقد خصصت وزارة الدفاع الإسرائيلية نسبة 52% من الإنفاق العسكري، لصالح القوات الجوية في ميزانياتها المتعاقبة، وتعتمد أيضاً على المدرعات، التي تشكل عامل الصدمة في المعركة، ويمكنها تحقيق نصر سريع.
3. نقل الحرب إلى أرض الخصم، لأن العمق الإسرائيلي قليل، وسيتأثر بأي ضربات من الجيوش المعادية.
ولكي تحقق إسرائيل نظريتها للأمن بكفاءة، فإن الحليف المضمون، لا بد أن تكون لديه الآلة العسكرية المتقدمة سواء في الطيران أو المدرعات، التي يمكن أن يمد بها إسرائيل. لذلك فإن طائرات السوبر مستير الفرنسية Super Mystere ، كانت هي سلاح الجو الرئيسي لإسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. ثم كانت طائرات الميراج الفرنسية Mirage أيضاً، هي السلاح الرئيسي في حرب يونيه 1967، وبعدها كانت الطائرات الأمريكية، هي التي تشكل سلاح الجو الإسرائيلي، وحتى الآن.

وفي العديد من المراحل الزمنية، كانت نظرية الأمن الإسرائيلي، تتلاقى مع المصالح الأمريكية في المنطقة إذ إنه بنهاية الخمسينيات، وحلول الستينيات من القرن العشرين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت هي الطرف الدولي الأقدر على الحركة في منطقة الشرق الأوسط، وكانت الأهداف الإستراتيجية الأمريكية منذ نهاية الخمسينيات تتحدد في:

1. إخراج الاتحاد السوفيتي من المنطقة، قبل أن يتمكن من تثبيت مكانته، ونفوذه فيها.
2. تعزيز المصالح الأمريكية الاقتصادية والعسكرية بكل الوسائل، وفى مقدمتها دعم مراكز الولاء التقليدي للغرب، على الأرض العربية.
3. حصار المراكز الثورية الجديدة، في العالم العربي وإسقاطها.

في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، أدركت ـ كإفراز لنتائج حرب العدوان الثلاثي عام 1956 ـ أن إسرائيل تستطيع أن تقوم بدور رئيسي للحفاظ على المصالح الأمريكية والغربية، في منطقة الشرق الأوسط، وقد زاد هذا الدور في أعقاب فشل كل من حلف بغداد، ثم الحلف المركزي بالقيام بأي دور.

وفي عام 1963، وعقب اغتيال الرئيس "جون كيندي" في نوفمبر 1963، وتولي الرئيس ليندون جونسون المسؤولية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، ضغطت على ألمانيا الاتحادية لتسليم صفقة أسلحة لإسرائيل بدون ثمن، وكانت هي بداية استعداد إسرائيل لحرب عام 1967.

وربما يظهر مدى الدعم الأمريكي لإسرائيل، والحفاظ على أمنها وبقائها، من خلال جولتين في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية فيهما دعماً مطلقاً لإسرائيل سواء عسكرياً، أو سياسياً، أو أدبياً.
1. الدعم الأول.
كان قبل، وأثناء، وبعد حرب يونيه 1967، فقد كان التدخل السياسي الأمريكي سافراً، من أجل تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق إسرائيل نصراً حاسماً، جاء ذلك بالتدخل الدبلوماسي للولايات المتحدة الأمريكية، لإيقاف نية مصر في توجيه أعمال تعرضية ضد إسرائيل اعتباراً من 28 مايو، ووصل هذا التدخل إلى استخدام الرئيس جونسون للخط الساخن بينه وبين موسكو في الثالثة صباحاً ليبلغ أليكسي كوسيجين Kosygin Alexeiرئيس الوزراء السوفيتي، أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها معلومات بأن القوات المصرية، ترتب هجوماً على المواقع الإسرائيلية، وأن موعد هذا الهجوم وشيك، وأنه إذا حدث ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر نفسها في حل من تعهداتها التي أعطتها للاتحاد السوفيتي بممارسة ضبط النفس، وأنه (أي الرئيس جونسون)، لم يشأ أن يضيع وقتاً في ساعات خطيرة يمكن أن تؤثر تأثيراً فادحاً على الموقف، ولهذا استخدم الخط الساخن.
في الوقت نفسه، فإن الدعم ترجم عسكرياً أيضاً، سواء من خلال الإدارة الأمريكية، أو من خلال وكالة الاستخبارات المركزية، التي قامت بدورها، بتسليم إسرائيل كميات هائلة من الطائرات، والأسلحة الحديثة لاستخدامها في العدوان.
وبمجرد كسب إسرائيل لتلك الحرب، فإن الدعم الأمريكي، تدفق بصورة لا مثيل لها على إسرائيل سواء عسكرياً، أو اقتصادياً، أو سياسياً، حيث زودت الولايات المتحدة الأمريكية إسرائيل بطائرات الفانتوم التي اشتركت في مرحلة ما في حرب الاستنزاف. وتدفقت رؤوس الأموال الأمريكية على إسرائيل لتنعش اقتصادها، ثم تبنت الولايات المتحدة الأمريكية وجهة نظر إسرائيل في الحدود الآمنة، وقامت هي بدور المفاوض الضاغط، من أجل حصول إسرائيل على كل شروطها في تحقق الأمن على حساب العرب جميعاً.
2 . الدعم الثاني.
كان خلال الجولة العربية ـ الإسرائيلية الرابعة في أكتوبر 1973، وكان أهم مظاهر الدعم، هو التحرك السياسي الأمريكي لمحاولة إيقاف الهجوم العربي، والتأثير على المجتمع الدولي بعدم اتخاذ قرار، أو عرض وجهة نظره في الحرب، إلا بعد أن تتأكد من نتيجة الهجوم المضاد التي تشنه إسرائيل يوم 8 أكتوبر، في أعقاب استكمال التعبئة الإسرائيلية بدعم وتنسيق أمريكي كامل، ولما فشل هذا الهجوم في تحقيق أهداف إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، فقد سارعت أمريكا بتلبية مطالب إسرائيل من الدعم العسكري، في محاولة لإحداث توازن على المستوى الإستراتيجي، من خلال الجسر الجوي الأمريكي ـ الإسرائيلي، حيث نُقل ثمانية وعشرين ألف طناً من الأسلحة والمعدات الحربية، قيمتها حوالي مليارين ومائتي مليون دولاراً، وبلغت تكاليف النقل بمفردها ثمانية وثمانين ونصف مليون دولاراً.

ثم أعقب ذلك جسراً بحرياً لنقل 33.210 طناً من الأسلحة والمعدات بدءاً من الثاني من نوفمبر 1973، إلا أن حرب أكتوبر شكلت فاصلاً زمنياً في الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، عبَّر عنها هنري كيسنجر Henry Kissinger في 9 أكتوبر 1973، بقوله: "إن العرب قد حققوا نصراً إستراتيجياً في الشرق الأوسط، بدون النظر إلى النتيجة النهائية للحرب، وأن العجلة لن تعود إلى الوراء"، وكان هذا يعني، أن إستراتيجية جديدة لأمريكا، لا بد أن تنشأ، لتراعي في المقام الأول المصالح الأمريكية، حيث إن التوازن الذي أدت إليه نتيجة الحرب، ألغى فكرة التحالف الإسرائيلي ـ الأمريكي المطلق، أو أن تكون إسرائيل، هي الراعي الوحيد للمصالح الأمريكية في المنطقة.

وإذا كان زلزال أكتوبر، هو بداية المتغيرات، فإن زلازل أخرى تعاقبت على إسرائيل أدت إلى متغيرات هامة، كان أولها زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات إلى القدس في 19 نوفمبر 1977.
ثم كان الفشل في تحقيق الهدف الإسرائيلي، من عملية سلام الجليل ضد لبنان 5 يونيه 1982، والتي سبقها "حرب الليطاني" 15 مارس 1978، وكلاهما كان يهدف إلى التخلص نهائياً من المقاومة الفلسطينية لتنفرد إسرائيل بفلسطين، ولا تجد من يطالب بحق تاريخي، وقد وجدت إسرائيل ضوءاً أخضر أمريكياً، ودعماً سياسياً، وعسكرياً، من أجل القيام بتلك العمليات، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تقدر في حساباتها باستمرار المقاومة الفلسطينية، والتي ستتعاظم في وقت ما مع استمرار عملية السلام، وكانت توقعاتها سليمة، حيث اشتعلت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 9 ديسمبر 1987، أي بعد خمس سنوات فقط من خروج قيادات المقاومة الفلسطينية من لبنان.
وقد واجهت إسرائيل تلك الانتفاضة بردع إجرامي، لأنها أثرت عليها من الداخل، ولم تنجح إسرائيل من خفض حدّتها إلا من خلال الانسحاب من مناطق محدده في الكثافة السكانية الفلسطينية، كذلك فعاليات مؤتمر مدريد للسلام في نهاية أكتوبر 1991، والذي أدى إلى اتفاقية أوسلو عام 1993.

وإلى جانب ذلك، كان هناك العديد من المتغيرات على المستوى الإقليمي والعالمي، التي أكدت قوة التعاون الإستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، برغم أن تلك المتغيرات أثرت سلباً أو إيجابياً على ذلك التعاون الإستراتيجي، وقد نجحت إسرائيل في اقتناص الإيجابيات، والتغلب على السلبيات.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس