عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:49 PM

  رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الخلاصة:
مما تقدم نستطيع القول بأن الاستراتيجية الأمريكية في الخليج العربي لم يحدث لها تغيير جوهري منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الحاضر. منذ مبدأ إيزنهاور وحتى الإعلان عن مبدأ كارتر ومقترحات شولتز (1987) مروراً بمبدأ نيكسون، كان التغيير يمس المنهج دون المضمون، هذا المضمون الذي اتكأ على مبادئ أساسية لا تتغير وأهمها ما يتعلق بالإعتبارات التالية:
(1 ) يشكل بترول منطقة الخليج العربي عنصراً هاماً للصناعة الغربية والرأسمالية العالمية(1). وبما أنها قائدة العالم الرأسمالي، فإن الولايات المتحدة مطالبة بضمان استمرارية تموين العالم الغربي من نفط منطقة الخليج العربي(2) ولو تطلب ذلك التدخل العسكري.
(2 ) يهدد هذه المنطقة خطر رئيسي متمثل في الشيوعية العالمية. ويمكن مواجهة هذا الخطر عن طريق تكوين جبهة موحدة بمشاركة جميع الدول الغربية الصناعية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.
(3 ) إن عدم الاستقرار في هذه المنطقة ناتج عن عدم قدرة دول الخليج العربي على تأمين الدفاع الذاتي. ومن هنا تبرز أهمية إقامة حلف أو تحالف عسكري بين هذه الدول، وهذا التحالف مرتبط بطريقة أو بأخرى بالتحالف العسكري الغربي.
(4 ) تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مسؤولة عن أمن واستقرار هذه المنطقة. هذه المسؤولية التي أصبحت أكثر إلحاحاً بعد نجاح الثورة الإيرانية(3) وظهور بعض الحركات المتطرفة في بعض بلدان الخليج.
(5 ) تفصل الولايات المتحدة الأمريكية فصلاً تاماً بين أمن الخليج والأمن العربي. ويتمثل هذا الفصل أساساً في استبعاد التهديد الإسرائيلي بوصفه في مقدمات تهديدات الأمن العربي وبالتالي في عدم الربط بين تحقق أمن الخليج وحل القضية الفلسطينية.
(6 ) تبنت الولايات المتحدة الأمريكية حتى الإعلان عن مبدأ كارتر من أجل إنجاز هذه الأهداف، استراتيجية كانت في الوقت نفسه سياسية، عسكرية واقتصادية، ولكن الاستراتيجية الأمريكية تعتمد بالدرجة الأولى على القوة. وهذا التوجه أثار انتقادات كثيرة داخل وخارج أمريكا نذكر أهمها:
1 ـ استعمال السلاح النووي:
تردد الرئيس كارتر كثيراً في الحديث عن الاستعمال المحتمل للسلاح النووي لمواجهة المشاكل الدولية. لكن الإدارة الجمهورية كانت مستعدة لاستعمال هذا السلاح بموجب مبدأ الرد المرن، في حالة حدوث نزاع مع الإتحاد السوفيتي. وقد صرح واينبرغر Weinberger(4)، إن الولايات المتحدة الأمريكية قد تضطر إلى التصعيد العمودي والأفقي(5) للرد على أي اعتداء سوفيتي على الآبار النفطية في الخليج العربي.
وقد أكدت الإدارة الجديدة توجهها هذا بمسارعتها في تحديث أسلحتها النووية المنصوبة في أوربا وتلك الموجودة في أساطيلها. وكان القرار الذي اتخذ في الرابع من أغسطس 1981 بخصوص إنتاج قنبلة النيترون يؤكد هذا التوجه أيضاً، ونرى ألبرت وولستر، أحد الاستراتيجيين الامريكان الذين ينتقدون اللجوء إلى السلاح النووي للدفاع عن المصالح الغربية في الخليج العربي. وهو أحد أبرز المختصين في الحرب الباردة، وهو أيضاً ينتسب إلى المعسكر المعادي للسوفييت في أمريكا، ولكنه يرفض المزايدة النووية كطريقة لإبعاد التهديدات السوفتية.
يعتقد ألبرت
ولستر(6) أن "التهديد باللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية كرد على الاجتياح التقليدي ـ أي إدخال شبكة دفاع في الخليج العربي تعتمد إما الدفاع الاعتراضي (Trip-Wire) أو الدفاع الاحترازي (Plate-Glass) من شأنه أن يبعث الخوف في حلفائنا، خصوصاً الحلفاء الإقليميين أكثر مما يرهب الروس".
أما عن فعالية استخدام السلاح النووي ضد السوفييت، فإن ولستر يؤكد "أن الدفاع الاعتراضي النووي أصبح اليوم أقل إلحاحاً وإقناعاً في وسط أوربا مع ازدياد القوة السوفيتية النووية في المدى القصير والمتوسط والقاري أما الدفاع الاعتراضي في الخليج العربي فسيكون على الأرجح، أقل إلحاحاً وإقناعاً من ذلك"(7) ويضيف ولستر "إن سياسة الدفاع الاعتراضي لا تدل على التصميم على استخدام الأسلحة النووية في وقت الأزمة، بل إنها تظهر الافتقار إلى الإرادة، قبل وقوع الأزمة، للإعداد لمواجهة تهديد غير نووي في مستواه نفسه"(8).
ومن ثم فإن منطق الأمور يفرض علينا توقع فشل الدفاع النووي الأمريكي ضد السوفييت في منطقة الخليج العربي أو حتى القول بعدم فعاليته.
2 ـ التفوق البحري:
يتذمر المسؤولون الأمريكان غالباً من واقع التوازن في السلاح البحري والذي يميل لصالح الإتحاد السوفيتي. وهكذا نجد الرئيس ريجان في حملته الإنتخابية يعد بزيادة قطع الأسطول البحري الأمريكي من 450 إلى 600 قطعة. وتمشياً مع توجه الرئيس، نجد واينبرغر يعلن عن مشروع قدرت تكلفته بحوالي 120 مليار دولار. ومن أجل تبرير مساعيه، نبه إلى أن "تجارة وصناعة أمريكا، ووصولها إلى المصادر الحيوية، وقوة التحالف الأطلنطي تتعمد على قدرتنا في السيطرة على البحار"(9).
ويعتقد المختصون في البنتاغون(10) أيضاً أن التفوق البحري عنصر مهم في كل عمليات قوات التدخل السريع. وإن هذا سوف يساعد على إنجاح كل سياسات "الرد المرن" في أي منطقة تختارها الولايات المتحدة الأمريكية.
ولا بد من التذكير هنا أن واشطن أثناء وضعها لهذا المشروع الهام والذي ركز على إقامة قوة عسكرية بحرية ضاربة في الخليج، كانت في قطيعة ديبلوماسية على أكبر قوتين في المنطقة وحتى المملكة العربية السعودية والتي تتميز بعلاقاتها الودية بأمريكا، ترفض بشدة أي تواجد عسكري للدول الكبرى في منطقة الخليج العربي. ويقول الدكتور أحمد زكي اليماني وزير البترول السعودي السابق في هذا الصدد في السابع من فبراير 1980 "لا نريد أن نرى القوى العظمى موجودة في منطقتنا. علينا أن نحاول إعادة جو الهدوء"(11).
3 ـ إن سياسة الإجماع الاستراتيجي والتي تحاول الإدارة الأمريكية أن تنادي بها تخيلت نتيجة للأمور التالية:
1 ـ اعتبار الإتحاد السوفيتي الخطر الأول على المصالح الغربية في المنطقة.
2 ـ هذه الاستراتيجية في أهدافها ومحتواها تذكرنا بالسياسات الأمريكية للإحتواء والتي تبنتها أمريكا في عقد الخمسينيات مع فارق. إن سياسة الإجماع الاستراتيجي لا ترجع إلى اتفاقات سياسية أو بناء مؤسسي معين.
3 ـ فقدان هذه السياسة للواقعية، حيث أنها تعتمد على إنشاء حلف معاد للسوفييت، تشترك فيه الدول الخليجية مع واشنطن، وتعتمد أساساً على تواجد القوات الأمريكية في المنطقة، في حين أن أكثر هذه الدول ترفض أي تواجد مباشر للقوى العظمى على أراضيها.
مما تقدم نرى أن الاستراتيجية الأمريكية تقوم في الأساس على التدخل المباشر وتواجد الأساطيل والقوات الأمريكية والغربية في الخليج بالإضافة إلى الاعتماد على العدو الإسرائيلي في إطار التحالف الاستراتيجي بين البلدين.
أما قادة مجلس التعاون الخليجيي فإنهم وضحوا في البيان الختامي لاجتماعهم الأول الذي عقد في أبو ظبي في مايو 1981 مفهوم المجلس لأمن الخليج في فقرة هامة نصها ما يلي: "وقام أصحاب الجلالة والسمو باستعراض الوضع الراهن في المنطقة. وجدودا تأكيدهم أن أمن المنطقة واستقرارها إنما هو مسؤولية شعوبها ودولها، وأن هذا المجلس إنما يعبر عن إرادة هذه الدول وحقها في الدفاع عن أمنها وصيانة استقلالها، كما أكدوا رفضهم المطلق لأي تدخل أجنبي في المنطقة مهما كان مصدره، وطالبوا بضرورة إبعاد المنطقة بأكملها عن الصراعات الدولية وخاصة تواجد الأساطيل العسكرية والقواعد الأجنبية لما فيه مصلحتها ومصلحة العالم، وأعلنوا بأن ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط الأمر الذي يؤكد ضرورة حل قضية فلسطين بما فيه حقه في العودة إلى وطنه وإقامة دولته المستقلة. ويؤمن الإنسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي طليعتها القدس الشريف"(1).
لقد تضمنت هذه الفقرة نقاطاً تشير بوضوح إلى رفض دول مجلس التعاون للاستراتيجية الأمريكية تجاه الخليج. فهم من ناحية أكدوا أن أمن الخليج مسؤولية دول وشعوبه فقط ومن ثم فهم يرفضون أي تدخل أجنبي في المنطقة وأي إقحام للمنطقة في حلبة الصراعات الدولية. ومن ناحية أخرى أكدوا أن الأمن الخليجي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن العربي، وهذا يعني أن قادة المجلس وضعوا التهديد الإسرائيلي في مقدمة تهديدات أمن الخليج. وهذا رفض آخر للمفهوم الأمريكي لأمن الخليج الذي يكاد يحصر هذه التهديدات في التهديد السوفيتي.
ومع ذلك فقد وقع حدثان ضخمان متتاليان مع فارق زمني محدود غير الكثير في العالم وفي المنطقة:
1 ـ حدث غزو الكويت من قبل العراق.
2 ـ سقوط الإتحاد السوفيتي وانتهاء حلف وارسو وانفراد الولايات المتحدة بدور القوة الأعظم الوحيدة.
فهل تغيرت أهداف السياسة الأمريكية وأساليبها في الخليج العربي؟ لا أظمن أن تغييراً قد وقع في الأهداف لكن التغير أصبح في الأساليب ثم في شخصية العدو الممثل للأخطار على الخليج التي ينبغي مواجهتها، كيف كان ذلك؟ يكاد يجيب على هذا السؤال ما دار بيني وبين المسؤول عن العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي عندما طرحت عليه هذا السؤال: ما هي تصورات الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بأمن الخليج؟ وكانت إجابته كالآتي:
السياسة الأمريكية لمنطقة الخليج العربي مبنية على ركيزتين أساسيتين هما:
الركيزة الأولى: احتواء الذئبين الكبيرين في الخليج ألا وهما إيران والعراق.
أما الركيزة الثانية: فإنها تحتوي على أربع محاور رئيسية وهي:
1 ـ دعم حكومات مجلس التعاون الخليج.
2 ـ دعم مجلس التعاون الخليجي.
3 ـ تقوية العلاقات بين دول مجلس التعاون والحكومات الصديقة مثل بريطانيا ـ فرنسا ـ روسيا ـ مصر ـ سوريا…الخ.
4 ـ عقد الاتفاقيات العسكرية المنفردة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون.
إن ما سبق لا يحتاج إلى تعليق سوى إضافة جديدة حول الأساليب وهو ما لم يرد في إجابة المسؤول الأمريكي. ويمكن قراءة تلك الاضافة بقراءة أحداث حرب تحرير الكويت وما أعقبها من أحداث في المنطقة وفي العالم.
إن الولايات المتحدة التي حرصت على عدم التدخل المباشر طوال تاريخها في المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى احتلال العراق للكويت، أصبحت مستعدة للتدخل المباشر في المنطقة. لا اختلاف حول ذلك ـ الذي سوف يختلف هو سيناريو هذا التدخل الذي قد يشترك في تحديده سلوك أي من الذئبين أو كليهما.
الهوامش:
1 ـ يقول جور ب. كريست "إن 8% فقط من نفطنا (الولايات المتحدة) يأتي من الخليج، ولكن على المدى البعدي، سوف يزيد اعتماد الولايات المتحدة على نفط الخليج. حيث انخفضت نسبة إنتاج السنة الماضية بنسبة 4,8% مسجلة بذلك أدنى مستوى لها منذ عام 1977. ويواصل قائلاً: "بن إنتاج السنة الماضية كان أقل بنسبة 14% عن سنة 1970 والذي سجلت فيه الولايات المتحدة أعلى مستوى لإنتاجها. وإن اتجاه الانخفاض في الإنتاج يتوقع له أن يستمر على الرغم من زيادة الطلب".
Remarks By General George B. Crist, Commander in Chief, United States Central Com- mand to the world Affairs Council of Boston in Bostom, Massachusetts No. 23 February 1988, P. 3.
2 ـ في فبراير 1980 أعلن هارولد برون Harold Brown وزير الدفاع الأمريكي لحكومة الرئيس كارتر التالي "إذا حرمت الديمقراطيات الغربية من الموارد النفطية الخليجية ستحدث من دون شك على الصعيد العامي مواجهة اقتصادية أعنف من التي عرفناها قبل خمسين عاماً. وأن كارثة لا يمكن عكسها سوف تحدث إذا ما قطعت الإمدادات النفطية عن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية. أما بالنسبة لأمريكا فإنها سوف تواجه تصدعاً اقتصادياً لا مثيل له، وتوتر عاملي فوضوي، وتباهي من القوة السوفيتي".
Labrousse H., “Une Strategie de Dissuasion Pour La Golfe”, Revue de Defense Nationale, April, 1982.
2 ـ في الحادي من أكتوبر لعام 1981، أعلن الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي بأنه "لن يسمح بأن تصبح المملكة العربية السعودية إيران ثانية، وواصل قائلاً: "في أي حالة من الأحوال، لن يبقى هناك هيمنة لأي أحد على المملكة العربية السعودية أو منابع البترول".
Congressional Quarterly, Weekly Report, 17 Octobed 1981, P. 2015.
3 ـ Klare Michael, Op. Cite.
4 ـ يعني التصعيد العمودي، التنقل من السلاح التقليدي إلى السلاح النووي، وأما التصعيد الأفقي فهو يتضمن انتقال جغرافي للصراع أو توسيعه في مناطق أخر من العالم.
5 ـ ولستر ألبرت، مصدر سبق ذكره، ص 39 ـ 40.
6 ـ نفس المصدر السابق.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ Klare Michael< Op. Cite.
9 ـ ولستر البرت مصدر سبق ذكره، ص 40 ـ 41.
10 ـ نفس المصدر السابق، ص 27.
11 ـ البيان الختامي للاجتماعات الدورة الأولى للمجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس