عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:21 PM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

سياسة العمودين المتساندين ومسألة أمن الخليج:
لم يكن للولايات المتحدة الأمريكية حتى بداية السعبنات سياسة إجمالية تعني بالخليج، لكنها كانت تتبع سياسات مختلفة تهدف إلى تحسين العلاقات التجارية والمالية، والعسكرية مع دول المنطقة، وقد تركزت علاقات الولايات المتحدة في تلك الفترة على المملكة العربية السعودية وإيران وهذا راجع طبعاً إلى أن كل دول منطقة الخليج العربي. كانت قبل فترة السبعينات تحت السيطرة البريطانية ما عدا المملكة العربية السعودية وإيران. لكن الأنسحاب البريطاني وارتفاع أسعار النفط وانتقال الولايات المتحدة الأمريكية من حالة الإكتفاء الذاتي إلى حالة الدول المستوردة للنفط، جعلت من الخليج العربي منطقة ذات أهمية كبرى للأمريكان.
وفي السادس من يونيو 1973، أعلن جوزف سيسكو Joseph Sisco سكرتير الدولة المساعد والمسؤول عن العلاقات مع الشرق الأدنى وجنوب آسيا أمام اللجنة الفرعية للكونجرس المكلفة بشؤون الخليج "توجد لنا في الخليج مصالح سياسية واقتصادية واستراتيجية مهمة جداً جداً"(1). وفي نفس التقرير حدد سيسكو أهداف السياسة الأمريكية في أربع نقاط:
1 ـ دعم المساعي المحلية الهادفة إلى أمن المنطقة الجماعي وذلك لتأمين الاستقرار ودفع التطور المتناسق دون التدخلات الخارجية.
2 ـ حل المشاكل الحدودية بين دول المنطقة بالطرق السلمية، وتعزيز العلاقات بين دول الخليج.
3 ـ ضمان الوصول إلى المصادر النفطية الخليجية بأسعار مناسبة والحصول على الكميات التي تلبي احتياجاتنا المتزايدة وكذلك احتياجات حلفائنا الأوروبيين والأسيويين.
4 ـ تقوية مصالحنا التجارية والمالية(2).
وأمام اللجنة الفرعية نفسها شرح جيمس نويز James Noyes (سكرتير الدولة لشؤون الدفاع والمسؤول عن العلاقات مع الشرق الأدنى وأفريقيا وجوب آسيا). الأهداف الأمريكية في نطاق أمن الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج العربي بالطريقة التالية:
1 ـ إيقاف القوة العسكرية السوفيتية وراء حدودها الحالية.
2 ـ الوصول إلى بترول الخليج العربي.
3 ـ حرية حركة السفن الأمريكية في المنطقة(3).
ومن الطبيعي أن مبدأ نيكسون لم يكن موجهاً فقط إلى منطقة الخليج العربي، لكن السمؤولين الأمريكان وجدوا في منطقة الخليج العربي أرضية خصبة لتطبيقه. لأن هذا المبدأ وضع في فترة الأزمة النفطية، التي وضعت تحت تصرف قادة المنطقة ملايين من الدولارات، استعملت لسوء الحظ في شراء الكميات الكبيرة من الأسلحة.
كيف طبق مبدأ نيكسون واقعياً في الخليج ليمكن الأمريكيين من الوصول إلى أهدافهم؟
(أ) ـ تعتبر إيران أفضل مثال لتوضيح مبدأ نيكسون، وقد اختيرت هذه الدولة للعب دور شرطي المنطقة وذلك للأسباب التالية:
1 ـ موقع إيران الجغرافي، على الحدود الجنوبية للإتحاد السوفيتي، فقد وضعت في مقدمة المدافعين عن المصالح الرأسمالية. وقد وجدت الإدارات الأمريكية التبريرات الكثيرة لشحن كل أنواع الأسلحة الحديثة إلى إيران، بتبرير أن هذه الدولة مهددة بشكل مستمر من الإتحاد السوفيتي(4). وقد حصل الشاه، بناءاً على طلبه على كميات كبيرة من الأسلحة. وتفسر هذه الإمدادات الكبيرة من الأسلحة، نية واشنطن في اختيار إيران لتصبح القوة التي لا تقبل المنازعة في المنطقة(5).
2 ـ عدم وجود أي مشاكل بين إيران وإسرائيل، فلم تجد الولايات المتحدة الأمريكية أي معارضة داخلية، أو من أوروبا أو من اليابان، لتحويل إيران إلى شرطي الخليج.
3 ـ احتلال إيران لموقع استراتيجي في آسيا، حيث تمثل إحدى أقوى الدول الرأسمالية من الناحية الاقتصادية والعسكرية. وقد لعب عدد كان إيران دوراً ضخماً في الاقتصاد الإيراني وفي المستوى العسكري والإداري. ومن ناحية أخرى كانت المملكة العربية السعودية تملك مصادر مالية ضخمة إلا أن عدد سكانها كان قليلاً، ومن ناحية أخرى كانت مصر وتركيا تملكان قوة بشرية كبيرة ولكنهما كانا يفتقران إلى المصادر الاقتصادية.
4 ـ التوافق الكبير بين المصالح الأمريكية وتطلعات الشاه التوسعية(6).
إن تطلعات الشاه الكبيرة في جعل إيران قوة عسكرية كبرى في منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي، خدمت بشكل جيد المصالح الأمريكية، لأن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت لها مصالح كبيرة في المنطقة، والتي تستطيع بتواجدها العسكري المحدود الدفاع عنها خاصة بعد الانسحاب البريطاني. وهكذا عندما قام الشاه بغزو واحتلال الجزر العربية الثلاث، لم تكتف الولايات المتحدة بعدم شجب هذا الإعتداء، وإنما وعدت الشاه بالسماح له باستيراد أي نوع من أنواع السلاح الذي يحتاجه ما عدا السلاح النووي. هذه السياسة بطبيعة الحال كان يشجعها ويساندها كل الشركات البترولية الأمريكية وملاك الصناعات العسكرية.
وقد أصبحت إيران بفضل استيراداتها الضخمة من السلاح، أكبر قوة عسكرية في المنطقة، وقد شجع هذا الشاه للنظر في تحقيق مشاريعه المتصلة بالأمن. وقد بقيت إيران أكبر قوة ضاربة في المنطقة، رغم أن مشاريع الشاه الأمنية لم تر النور.
وهكذا تهيأ لإيران أن تلعب الدور نفسه الذي كانت تقوم به البحرية البريطانية، وهو حماية طرق المواصلات المستعملة من قبل الدول الرأسمالية، وخاصة في مضيق هرمز.
على هذا النحو جنت الولايات المتحدة الأمريكية فوائد عديدة، بفضل مبيعاتها للمعدات العسكرية لإيران. فمن الناحية الاقتصادية لعب ريع المبيعات العسكرية دوراً مهماً في الحفاظ على توازن الميزان التجاري الأمريكي، خاصة بعد الارتفاع الذي شهدته السوق البترولية العالمية. وبيعها للأسلحة المتقدمة، استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصبح القوة المسيطرة عسكرياً في هذه المنطقة، وقد كان هذا صحيحاً بالنسبة لبعض الدول مثل إيران والمملكة العربية السعودية، حيث قامت هاتان الدولتان بشراء الأسلحة الكثيرة، ومعها بطبيعة الحال جيش كبير من الخبراء والفنيين، المسؤولين عن تدريب الجيوش وكذلك صيانة المعدات العسكرية.
وبجانب هذا كله، أقامت أمريكا خمس محطات للتنصت والمراقبة على الأراضي الإيرانية. وكانت اثنتان من هذه المحطات تدار من قبل المخابرات المركزية الأمريكية. وكان الدور المناط بهذه المحطات هو وقف الاتصالات اللاسلكية والتلفزيونية للجيش السوفيتي في جنوب الإتحاد السوفيتي، ومراقبة التجارب الجارية على الصواريخ السوفيتية(7).
(ب ) ـ وقد استند مبدأ نيكسون كذلك على المملكة العربية السعودية، والتي تملك مخزوناً نفطياً كبيراً، يوازيه دخل نفطي ضخم إضافة إلى أن العربية السعودية ـ بحكم عوامل كثيرة ـ مهيأة للاستفادة منها لمساعدة القوات المناهضة للحركات الشيوعية. وقد عبر جوزف سيسكو Joseph Sisco مساعد سكرتير الدولة، عن وجهة نظره أمام اللجنة الفرعية المنبثقة عن الكونجرس في عام 1973 قائلاً: "نحن نعتقد أن مصلحتنا المشتركة، الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، تحتم علينا أن تكون اليد العليا للقوى المعتدلة في هذه المنطقة"(8).
(ج ) ـ تهدئة الصراعات التي ظهرت بين دول المنطقة. ومجارات مع هذا الإدراك أعلن جوزف سيسكو في عام 1973 "عندما أخبرنا بقرار البريطانيين بالإنسحاب من الخليج، سألنا أنفسنا عن العمل الذي تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية القيام به تمشياً مع مبدأ نيكسون للمساهمة في استقرار هذه المنطقة. وبما أن التواجد العسكري المباشر غير مقبول. فقد قررنا محاولة تشجيع ومساعدة دولتين مهمتين في المنطقة هما إيران والمملكة العربية السعودية. بطريقة تمكننا من تشجيع تعاونهما حتى يستطيعا أن يصبحا العنصرين الرئيسين بمجرد رحيل البريطانيين"(9).
وفجأة وجدت الإدارة الأمريكية نفسها أمام معطيات جديدة. حيث لم تستطع أسطورة الشاه ولا جيشه الذي كان يرغب في جعله القوة العسكرية الخامسة في العالم الصمود أمام قوة المظاهرات الشعبية وسقطت أهم ركيزة من ركائز الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الخليج نتيجة لرغبات الجماهير الشعبية، وليس بفعل انقلاب عسكري كما يحدث عادة في دول العالم الثالث.
وبالرغم من القوة العسكرية الكبيرة التي تملكها الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها لم تستطع التدخل لإرجاع الشاه كما فعلت في عام 1953.
وبعد هذا السقوط المفاجئ لشرطي المنطقة، بدأ أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية يشكون في مقدرة الولايات المتحدة الأمريكية في المساهمة في أمن المنطقة، وبدأوا التفكير في الاعتماد على النفس(10).
ولإنقاذ ما تبقى، وكذلك من أجل المحافظة على مصالحهم في المنطقة، قررت واشنطن إرسال مسؤولين في أعلى المستويات إلى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات الخليجية وسلطنة عمان لإعادة النظر بالكامل في الاستراتيجية الدفاعية المعتمدة حتى ذلك الوقت للمنطقة. كذلك أراد المبعوثون الأمريكان في محادثاتهم مع بعض من قادة المنطقة إعادة الثقة. التي فقد بعد سقوط الشاه، وإشعار شعوب المنطقة بأنهم لا يزالون يشاركونهم قلقهم بشأن الاخطار التي تهدد المنطقة.
كيف حاولت الولايات المتحدة الأمريكية إعادة بناء الجدار الذي تفتت، في منطقة حساسة جداً؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه عبر الصفحات القادمة.
الهوامش:
1 ـ U.S. Congress, House of Representatives, Committee on Foreign Affairs, Subcommittee on the Near East and South Asia, "New Perspectives on the pearsian Gulf", 93 rd Congress, First Session, 1973, P.6.
2 ـ نفس المصدر السابق، ص 2.
3 ـ نفس المصدر السابق، ص 39.
4 ـ فرد هاليداي، "مقدمات في الثورة الإيرانية"، دار ابن خلدون، بيروت، 1979، ترجمعة مصطفى كركوتي، ص ص 335 ـ 336.
5 ـ أنظر حول سياسة أمريكا التسليحية في الخليج العربي:
“United States Arms Policies in The persian Gulf and Sea Araeas: Past, Present, and Fu- ture”, december 1977, U.S. Government Printing office, washington, 1977.
أنظر أيضاً:
Kennedy Edward M., “The Presian Gulf: Arms Race or Arms Control Foregn Affairs”, Oc- tober 1975.
6 ـ Edited by Amirsadeghi Hossein, "The Security of the Presian Gulf", Article Tiled: "The United States- Iranian Relationship 1948- 1978: A Study in Reverse Influence", written by C.D. Carr. Ed. Croom Hilm, London, 1981, PP. 74. 77.
7 ـ Chubin Shahram, "Security in the persino gulf: The Role of outside Powers”, The International Institute for strategic studies, London, 1982, P. 13.
8 ـ “New perspectives on the persian Gulf", Op. Cit, P. 12.
9 ـ نفس المصدر السابق، ص ص 5 ـ 6.
10 ـ هذه الحالة تذكرنا بالإنسحاب الأمريكي من الهند الصينية، التي قال عنها الشاه معلقاً بأنه من الصعب الاعتماد على القوة العسكرية الأمريكية وأنه من اللازم الاعتماد على قوتنا الذاتية.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس