عرض مشاركة واحدة

قديم 15-09-09, 01:20 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الدروس المستفادة من تطبيق مبادئ الحرب واستخدام القوات


أولاً: تطبيق مبادئ الحرب الرئيسية

1. الدرس الأول

التحديد الواضح والدقيق للهدف، بكل أبعاده وقيوده، ثم الالتزام به حتى تحقيقه، بالشكل المطلوب، بأقل خسائر وتكلفة، وأسرع وقت.

كان الهدف الرئيسي، من حرب أكتوبر 1973، هو إعادة إحياء، اهتمام العالم بقضية احتلال إسرائيل للأراضي العربية، منذ 5 يونيه 1967. وكان لا بد من الحرب، للوصول لذلك الهدف، والذي لم يكن من الممكن إقناع الدول الكبرى بالاهتمام بإيجاد حل عادل وشامل، بمجرد الاشتباك مع القوات الإسرائيلية، وإنما كان يلزم إثارة حرب شاملة ضدها، وإلحاق الهزيمة بقواتها، مما ينذر بالخطر، حتى تتحرك القوى العظمى. وقد حققت القوات المسلحة العربية الهدف منذ الساعات الأولى للحرب، وحافظت عليه، قدر المستطاع، في الأيام التالية. ولاشك أن فقد الهدف على جبهة الجولان، وتمكن إسرائيل من تهديد الأراضي المصرية في الغرب، قد أضعف من الموقف العربي.

كان الهدف الاستراتيجي، العسكري، هدم نظرية الأمن الإسرائيلية، بالارتكاز على عوائق طبيعية، واستخدام استراتيجية الردع بالتلويح بقدراتها العسكرية المبنية على ثنائي الطائرة والدبابة. وقد تمكنت القوات المصرية، والسورية كذلك، من دحض كل بنود هذه النظرية، واثبات عدم فاعليتها، بإجراءات عديدة تمت خلال الحرب، بشكل ناجح.

2. الدرس الثاني

تعبئة كافة القدرات المادية، والمعنوية، المفيدة، وتوجيهها لمصلحة الحرب، بما يحقق التفوق على الخصم، ويرجح كفة القوات المتحالفة، عند المقارنة مع العدو، مما يتيح فرصة أفضل لإحراز النصر.
اعتمدت القوات المسلحة العربية، في مصر وسورية، على الحشد العددي المتفوق، للتغلب على التفوق النوعي لدى إسرائيل. إلا أن هذا الحشد، أصبح عاجزاً عن مجاراه سرعة الإيقاع في الحرب، والتي تتطلب السرعة في الاختراق، والسرعة في تغيير الجهود والأهداف المرحلية، والسرعة في الوصول لخطوط المهام. لذلك لم تكن الحشود المصرية كلها مفيدة طول الوقت. فبعد أن استطاعت القوات المصرية توفير 5 فرق كاملة، مدعومة، لبدء العمليات، عجزت عن حشد قوات كافية للتطوير، أو للاستمرار في القتال بنفس الكفاءة. لقد تحولت الفرق الخمس المشاة من قوة معجزة، حققت إعجازاً مذهلاً في العبور، إلى قوة عاجزة، أدت إلى تعجيز القيادة التي أصبح شغلها الشاغل تأمين تلك القوة الضخمة، العاجزة عن الحركة السريعة.

يتلاحظ أن إسرائيل، استطاعت، رغم المباغتة، أن تعبئ قواتها الاحتياطية، متأخرة قليلاً، وأن تدفع بها في القتال في الأيام التالية تدريجياً، لتنتزع مبدأ الحشد من القوات المصرية، حيث تفوقت، في المراحل الأخيرة من الحرب، في الحشد، كماً ونوعاً.

3. الدرس الثالث

أمر هام، أن تتمكن القيادة من اتخاذ قرار لبدء الحرب، في إطار مشروعية مطالبها، وعدالة قضيتها.

إلا أنه من الهام كذلك، المحافظة على تلك المبادأة حتى نهاية الحرب. وهو ما يستلزم قيادة واعية.

كان قرار الحرب، على الجبهتين المصرية، والسورية، أمراً مستبعداً لسد القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية. لذلك أحدث صدمة عنيفة، مكنت المصريين، والسوريين من إحراز المبادأة، على كافة المستويات. وظل الأمر كذلك، طوال الأيام الأولى للحرب، والتي كانت القوات الإسرائيلية، تباشر ردود أفعال، لما يقوم به المصريون من أعمال قتالية على جبهتهم. وبانتهاء المرحلة الأولى، توقف المصريون (الوقفة العملياتية 10 ـ 13 أكتوبر). كان التوقف دون داعي، وأطول من اللازم، وقد اسلم ذلك، طواعية، المبادأة على كافة مستوياتها، إلى الطرف الآخر، الذي لم يتوانى في الاستفادة لأقصى حد من هذا الخطأ القاتل. بادرت القوات الإسرائيلية إلى انتزاع المبادأة من القوات السورية في الجولان، بحشد القوى الرئيسية أمامها، وصدها ثم دفعها للخلف، ثم استدارت لتقوم بالعمل نفسه ضد القوات المصرية في سيناء، في الوقت التي بدأت القوات المصرية، بقرار سياسي، التحرك جهة الشرق مرة أخرى.

4. الدرس الرابع

على الرغم من التقدم الكبير، في أجهزة ومعدات المراقبة، فإن المباغتة، مازالت ممكنة.

يقول الإسرائيليون "كانت المعلومات كلها أمامنا، قبل الحرب بوقت كافي، لكننا لم نراها، فقد أسئ فهم اشاراتها، كما أخطأ المفسرون في تعليلاتهم". وكان ذلك حقيقة، فقد استطاعت خطة الخداع المصرية، والسورية، من إخفاء النوايا الهجومية، وهو ما لا تستطيع أجهزة التنصت والتصوير من التقاطه، ولا ينفع معها أقمار صناعية، وإنما تحتاج لفهم دقيق لقوى الخصم الغير ملموسة، وعقليته، واتجاهات تفكيره، على أن يكون ذلك، في إطار الأحداث الجديدة، وليس في إطار قديم. فالإرادة أمر يمكن استحداثه، عندما تتغير الظروف البيئية، أو يصل الأمر لمنتهاه، فتتغير الأفكار، وتتغير اتجاهات الحركة تبعاً لذلك، وتحدث المفاجآت.

5. الدرس الخامس

من الضروري، مداومة التنسيق، بين عناصر القتال، وكذلك التنسيق بين القائمين بالقتال ـ حسب المستوى ـ لتحقيق التعاون، في مثلث الوقت والمكان والهدف.

يسعى القادة، إلى تنظيم التعاون مع مجاوريهم، لتحديد مسؤولية العمل المشترك، وكيفية التغلب على المصاعب والعدو في الحد الفاصل بينهم. كما ينظم القادة، الجهود لعناصرهم المقاتلة، لتحقيق أكبر فائدة، بأقل جهد ممكن. وفي حرب 1973، فقد الكثير من القادة، بعد أن دارت رحىّ الحرب، التنسيق الواجب لبعض عناصر القتال الرئيسية (السيطرة، المعلومات، الاتصالات، النيران، التلاحم، الصدمة، الخدمة الإدارية) وأدى ذلك لفقد التعاون، وصعوبة تحقيق ما تم تنظيمه وتنسيقه. وكان واضحاً أن القوات الإسرائيلية القائمة بالهجوم المضاد، يوم 16 أكتوبر، على جانب اللواء 16 المشاة، والفرقة الثانية المشاة، قد نفذت الحد الأدنى من التعاون فيما بينها، بسبب عدم التزام أحد عناصرها ـ الجنرال شارون ومجموعة العمليات التي يقودها ـ بمداومة التنسيق بالنسبة للهدف، والذي كان يعني في ذلك الحدث، تحقيق الجنرال آدن بمجوعته المقاتلة، اختراق رئيسي للقوات المدافعة، وأدى ذلك إلى كارثة، فعندما فشل آدن في الاختراق، وطلب معاونة من شارون، لم يكن الأخير في أوضاعه الملائمة بالنسبة للمكان ـ كذلك ـ ولتصحيح الوضع، كان سيهدر الوقت، ولم يعد التعاون ذو فائدة، فتوقف آدن عن الهجوم.

 

 


   

رد مع اقتباس