عرض مشاركة واحدة

قديم 20-04-09, 08:36 AM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

مستقبل الحرب الاستباقية

إن الجدل القائم حالياً حول الحرب الاستباقية يدل على أن معالمها لم تتحدد بعد، فقد أثار تنفيذ الحرب الاستباقية منذ تبنيها كأساس لاستراتيجية الأمن القومي عديداً من التساؤلات والاهتمامات دون إيجاد إجابات أو حلول، ويتعين على إدارة بوش ومساعديه لشؤون الأمن القومي تقويم مدى ملاءمة الحرب الاستباقية بشكلها الحالي كسياسة دفاعية فعّالة للحرب ضد الإهاب. ومن الأسئلة المطروحة في هذا السياق:
هل ستوفّر الحرب الاستباقية إطاراً شاملاً، لخوض نزاع قد يمتد لعقود من الزمان مثلما فعلت استراتيجية الاحتواء خلال الحرب الباردة؟ فإن لم تكن الإجابة على هذا السؤال إيجابية، فينبغي البحث عن عقيدة استراتيجية جديدة، كصياغة عقيدة تؤكد على استخدام وسائل غير عسكرية، وعمليات قوات خاصة للتصدي لتهديدات المتطرفين الراديكاليين، أما إذا وقع الاختيار على التمسّك باستراتيجية الحرب الاستباقية، فيجب مواجهة التحديات التي تفرضها، والقيام بمبادرات دبلوماسية لمخاطبة المجتمع الدولي تشرح فيها الولايات المتحدة موقفها من تبنِّي سياسة أحادية الجانب، وضرورة توضيح موقف القانون الدولي من الحرب الاستباقية، والتوصُّل إلى تعريف للتهديد الوشيك؛ إذ يتعين على الولايات المتحدة صياغة تعريف مقبول لجوهر التهديد الوشيك في عالم ما بعد 11 سبتمبر، وذلك بعد التشاور مع حلفائها.
أما فيما يتعلق بالتطبيق الفعلي للحرب الاستباقية، فعلى المخططين العسكريين والمفكرين الاستراتيجيين البحث عن عقائد عسكرية تكتيكية يمكن تطبيقها على الدول القومية التي تشكِّل تهديداً بالأسلحة التقليدية والنووية، وعلى مجموعات أخرى مثل تنظيم القاعدة ممن لا يمكن التعرُّف عليهم بسهولة أو يصدر عنهم إنذار مبكّر، وينبغي ألاّ يقدم الرئيس الأمريكي على القيام بعملية عسكرية استباقية كانت، أم وقائية إلاّ بالتشاور مع مستشاري الأمن القومي، والاطلاع على التقارير الاستخباراتية.
ويتعيّن على الولايات المتحدة التي تتزعم العالم حالياً أن تصيغ استراتيجية استباقية أو غيرها تجد تأييداً دولياً مثلما وجدته استراتيجية الاحتواء سابقاً، لكي تتمكن من شن حرب ضد أعداء هلاميين وماكرين مثل تنظيم القاعدة. وقد أثبتت التجارب ضرورة صياغة استراتيجية دفاعية ناجحة، وقد أصبحت هذه التحديات أكثر تعقيداً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. ولاشك أن استراتيجية الحرب الاستباقية وهي أول محاولة لصياغة سياسة أمنية للتحوّلات الجديدة سوف تتطلب تنقيحاً أو بحثاً عن بديل لها، فهي ليست استثناء من استراتيجية الاحتواء التي شهدت الكثير من عمليات التنقيح والتعديل خلال الحرب الباردة، ولابد أن يبدأ ذلك العمل بتقويم ومناقشة السياسة نفسها، ويتعيّن على المفكرين الاستراتيجيين استخلاص الدروس المستفادة من تاريخ الحرب الاستباقية والحرب الوقائية، وإعادة النظر في العقيدة الاستراتيجية الأمريكية.
فالولايات المتحدة الأمريكية قد لا تحقق نجاحاً في الحرب على الإرهاب بتفوقها العسكري فقط، والحرب الاستباقية التي لا تصحبها وسائل غير عسكرية ستضع الولايات المتحدة بين خيارين لا ثالث لهما: إما القيام بعمليات عسكرية على شكل غزو للدول، أو الوقوف موقف المتفرج. ومن حيث النظرية والتطبيق لابد أن تتضمن العقيدة العسكرية الدفاعية الأمريكية مبادرات دبلوماسية واسعة، وبرامج مساعدات إنسانية لتجفيف منابع الإرهاب، وكما قال رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال (بيتر اسكوميكر): "إن هذه الحرب التي نخوضها لن يتحقق فيها النصر بالوسائل العسكرية وحدها، فهي في حقيقتها صراع بين أفكار، ويتعين على الإدارة الأمريكية أن لا تسعى لكسب المعارك الحربية فحسب، وإنما لكسب تأييد زعماء العالم وشعوبهم، ولكسب قلوب وعقول أولئك الذين تعاطفوا مع الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م"
ذ Parameters, Summer 2005.

 

 


   

رد مع اقتباس