عرض مشاركة واحدة

قديم 08-12-09, 07:31 PM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الخيارات الأمريكية بعد سقوط مبدأ نيكسون:
يقول الرئيس ريجان "إذا تصرف السوفييت بطريقة غير حذرة في الخليج، فإنهم يخاطرون بمجابهة مع الولايات المتحدة الأمريكية. أن الإتحاد السوفيتي ليس مستعداً حتى الآن للدخول في مثل هذه المجابهة والتي قد تتحول لحرب عالمية ثالثة"(1).
يوضح لنا، النجاح الذي حققه المرشح الجمهوري والنفوذ المتزايد للمحافظين، دفعهم إلى الاعتقاد بأن المشكلات الدولية يجب معالجتها بطريقة مختلفة عن تلك التي اتبعتها إدارة الرئيس كارتر في سنواتها الأولى. وقد استغل المحافظون الأحداث مثل: الثورة الإيرانية، التدخل السوفيتي في أفغانستان، مشكلة رهائن السفارة الأمريكية في طهران، لإقناع الرأي العام الأمريكي أن هذه الأحداث وغيرها ليست نتيجة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عرفتها هذه البلاد، ولكنها نتيجة لعدم مقدرة الولايات المتحدة على التعامل مع المشكلات الدولية.
وقد اعتمدت الاستراتيجية الأمريكية في عهد الرئيس ريجان على مبدأ كارتر وطورته، ويعني هذا بالنسبة لإدارة ريجان، إعادة الكرامة الضائعة للولايات المتحدة الأمريكية في العالم، وثقة حلفائها، في محاولة لإقناعهم أن الخطر الذي يهددهم ما هو إلا الخطر السوفيتي وأنهم لن يستطيعوا مواجهة هذا الخطر إلا بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا ما حاولنا رصد التحركات والتصريحات للمسؤولين الأمريكيين، استطعنا أن نكتشف أن حجة "الخطر السوفيتي" كانت الأساس في سياسة الولايات المتحدة إبان فترة إدارة الرئيس ريجان.
وفي أثناء مقابلة مع الجريدة الامريكية التايمز "Times" في بداية شهر مارس 1981، أعلن ألكسندر هيج Alexander Haig سكرتير الدولة الأمريكي بأن "المشكلة في الشرق الأوسط تكمن في التوسع السوفيتي"(2). وفي مقابلة أخرى مع يواس نيوز اند ورلد ريبورت "U.S. News and World Report" قال هيج "إنه من مصلحة رؤساء الدول العربية المعتدلة التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والتعاون فيما بينهم حتى يتمكنوا من مواجهة الخطر السوفيتي"(3). وفي خلال هذه المقابلة نفسها قال هيج "أن الولايات المتحدة تخاطر لتصبح عملاقاً من ورق لا يستطيع مجابهة الأقزام مثل كوبا، ولهذا غيرت الولايات المتحدة الأمريكية إدارتها، لأنها لا تستطيع أن تبقى سلبية أمام التدخل الكوبي في أنغولا وأثيوبيا واليمن"(4).
وفي الوقت نفسه أعلن كاسبار واينبرغر Caspar Weinberger وزير الدفاع الأمريكي أمام الكونجرس أن "السوفيات لا يبعدون أكثر من 400 ميل عن الشريان الحيوي للعالم الغربي في الخليج، وإنهم في طريق الاستيلاء عليه بهدف المشاركة في الحصص أولاً، والضغط على أوروبا ثانياً"(5).
من هذه المعطيات، عولت الولايات المتحدة الأمريكية على حقيقة عد الإتحاد السوفيتي منافساً خطراً وأن سياسته قائمة على التوسع الجغرافي والأيديولوجي. ومن أجل مجابهة الإتحاد السوفيتي من مركز قوة، وفي المناطق التي يهدد فيها مصالحها ومصالح حلفائها. رأت هذه الإدارة تطوير مبدأ كارتر انطلاقاً من النقاط التالية:
1 ـ زيادة الميزانية العسكرية: وضعت إدارة الرئيس ريجان خطة لرفع الاعتمادات العسكرية مع التركيز الكبير على البحرية وقوات التدخل السريع وكان الهدف هو الحصول على مركز قوة في المحادثات المستقبلية مع الإتحاد السوفيتي حول نزع السلاح.
وقد طلب كاسبار واينبرغر في الرابع من مارس 1981 من الكونغرس الأمريكي إضافة مائة وخمسة وثمانين مليار دولار للميزانية العسكرية للخمس سنوات القادمة. وعلل بأن هذه الزيادة مهمة لقلب تيار الانحدار الذي بدأ مع نهاية حرب فيتنام. "ويقتضي أن يعرف الشعب الامريكي أهمية إعادة تسليح أمريكا"(6). ومن أجل جعل برنامج إعادة تسليح أمريكا متكاملاً اقترح وزير الدفاع زيادات أخرى للإنفاق العسكري تتصاعد تدريجياً مبتدئة بـ 222 مليار لعام 1982، 255 مليار لعام 1983، 289 لعام 1984 و 377 لعام 1985(7).
وبالمناسبة فإننا نستشهد في هذا السياق بما ذكره ألبرت وولستر أحد كبار المدافعين عن الزيادة في الميزانية العسكرية حين قال "لقد استطاعت الولايات المتحدة، في الخمسينات، أن تزيد من إنتاج البضائع الإستهلاكية. وأن تواصل زيادة الإنتاج في حقل الصناعة، وأن تحافظ على مستوى التضخم في حدود معقولة، كل ذلك قي وقت كانت تنفق فيه بين 9%، 10% من الناتج القومي العام على شؤون الدفاع. وعلينا أن نستطيع تدبير أمر انفاق 6% من الناتج القومي العام اليوم"(8).
2 ـ إتفاق القادة الأمريكان على ضرورة إيجاد الوسائل اللازمة لتمكين الولايات المتحدة من التدخل في أية لحظة وفي أي مكان في العالم. وهذا يعني تمكينها من مجابهة أي نوع من الصارعات، سواء أكان ذلك تدخلاً في حرب عصابات واستعمال الأسلحة التقليدية، أم كان بشن حرب نووية. وفي الخامس من مارس اعلم واينبرغر أنه: "يجب أن نكون مستعدين للدفاع في كل الحروب وبكل أبعادها وبجميع اشكالها وفي أية منطقة من مناطق العالم توجد فيها مصالح حيوية لنا"(9).
إن التهيؤ المباشر والمستمر هي حالة فكرية خاصة، وهي حالة تعد الحرب كوسيلة عقلانية مشروعة ومهمة في السياسة الخارجية. وهذه الأفكار تناقض تماماً فكرة عدم التدخل لفترة ما بعد فيتنام وقد تكررت بشكل مستمر وفي تصريحات المسؤولين الأمريكان مثل ريجان ـ هيج وواينبرغر، عند ترديدهم لاجتهاداتهم بأن الولايات المتحدة لن تقف سلبية أمام أي تحد سوفيتي وتأكيدهم على رغبتهم في تحسين القدرات الأمريكية للتدخل.
هكذا يوضح وزير الدفاع الأمريكي في الخامس من مايو 1981 بقوله: "إن مصالحنا والتزاماتنا العالمية تحتم علينا البدء في تحسين قدراتنا على الاستجابة للأزمات البعيدة عن شواطئنا والبقاء هناك لأية فترة ضرورية"(10).
وهكذا أعطت إدارة ريجان مضموناً مختلفاً لمبدأ كارتر على نحو يفوق المضمون الأصلي ويغايره ربما. ففي حين اعتبر الرئيس كارتر منطقة الخليج العربي منطقة ذات مصالح حيوية للولايات المتحدة الامريكية، نجد إدارة ريجان عبر تصريحات مسؤوليها السابقة تعطي مفهوماً جديداً للمصالح الحيوية يمتد حتى يشمل جميع بؤر الصراع في العالم وبهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية قررت التدخل في أية منطقة في العالم، لا في الخليج العربي فحسب.
ومع الإدارة الجمهورية بقيادة ريجان أصبحت كل مناطق العالم مهمة بالنسبة للأمن القومي الأمريكي. ولعل هذا ما يعكس حديث الجنرال ديفيد س. جونز David C. Jones، رئيس الأركان العام في يناير 1981، أمام الكونغرس حين قال "نحن نعيش في عصر الإنقلاب العسكري، إضراب كبير، هجوم إرهابي، أو حرب بعيدة بين جارين يمكن أن تتمخض عن نتائج عالمية تؤثر على معيشتنا وأمننا"(11). وأضاف "ونحن نحتاج إلى تصور استراتيجي شامل يروج المشاكل الإقليمية في نطاق كلي"(12).
وقد أكد وزير الدفاع الأمريكي كاسبار واينبرغر Caspar Weinberger هذا التوجه حينما طلب من الجيش وضع برنامج القوات السريعة موضع التنفيذ. هذا البرنامج يسمح للولايات المتحدة الأمريكية الرد على العمليات التي يقودها الإتحاد السوفيتي في أي منطقة من العالم، بهجوم مضاد في منطقة أخرى: "يجب أن نكون مستعدين لإرسلال هجمات مضادة في المناطق الأخرى" وأعلن في الخامس مايو 1981 وزير الدفاع الأمريكي، ويجب استغلال نقاط ضعف المعتدي في أي منطقة كانت(13).
وبالرغم من أن إدارة ريجان دعت حلفائها الأوربيين للمساهمة في الدفاع عن العالم الغربي. إلا أن هذه الإدارة رأت في الوقت نفسه بأن على الولايات المتحدة أن تكون قادرة بمفردها على مواجهة أي عدوان سوفيتي أو أي تهديد موجه ضد المصالح الغربية على الصعيد العالمي. ونتيجة لذلك فإن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون لديها القدرة على الدفاع عن النفس، الذي يمكنها بطرقها الخاصة، من تدارك النيل من النظام العالمي. وقد دأبت الولايات المتحدة على تطبيق هذا التحليل بالدرجة الأولى على منطقة الخليج العربي والذي وضعت (الولايات المتحدة) فيه نفسها كحامية للإمدادات البترولية إلى الغرب، ولكن هذا التحليل يمكن أن يطبق على كل المناطق الساخنة في العالم الثالث.
وتوضح هذه الإتهامات المتصاعدة والموجهة ضد الإتحاد السوفيتي، أن الإدارة الأمريكية تريد إعادة جو "الحرب الباردة"، والتي هي من وجهة نظرها لم تنته بعد. وهذا الموقف دون شك سوف يؤثر على محادثات السيطرة أو خفض السلاح في العالم.
ومن وجهة نظر ألكسندر هيج Alexander Haig فإن هذه المحادثات "لا يمكن أن تكون الجزء الرئيسي للسياسة ولا المقياس الرئيسي للعلاقات السوفيتية الأمريكية"(14) وعلى العكس يضيف ألكسندر هيج أمام جمعية الصحافة الأجنبية في الرابع عشر من يوليو 1981 أن الولايات المتحدة سوف تعمل كل ما تستطيع عمله من أجل إحباط كل المبادرات السوفيتية في العالم الثالث. وهذه المبادرات تشمل كل الأعمال العدوانية (بحسب وجهة النظر الأمريكية) التي ترتكبها دول صديقة للإتحاد السوفيتي مثل كوبا وليبيا وفيتنام. والإدارة الأمريكية مستعدة لوضع تصور للتدخل العسكري.
وقد وضع الرئيس ريجان نفسه هذا التصور في إجابته عن سؤال حول السلفادور: "نحن لن نكتفي بالمشاركة السلبية أمام غزو لنصف الكرة الأرضية عن طريق قوة خارجية"(15).
مما سبق نرى أن تصريحات المسؤولين الجمهوريين الجدد تركزت على الإتحاد السوفيتي، العدو الأول للمصالح الأمريكية في المنطقة(16)…
ونحن نعتقد أن هذا التركيز جاء نتيجة للمتغيرات التي شهدتها المنطقة والرأي العام الأمريكي أيضاً. فمن ناحية الرأي العام الأمريكي الذي وضع ثقله في انتخابات الرئاسة لصالح الجمهوريين بقيادة ريجان فإنه كان يتمنى أن تعيد الإدارة الجديدة لأمريكا هيبتها الدولية التي فقدتها بسبب تفوق الميزان العسكري السوفيتي ومن أجل اللحاق بالإتحاد السوفيتي كان لا بد من زيادة الميزانية. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المتغيرات التي حدثت في المنطقة ساهمت في دفع ريجان وإدارته إلى التركيز على الإتحاد السوفيتي. ولعل من المفارقات التي لها مغزاها أن هذه الإدارة تسلمت مكتبها في اليوم نفسه الذي انتهت فيه قضية رهائن السفارة الأمريكية مركزة على إيران، للوصول إلى طرق تنقذ الكبرياء الأمريكي وتخرجه من مأزقه…
الإدارة الجديدة إذن أتت وليس لديها سياسة واضحة تجاه إيران سوى الابتعاد عنها وعدم التصادم معها… وقد ساعدت الظروف الذي تمر بها منطقة الخليج العربي آنذاك ريجان ومستشاريه على تبني مثل هذا الخط. حيث كانت الحرب العراقية الإيرانية قد بدأت في سبتمبر 1980 أي قبل تسلم الإدارة الجديدة السلطة بعدة أشهر… وكانت كفة العراقيين هي الراجحة في تلك الفترة… وبمعنى آخر أن العراق من وجهة نظر الامريكان باستطاعته أن يمتص الخطر الإيراني لفترة ليست بقصيرة، خاصة وأن العراق قد بدأ بتبني سياسة اعتدال قربته كثيراً من الأنظمة الخليجية. وهكذا نستطيع القول أن الإدارة الجديدة أثناء تسلمها للسلطة لم تكن ترى في الحرب العراقية الإيرانية ولا في إيران خطراً رئيساً على مصالحها الحيوية في الخليج العربي ولكنها وجدت الخطر في التدخل السوفيتي في أفغانستان الذي بدأ في ديسمبر 1979. هذا التدخل الذي أثبت لدرجة واضحة توجهات الإدارة الجديدة، التي كانت ترى في الإتحاد السوفيتي العدو الأول لمصالحها الحيوية.
الهوامش:
1 ـ Congressional Quarterly, Weekly Report, 24 October 1981, P. 2059.
2 ـ السيد زهرة، "استراتيجية القوتين الأعظم وقضايا الأمن في الخليج"، مجلة "الفكر الاستراتيجي العربي"، الإنماء العربي، العدد 2 أكتوبر 1981، ص 87.
3 ـ جريدة "الاتحاد"، الإمارات العربية المتحدة، الأربعاء 24 فبراير 1982.
4 ـ نفس المصدر السابق.
5 ـ السيد زهرة، مصدر سبق ذكره، ص 87.
6 ـ Klare Michael T., "Une Strategie de Defense Globale Pour L'Amerique Forte”, Le Monde Diplomatique, No September 1981.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ ألبرت وولستر، "انصاف حروب وانصاف سياسات في الخليج"، التي نشرها سكوت تومبسون في "الامن القومي من الضعف إلى القوة"ن 1980 معهد الدراسات المعاصرة في سان فرانسيسكو، ترجمه إلى العربية "مؤسسة الأبحاث العربية"، قسم "دراسات استراتيجية"، الدراسة رقم 26، السنة الثانية 2/ 1982، بيروت، ص 42.
ألبرت وولستر، يعمل في مركز الدراسات السياسية في جامعة شيكاغو، وقد نشرت دراسته المذكورة أعلاه من "معهد الدراسات المعاصرة" الذي أسسته مجموعة من رجال رونالد ريجان عام 1972. ويملك وولستر خليفة مهمة، فقد كان تخصصه الأكاديمي الرسمي في العلوم الفيزيائية، خلافاً لباقي البحاثة الاستراتيجيين وفي الخمسينات، عندما بدأت الدراسات الاستراتيجية تجذب الاهتمام في الولايات المتحدة، كان هو أحد المساهمين الرئيسيين، جنباً إلى جنب مع برنارد برادي (مؤسسة راند) وهنري كيسنجر (مجلس العلاقات الخارجية وجامعة هارفرد) وهرمان كون (معهد هدسون). وباختصار، كان وولستر ولا يزال واحداً من أغزر مثقف الحرب الباردة المعادين للسوفيت إنتاجاً وأوسعهم إطلاعاً، وشاركه مستشارو ريجان الرئيسون وجهات نظره وخصوصاً تلك المتعلقة بمنطقتي الخليج والمحيط الهندي.
9 ـ Klare Michael T., Op. Cit.
10 ـ نفس المصدر السابق.
11 ـ نفس المصدر السبق.
12 ـ نفس المصدر السابق.
13 ـ نفس المصدر السابق.
14 ـ نفس المصدر السابق.
15 ـ نفس المصدر السابق.
16 ـ يرى الرئيس ريجان "إن كل مشكلة في العالم.. تجد إذا تعمقت في داخلها الطموحات الإمبريالية العالمية" ويواصل قائلاً: "إننا نستطيع وقف الكثير من الدماء المراقة إذا قرر الإتحاد السوفيتي الرجوع إلى بلدة".
Halliday Fred, “The Great Powers and The Middle East” Middle Est Report, March- April, 1988, PP. 3- 6.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس