عرض مشاركة واحدة

قديم 22-05-09, 06:03 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المقاتل
مشرف قسم التدريب

الصورة الرمزية المقاتل

إحصائية العضو





المقاتل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الفصل الأول

مأزق الاستراتيجية العسكرية العراقية في حرب الخليج الثانية 1991

(عاصفة الصحراء)

بلا شك كان السبب الرئيسي لاندلاع حرب الخليج الثانية (أم المعارك*) هو قيام العراق بغزو جاره الجنوبي (الكويت) في الثاني من آب عام 1990 هذا الاحتلال واجهه رفض واستهجان دولي واسعٌُ لافتقاره لمسوغات القانون الدولي والأخلاقي وكانت الأسباب الحقيقة لهذا الغزو هو الأزمة الاقتصادية الخانقة التي واجهها العراق بعيد انتصاره في حربه على إيران واعتقدت القيادة العراقية إنها تعرضت لمؤامرة سياسية واقتصاديه لصالح (إسرائيل) كانت الكويت طرفا رئيسيا فيها كطعنه غادره بظهر العراق الذي يعتقد انه أنقذ دول الخليج العربية من مخطط الإطماع الإيرانية خلال حرب طويلة تكبد فيها الكثير من الخسائر البشرية والمادية وحاول أن يجعل بعض الثوابت التاريخية حجه قانونيه لضم الكويت له لان الأخيرة كانت في يوم من الأيام قضاءا إداريا من اقضية ولاية البصرة قبيل احتلال البريطانيين للعراق في الحرب العالمية الأولى.

كان رد الفعل الأميركي سريعا جدا وذو زخم قوي جدا سواء كان ذلك في (واشنطن) أو في (نيو يورك) حيث مجلس الأمن الدولي علاوة على الاتصالات الدبلوماسية الأميركية المباشرة مع معظم دول العالم المؤثرة على قرارات المجلس وكانت الخطوة الميدانية الأولى هي أقناع (العربية السعودية) باستقبال قوات اميركية وبريطانية فورا تحت ذريعة حمايتها من غزو عراقي محتمل لم تثبت الحقائق صحة ذلك ولعبت (مصر) الدولة العربية المركزية في مؤتمر القمة العربي الطارئ ذات الدور الاميركي وخرجت القمة بقرارات خارج سياقات الجامعة العربية منسجمة جدا مع القرارات والرغبات الاميركية وضاعت فرصه حل ألازمة في محيط إقليمها العربي فتصاعدت حمة الاجتماعات واللقاءات الدولية وعمليات الحشد السريع للقوات متعددة الجنسيات تحت قياد الولايات المتحدة في تشكيل أكبر تحالف دولي بعد (الحرب الكورية 1950-1953) فامتلأت السماء ضجيجا بأصوات محركات الطائرات المقاتلة والنقل من كل الجهات نحو مطارات العربية السعودية وبعض دول المنطقة كذلك سلكت حاملات الطائرات وعشرات السفن الحربية والنقل والإسناد كل طرق الملاحة البحرية نحو موانئ الخليج العربي والبحر الأحمر فشكلت تلك القوات المرحلة التمهيدية لطرد العراقيين من الكويت وقد أطلق عليها اسم عمليات(درع الجزيرة) وكان ضمنها قوات عربية مصرية وسوريه وغيرها من الدول العربية والاسلامية.

* التسمية العراقية لحرب الخليج الثانية.

أما رد فعل القيادة العراقية فكان وسطا ما بين الارتباك واللامبالاة للزخم الكبير للأحداث والقرارات الدولية ضده وسرعة الإجراءات المنفذة بحقه ومنها تجميد ارصدتة وفرض الحصار الاقتصادي عليه فورا ناهيك عن التنامي السريع للقوات التي باتت تحتشد قريبا من حدوده . ففي الساعة 1930 يوم 12 آب 1990 أعلن الرئيس العراقي صدام حسين مبادرة غير واقعية للانسحاب من الكويت مقابل إنسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية وانسحاب القوات السورية من لبنان إلا إن هذه المبادرة جوبهت فورا بالاستهجان والرفض الدوليين... وبعد أربعة أيام أعلن الرئيس نفسه في رسالة متلفزة إن قدرة العراق غير محدودة في الصمود أو في المنازلة العسكرية وان العراق بلد شجاع لا يأبه للتهديدات السافرة للولايات المتحدة الاميركية ومن سار في ركبها ولا ترهبه حركة الأساطيل الجوية أو البحرية وحوت الرسالة الكثير من العبارات القاسية للزعامة الاميركية التي اتهمها كأدوات سياسية للصهيونية.

في السابع عشر من آب 1990 صدرت أوامر لقوات الحرس الجمهوري المدافعة في ساحة العمليات الكويتية بعد احتلالها بالتهيؤ لصد اية عمليات هجومية فورية للقوات المعادية مع أجراء سلسله طويلة من الاستطلاعات والممارسات لتفادي اية مفاجاة. بالوقت ذاته أعلن العراق عن قيامه بحجز كل رعايا الدول التي جاهرت بالعداء ضده فجوبه بحملة إعلامية و دبلوماسية عنيفة بالرغم من إن هذا الإجراء واشد منه اتخذته معظم دول العالم في حالة الحرب ومنها الولايات المتحدة ضد مواطنيها من أصول يا بانية ثم اتخذت القيادة العراقية قرارا تكتيكيا لتأمين جبهتها الشرقية مع إيران حين وجه الرئيس صدام حسين رسالة إلى الرئيس الإيراني (رافسنجاني) يطالبه بطي صفحات الماضي وتسوية اية متعلقات ومنها الإطلاق غير المشروط للأسرى ليتسنى للعراق الوقوف بقوه أمام العدو المشترك (أمريكا) وقد تعاملت إيران مع الموقف العراقي بدهاء سياسي واضح فهو الوقت المناسب للثأر وبسرعة نفذ العراق ما عليه تجاه إيران ومن ذلك إعادة اعترافه باتفاقية (الجزائر*) عام 1975 دون انتظار رد فعل الجانب الآخر.

*اتفاقيه ترسيم الحدود الخاصة في (شط العرب) مابين البلدين.

في الحادي والعشرين من آب 1990 صدمت القيادة العراقية صدمة أخرى مؤلمة حيث اتخذ الرئيس الفرنسي (فرانسوا ميتران) قرارا لإرسال قوات مسلحة إلى السعودية ضد العراق والذي كان ينظر إلى (فرنسا) كشبه حليف استراتيجي ولم ينفعها احتجاجات الديغوليين في البرلمان الفرنسي وفي الخامس والعشرين من آب 1990 أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يسمح باستخدام القوة في تنفيذ الحصار الاقتصادي الشامل على العراق بالوقت الذي كانت عمليات حشد القوات الجوية و البحرية و البرية قائما و بوتائر عالية توافق ذلك مع سيل من الزيارات لوفود سياسية غير رسمية لبغداد وقد ترأس بعضها العديد من الشخصيات السياسية السابقة كالأمين العام للأمم المتحدة (كول فالد هايم) ومرشح الرئاسة الاميركي القس (جاكسون) ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق (أدور هيث) حيث قابلوا الرئيس صدام حسين لاستطلاع جديه قراراته والرجاء بإطلاقه عددا من المحجوزين العائدين لدولهم ... ألا إن الموقف السياسي العراقي كان في تدهور مستمر بالرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها الدبلوماسية العراقية برئاسة (طارق عزيز) فالأصدقاء السوفيات في وضع شبه يائس والفرنسيون قد حسموا موقفهم بالاصطفاف مع الركب الدولي بقيادة اميريكا ولم يعد للعراق سوى بعض الدول العربية كفلسطين والأردن والسودان واليمن و 70 % لمن الرأي العام العربي. وكل ما سعى إليه المبعوث السوفيات (بريماكوف) هو إقناع العراق والمجتمع الدولي بمبادرة تمثل مساعي مستمرة لنزع فتيل الحرب, أما الفرنسيون فقد اشترطوا في السابع من أيلول 1990 استخدام الحل العسكري ضد العراق بقرار بالإجماع لمجلس الأمن الدولي وتحت راية الأمم المتحدة.


ِِِالمكونات و المرتكزات التمهيدية للاستراتيجية العسكرية العراقية لحرب 1991

لم يكن يوما موضوع احتلال الكويت مشروعاً عملياتياً قد أعد مسبقاً وفقاً لأية نظرية احتمال سياسية منذ عام 1961 عندما طالب حينذاك ٍ رئيس الوزراء الأسبق (عبد الكريم قاسم) بضم الكويت للوطن الأم العراق.

وعندما نفذ غزو الكويت من قبل جيش الحرس الجمهوري تفاجئت القيادة العسكرية العراقية (وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش) بهذا الحدث الكبير حيث لم تتطلع على نوايا العمل وتوقيتات تنفيذه ومعظم عناصر القيادة علمت بذلك من خلال أجهزة الأعلام وعندما بدأت القيادة العسكرية العليا بكل مكوناتها دراسة موضوع الدفاع عن ساحة العمليات الكويتية ولم يكن أحد يتصور حينذاك بأن الموقف العام سيتطور إلى حرب مواجهه مع الولايات المتحدة وحلفائها مع التوقع أن انسحاباً عاماً سيتم خلال مده لا تتجاوز أسبوعاً واحداً إلا إن تطورات الموقف تسارعت واتسعت كثيراً حتى تجاوزت حدود المنطق العام وتطلب إعداد دراسات تفصيلية و معمقة.

ساحة العمليات الكويتية جرت دراستها بعمق عندما صدر توجية السياسة العليا باعتبار الكويت جزءاً لا يتجزأ من العراق وجب الدفاع عنه حتى النهاية وكان موجز تحليل طوبغرافية الكويت بأنه ساحة عمليات صحراويه يشكل الخليج العربي حدودها الشرقية وتتوفر فيها عدد من الموانئ البحرية المهمة والخلجان أهمها ميناء الأحمدي وخليج الكويت وعلى قبالة تلك السواحل في القسم الشمالي منها ثلاث جزر هي (فيلكا وربه بوبيان) حيث تدخل ضمن حسابات الدفاع الساحلي أو تجاه الدفاع عن الموانئ العراقية جنوب البصرة. تعتبر عارضة المطلاع: وهي عبارة عن سلسلة تلول كلسية بيضاء تؤمن الدفاع شمال مدينة الجهراء وشمال غرب العاصمة (الكويت) وتشكل المناطق الحضرية ومنطقة الكثبان وسط جنوبي الكويت معوقات لحركة القوات الثقيلة. أما المطارات والقواعد الجوبة (مطار الكويت الدولي قاعدة أحمد الجابر قاعدة علي السالم) والطرق الموصولة بها تؤمن تسهيلات للصولات الجوية المعادية إلا إن المعضلة ستكون في انفتاح القوات المدافعة في أراضي مكشوفة حيث لا تتيسر الأستار الكافية لهذا الغرض. أما القسم الغربي من ساحة العمليات فيشكل وادي حفر الباطن العارضة الاساسية فيه ويؤمن تسهيلات لتسلل قوات كبيرة من خلاله نحو الحدود العراقية.

أما خلاصه تقدير موقف الاستخبارات فيشير إلى أن جدية القرارات وسرعة تنفيذها سواء الصادرة من مجلس الأمن الدولي أو من الإدارة الاميركية يؤهل الولايات المتحدة من تشكيل تحالف عسكري دولي يؤمن القوات الكافية لتحقيق التفوق المطلوب للتعرض على ساحة العمليات الكويتية و أن نوعية هذه القوات سيعطيها مضاعف قوى خطير إلى جانب تيسر الإعداد اللازمة لشن التعرض إلا إن القوات الثقيلة وهي قد تشكل 60 % من القوات المتوقع حشدها أمام هذه الساحة تحتاج إلى فصل الشتاء للحصول على تماسك ملائم لرمال الصحراء وعليه من خلال حساب سرعة عمليات التحشد فأمام الولايات المتحدة مدة لا تقل عن اربعة اشهر لإكمال تلك العمليات ابتداءً من الأول من أيلول 1990 على أقل تقدير بما فيها القوات البحرية التي يمكن إن تضم جميع حاملات الطائرات الاميركيه والبريطانية والتي ستتحشد مع باقي القطع البحرية (القسم الأكبر منها في مياه الخليج العربي و القسم الأصغر في البحر الأحمر) أما عمليات الإنزال البحرية المتوقعة تتطلب احتلال جزيرة (فيلكا) أولاً ثم جزيرة (بوبيان) ثانيا ويمثل مينائي الأحمدي و الشعيبية وخليج الكويت مناطق ملائمة لتلك الانزالات والخطورة تكمن في الفيلق 18 الاميركي وهو فيلق محمول جوا يتألف من (الفرقة 82 والفرقة 101والفرقة المدرعة 24).

تقدير الموقف الاستراتيجي العسكري العراقي تلخص بما يأتي:

• تنقسم ساحة العمليات الكويتية إلى أنواع غير متجانسة (بحرية - صحراوية - مناطق حضرية - الخ) مما يتطلب إعطاء كل مكون من العوارض الأرضية إلى فيلق كقاطع عمليات وان تقدير الواجبات والمهام يتطلب أنفتاح كامل القوات البرية العراقية عدا قوات الحرس الجمهوري التي ستشكل الاحتياط الاستراتيجي.

• يتطلب تعزيز الدفاعات الساحلية بقدرات القوة البحرية العراقية ومنها ضرورة إنشاء حقول ألغام بحرية ثابتة وحرة قدر الامكان لإبقاء القسم الأعظم من سفن العدو بعيدة عن أهدافها.

• يتطلب الانفتاح أقصى ما يتيسر من إمكانيات الدفاع الجوي والقوة الجوية في هذه الساحة لأنها ساحة مفتوحة وللعدو إمكانية تأمين موقف جوي بأعلى درجات التفوق.

• تدعو الحاجة إلى تقليص الجبهات وزيادة شدة التوقيف للموانع المختلطة من الألغام المتنوعة وحقول النار (عبارة عن خنادق تملئ بالوقود يحرق عند إقتراب العدو) و الأسلاك و المعرقلات السلكية.

• تدعو الحاجة إلى تشكيل احتياط كبير في ساحة العمليات العراقية.

• ستكون القواعد الجوية العراقية والمطارات أهداف أولية للقوات الجوية المعادية.

• المنشات النفطية في الكويت والعراق تتطلب قوات لحمايتها والقرار على تدميرها أو إبقائها عند الضرورة يحتاج موافقة القيادة السياسية.

• إن إعداد ساحة العمليات الكويتية يستنزف كل طاقات وزارة الدفاع واستخدام جهد الدولة خاصة وزارات (النقل الري النفط الزراعة) ضرورة لا غنى عنها.

• إن المقترح الأولي للانفتاح العام للقوات العراقية في ساحة العمليات الكويتي كآلاتي:-

أولا: الفيلق الثالث: قاطع عملياته (الحدود الكويتية السعودية الساحل القسم الجنوبي منه الوفرة الأحمدي العاصمة الكويت المنيفيس).

ثانيا: الفيلق الرابع : قاطع عملياته (هضبة المطلاع السالمي).

ثالثا: الفيلق الثاني:قاطع عملياته (القسم الشمالي العبدلي الروضتين أم العيش).

رابعا: الفيلق السادس + القوه البحرية: قاطع عملياتهما (الجزرفيلكا وربه بوبيان الموانئ العراقية البكر الفاو البصرة أم قصر القسم الشمالي من الساحل الكويتي).

خامسا: الفيلق السابع: قاطع عملياته القسم الشمالي الغربي العمليات.

سادسا: جيش الحرس الجمهوري: وفقا لتوجية القائد العام للقوات المسلحة احتياط استراتيجي في القسم الشمالي من ساحة العمليات ولا يستخدم إلا بأمر منه.

 

 


المقاتل

القائد في منظور الإسلام صاحب مدرسة ورسالة يضع على رأس اهتماماته إعداد معاونيه ومرؤوسيه وتأهليهم ليكونوا قادة في المستقبل ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه والتدريب بكل أمانة وإخلاص، وتقوم نظرية الاسلام في إعداد القادة وتأهيلهم على أساليب عديدة وهي أن يكتسب القائد صفات المقاتل وأن يتحلى بصفات القيادة وأن يشارك في التخطيط للمعارك ويتولى القيادة الفعلية لبعض المهام المحددة كما لو كان في ميدان معركة حقيقي

   

رد مع اقتباس