عرض مشاركة واحدة

قديم 25-02-09, 03:36 PM

  رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (35)
رئيس الوزراء المصري محمود فوزي وطني ثقافته غربية والسادات كسب شعبية من تركيزه على القضايا الداخلية
حسن ساتي
لقي د. محمود فوزي رئيس وزراء مصر مساحات واسعة واهتماما ملحوظا في وثائق 1971 البريطانية لم ينافسه فيها غير الرئيس الراحل انور السادات وعلي صبري نائب رئيس الجمهورية الاسبق بحساب لا يزعم الدقة.
الوثيقتان التاليتان تحملان تصويرا دقيقا لشخصية الرجل، وتقطعان بأنه غربي الثقافة ووطني مصري، مثلما تستقصيان شروق شمسه، ثم كسوفها المفاجئ، ومن خلال الشروق والكسوف، وبالتضمين، او قراءة ما بين السطور يكون من السهل الوقوف على بعض الاسباب التي قادت لاحقا لما عرف بأحداث مايو (ايار) في القاهرة وصراع مراكز القوى الذي خرج منه السادات منتصرا، خلافا لتوقعات الحلقة القادمة التي نفردها لنائبه علي صبري كما صورته الوثائق وعلى نحو مغاير لتصويرها د. فوزي.
* شروق شمس د. فوزي وثيقة رقم: 4 التاريخ: 10 مارس 1971 الى: ام. ايه. هولدنج ـ وزارة الخارجية الموضوع: د. محمود فوزي
* عزيزي مالكولم 1 ـ ارفقت في خطابك بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الى باتريك رايت رسما كروكيا لشخصية د. فوزي من اعداد ادارة البحوث. التعليقات التي نملكها حاليا لا تعدو كونها تركيزا اكثر منها عدم اتفاق مع المضمون ولذلك تأخرنا في الرد. لدينا الآن اربعة اشهر اخرى من الخبرة مع د. فوزي كرئيس للوزراء ونحن نراجع هنا تقاريرنا عن الشخصيات. يبدو، لذلك، اننا امام وقت مناسب لنرسل لك بعض الملاحظات على ورقة ادارة البحوث.
2 ـ الورقة صحيحة في تركيزها بأن فوزي ورغم هلاميته ومظهره الناعم يظل دائم الاقناع بأنه وطني مصري. وربما يكون من المضلل القول بأنه «يتخذ» دائما الخط المتشدد للحزب، وربما تكون كلمة «يتبع» اكثر دقة مما يتخذ، ومرة اخرى يكون على المرء ان يفرق بين المناسبات التي يكون فيها فوزي مع دعم تام للسياسة وتلك التي يدافع فيها عن السياسة من باب الواجب او الامتناع عن انتقادها. ولا شك ان فوزي على اتفاق تام مع سياسة ناصر حول انسحاب القوات البريطانية، والتي لم تكن، وبالطبع، وبأي شكل، تطرفا بمقاييس السياسة المصرية، وربما اكسبته الدعم مبدأ في قضية تأميم قناة السويس، رغم التحفظات على الطريقة والتكتيكات.
وهناك اختفاء فوزي عن العيون العامة والتأثير النسبي المتزامن مع تطورات سياسات ناصر وانتقالها من شعارات المعاداة للامبريالية نحو نوع مقبول مبدأ لأي مصري وطني، اي الى نوع معتدل. خلافا لنوع الامبريالية المصرية التي استخدمت الغاز السام في اليمن، من الصعب رؤية د. فوزي يوافق على ذلك.
3 ـ من الصحيح جدا بأن وطنيا مصريا مقنعا ومقتنعا، وعلى وعي سياسي منذ الثلاثينات وربما العشرينات، يمكن ان يميل كثيرا سواء تجاه الشرق او الغرب، ولكن من الصحيح ايضا ان فوزي رجل بثقافة غربية (مقرونة باعجاب وافر ببعض مجالات الثقافة الآسيوية، وليس لدينا شك، انه ومتى ما سمحت الظروف السياسية، فهو ومن داخل وطنه مع الغرب اكثر من كونه مع الكتلة السوفياتية.
4 ـ مرة اخرى، اصابت ورقة ادارة البحوث في التركيز على التأثير المأمول لفوزي في الشؤون الداخلية. وقد تناولنا ذلك في رسالة السفير بتاريخ 27 فبراير (شباط)، والتي ستعلم منها ان كل التقديرات تذهب الى ان الحكومة المصرية تقوم بواجبها جيدا وان فوزي لا يبدي، على الاقل، مهارة منظورة في ادارة مجلس وزرائه المكون من اكثر من 30 من زملائه. ومن الصعب القطع بأي حد يؤثر فيه هو على مسائل السياسة الخارجية. وهناك نفر يؤكد ان التقرير في السياسة الخارجية يعود الى محمود رياض وبقدر كبير من خلال عمله المباشر مع السادات، في مقابل نفر يرى ان لفوزي يداً عليا فيها. وفي الحقيقة لا يوجد خط فاصل للاجابة هنا. هناك في القضايا المصيرية جدل طويل وساخن، وكمثال، مجلس الدفاع الوطني، ومن الصعب القول بمن، اذا كان اي شخص موجود في هذا السياق، يحمل اعباء معظم الاقناع.
5 ـ اخيرا، وكما اسلفنا في اطارات اخرى، من النظر الضيق القول بأن تعيين فوزي رئيسا للوزراء قد جاء كتنازل للرأي العام الريفي. فالرجل مرشح مقبول، ومرحب به بدرجات عدة لدى طيف اوسع من الرأي العام. ويشمل ذلك الطيف اناساً كثيرين من الذين تعبوا من الحكومات التي يقودها رجال الجيش المتقاعدون، كما يشمل كل شخص يملك اسبابه لكراهية، او الخوف من، مرشحين محتملين لرئاسة الحكومة، كعلي صبري او شعراوي جمعة، او حتى، والى ذلك يذهب غالب القول، ذهاب رئاسة الحكومة لقطاعات من القوات المسلحة، وتأييد فوزي يأتي سواء من سمعته كرجل امن ومستقيم او لانهم يعارضون ايا من المرشحين الآخرين لرئاسة الحكومة.
ام. آي. جولدنج القاهرة
* .. وأسباب غروبها وثيقة رقم: 7 التاريخ: 28 ابريل 1971 الى: ام. ايه. هولدنج ـ وزارة الخارجية الموضوع: د. محمود فوزي
* عزيزي مالكولم 1 ـ ربما تكون قد لاحظت كسوف شمس د. محمود فوزي رئيس الوزراء نسبيا في الاسابيع الاخيرة. والملاحظة هي ان ظهوره في الصحافة بدأ يقل ويقل مقارنة بالفترة السابقة وتلك التالية لاعياد الميلاد، وبدا الظهور بعدها حصرا فقط على موقعه كرئيس لمجلس الوزراء وكناتج لاجتماعاته المنتظمة بالرئيس السادات.
2 ـ اعتقد ان هناك سببين ئيسيين لذلك، والسببان يتداخلان مع بعضهما البعض. في المقال الاول، لقي الدكتور فوزي اهتماما عظيما في الأشهر الاولى التالية لتعيينه كرئيس للوزراء بسبب التركيز الذي وضعه هو وزملاؤه على الاوضاع الداخلية بمصر. وقد اتخذت اجراءات عديدة، او وعوداً، في محاولة لتحسين مستوى المصري العادي، ولاظهار ان للحكومة الجديدة اهتماماً جاداً تجاه الذين تحكمهم. ومن المهم للرئيس السادات هنا ان يحصل على ثقة ودعم الشعب المصري بعد الرحيل المرهق لعبد الناصر، والسادات حدد بوضوح هنا ان محاولة مرئية لازالة الفوضى الداخلية تظل احدى وسائله الفعالة لتحقيق مثل ذلك الهدف. ود. فوزي هنا آلة كفؤة وراغبة في تحقيق هذه السياسة وبهذه السياقات.
3 ـ وعلى اية حال، فالتركيز بدأ يتغير خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة. والاشارة هنا الى تحويل عمليات اعادة تجديد وقف اطلاق النار لانتباه الشعب عن المشهد الداخلي تجاه قضية اكبر مثل الحرب والسلام.
وربما تكون نقطة التحول هنا اقتراح السادات حول فتح قناة السويس في 4 فبراير.
ورغم ان اصول الاقتراح لا تزال غامضة نوعا ما، ولكنه يبدو وليد بنات افكار السادات شخصيا، وهناك من يرى ان عقلية فوزي الماهرة موجودة فيه. ومن وقتها، وعلى اية حال، اصبح من الواضح ان الرئيس وليس مجلس وزرائه هو الذي يوجه السياسة الخارجية، تجاه صراع الشرق الاوسط. ويمكن الاشارة هنا الى ان رد مصر على د. يارنغ، والجهود المتواصلة لدفع المفاوضات حول الانسحاب الجزئي لاسرائيل، كلاهما، الرد والجهود، من عمل الرئيس السادات شخصيا.
4 ـ السبب الثاني وراء وضع د. فوزي الحالي وارتباطه بالسبب الاول هو: ازدياد ثقة السادات في وضعه وموقعه كنتيجة لتنامي ثقة المصريين في النظام الجديد. والسلطة ولدت السلطة لدى الرئيس السادات، وقد ظل يمارسها اكثر واكثر وبقناعة في الأشهر الاخيرة، ولكن هذه الممارسة جاءت على حساب، او احدثت اضرارها على الذين تحته، وهناك نقد متنام (رغم انه لم يصل حد العلن بعد) للدور المتقلص الذي يلعبه، ليس مجلس الوزراء فقط، وانما الاتحاد الاشتراكي ايضا. لوحظ هذا على وجه التحديد مع حالة اعلان اتحاد الجمهوريات العربية والذي لم يستشر فيه السادات أياً من الجهازين. 5 ـ ولذلك، فنحن نرى هنا ان مصر تستدير دائرة كاملة تجاه ايام احتكار عبد الناصر للسلطة. فالسادات، وعلى جبهة الصعيد العالمي على الاقل، يشد خيوط صناعة القرار بيديه، وهو يعود خلال هذه العملية الى سياسة التركيز على القضايا الخارجية على النحو الذي ميز فيه ذلك التركيز معالم سنوات عبد الناصر الاخيرة، فيما رحب معظم المصريين بالاهتمام المتعاظم بالشؤون الداخلية في الأشهر القليلة الاولى من حكم السادات. ومع ذلك، تبقى قيد الانتظار معرفة ما اذا كان الضغط سيتعاظم، سواء مباشرة ضد الرئيس السادات، او بطريقة غير مباشرة لصالح نفوذ اكبر لمجلس الوزراء، وذلك لتحويل التوجه الحالي. وستظل وجهة نظرنا، كما عبرنا عنها في رسالتنا 1/1 بتاريخ 21 اكتوبر 1970، ان على الرئيس في مصر ان يمارس الرئاسة شخصيا وحقيقة، ويحكم، او يختفي (بغياب الخيار الاول او عدم حدوثه بالطبع.. الاضافة من «الشرق الأوسط» لايضاح المضمون).

 

 


   

رد مع اقتباس