عرض مشاركة واحدة

قديم 05-09-09, 10:02 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

القضية الفلسطينية هي الحكم


يظهر هنا سؤال كثيراً ما تعرض له الباحثون: وهو: ما هو سبب فشل المحاولات -أو الجهود- الامريكية لتحسين الصورة الامريكية في نظر الشعوب العربية والاسلامية؟
والجواب المعهود - والمتوقع -هو أن تناقضات السياسة الاستراتيجية الأمريكية، ومعاييرها المزدوجة، هي مصدر الأخطاء والانحرافات الكثيرة التي تستلب حتى المحاولات الأمريكية من مصداقياتها، بحيث يتم قراءة أي موقف أمريكي يحمل نوعاً من الإيجابية على قاعدة أذكار سلفية، وقناعات أصبحت شبه ثابتة بتراكم المواقف عبر الزمن بحيث تصعب رؤية الايجابيات من خلال ركام المواقف السلبية- إن لم تكن المواقف العدائية- فهل يمكن للعدو أن يكون صادقاً؟
يمكن هنا التوقف عند تصريح للرئيس الامريكي (جورج بوش) يوم 8 آيار- مايو- 2006 جاء فيه: "إن الاسلام الحقيقي هو دين سلام ويحترم قيم الآخرين وأدعو إلى إيجاد السبل الكفيلة بتحقيق تفاهم أكبر بين العالم الاسلامي والغرب - أوروبا - إذ إن هناك قيماً مشتركة بين الديانات السماوية الثلاث. ويجب عدم السماح للمتطرفين بأن يلطخوا صورة الاسلام، وأن يتخذوا قرارات بشأن طابعه".
ولكن هذا التصريح -ونظائره- لا تقع تحت بصر أحد من الناس، بل يتم القفز من فوق كلماتها لأنها لا تحمل علاجاً حقيقياً لأي موقف.
وتبقى القضية الفلسطينية هي (أم القضايا العربية والإسلامية) وهي (المقياس والحكم) لكل المواقف العربية والاسلامية والدولية. ومعروف أن هذه القضية كانت هي المدخل -أو البوابة- التي اقتحم (الاتحاد السوفييتي) من خلالها أسوار الوطن العربي والاسلامي الذي كان منيعاً وقوياً في وجه كل اقتحام. وكانت البداية هي (قضية التسلح) فعندما اتخذ الغرب الاوروبي قراره بحرمان العرب من التسلح إلا في حدود ضيقة، تقدم الاتحاد السوفييتي (سنة 1955) فاستجاب لطلبات العرب (مصر سوريا)، وقدم لهما الدعم. وكان الخطأ الاوروبي، وقصور السياسات الاستعمارية المصابة أصلاً بالعمى والصمم، هي التي دفعت قادة الكريملين للإفادة من هذا الخطأ التاريخي. وتراكمت بعدئذ الأخطاء الاوروبية، فكان كل خطأ أمريكي- غربي يفسح المجال أما استثمار إضافي لصالح (الكريملين) وسياساته. وهل كان عدوان 1956 وحرب 1967 إلا حلقات في مسلسل الجرائم (التي لم يعد بالمستطاع وصفها بالأخطاء أو الانحرافات) والتي أدت بالتحولات الدولية التي هيمنت على سياسات عصر الحرب الباردة الى انقسام العالم ضد سياسات الاستعمار واستطالاتها؟
ولم يكن أمراً مباغتاً أو غريباً أن تحمل الولايات المتحدة الأمريكية القسط الاكبر من مسؤولية الجرائم والانحرافات والأخطاء بعد أن أخذت على عاتقها مسؤولية رعاية (الموروث الاستعماري) بكل ما شكله هذا الموروث من تراكمات (مادية ومعنوية) عبر قرون العصر الاستعماري. ويمكن بعد ذلك الوصول إلى أحدث المواقف والتطورات في (القضية الفلسطينية) وملاحظة (سياسة وثقافة الأخطاء) مقابل (سياسة وثقافة الإفادة من أخطاء الأخرين).
وأعلن في فلسطين (يوم 25 كانون الثاني -يناير- 2006) فوز (حركة المقاومة الإسلاميه حماس) فوزاً ساحقاً في الانتخابات التشريعية. وأصبح باستطاعة الحركة تشكيل حكومة تميزت انتخاباتها بديموقراطية وشفافية وحضارية شهد بها كل مراقبي العالم. ولكن اسرائيل وامريكا قد صنفتها منذ عهد بعيد هذه الحركة (بأنها منظمة إرهابية) ولم تعترفا بها على أنها (حركة مقاومة) لاستعمار حقيقي سحق الشعب الفلسطيني دونما شفقة ولا رحمة تحت سمع العالم وبصره- ونجاحه في فترة الانتفاضات المتتالية (1989 - 2005). ووقف العالم بذهول يرقب كيف ستتطور الأحداث، وسجلت قيادة حماس الموقف الواضح منذ يوم فوزها في الانتخابات. وفي يوم 29 كانون الثاني - يناير - 2006 صرح القيادي محمود الزهار - بما يلي: "إن حماس لا تعتبر الولايات المتحدة عدواً لها. وهي تطلب إلى الرئيس الامريكي تحقيق العدالة، إن الرئيس الامريكي جورج بوش، يمسك بمفتاح السلام في الشرق الأوسط. وإن حماس مستعدة للقبول بقيام دولة فلسطينية في أي منطقة محررة من الاحتلال".
وفي اليوم ذاته، كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (خالد مشعل) يصرح في دمشق: "إن لدينا سلطة نشأت على أساس (اتفاقيات اوسلو) وسنتعامل مع كل اتفاق أو قانون بواقعية شديدة، ولكن بشكل لا ينتقص حقوق شعبنا. وإن حماس لن تخضع للضغوط، ولكننا واقعيون ونعلم أن الأمور تجري على أساس أن عدم اعتراف أي طرف بالطرف الآخر، لا يعني أنه لن تكون هناك خطوات تراعي ظروف الواقع ومتطلباته والمرحلة القادمة". وكان ذلك أمراً مباغتاً، فمجموعة المواقف التي صدرت عن قادة حماس لم تكن متوقعة؛ إذ أظهرت قدراً كبيراً من المرونة. فماذا كانت عليه المواقف المقابلة؟
لقد كان أول رد فعل امريكي -اسرائيلي- اوروبي هو إيقاف المساعدات المالية للشعب الفلسطيني، حتى الانسانية في بداية الأمر -عقاباً للشعب الفلسطيني على خياره الديموقراطي-، والحر والشرعي في حق تقرير المصير.
وتعاقبت ردود الفعل سراعاً، ففي يوم 29 كانون الثاني -يناير-2006 وصلت مستشارة ألمانيا (انغيلا ميركل) إلى إسرائيل؛ والتقت رئيس وزراء اسرائيل بالوكالة (ايهود اولمرت)، واتفقا على عدم التعامل مع (حماس) وصرحت (ميركل) بما يلي: "إن مجرد فوز حماس في الانتخابات التشريعية يوم 25 كانون الثاني -يناير- 2006 لا يمنحها تلقائياً الشرعية الدولية. ولن يكون هناك مجال للتعاون بين اسرائيل والفلسطينيين إلا إذا استجابت (حماس) لطلبات المجتمع الدولي وحققت ثلاثة شروط: التخلي عن الإرهاب والعنف، والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، والقبول بكل الاتفاقيات الدولية". وكرر (يهود اولمرت) طلباته من (حماس) وشروطه: وهي: "إلغاء ميثاقها والاعتراف بحق اسرائيل في العيش في حدود آمنة ومعترف بها، وبكل الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة والالتزامات التي قدمتها السلطة الفلسطينية".

جورج بوش وبوتين

ولكن أحداً من الأطراف الأمريكية والأوروبية - والإسرائيلية بداهة- لم يتعرض (للحقوق الفلسطينية) ولا (للمستوطنات وجدار العزل والقدس وحق العودة والحدود الآمنة للفلسطينيين -وحتى خارطة الطريق -الأمريكية- أصلاً لم يتعرض لها ولو بإشارة عابرة من قريب أو بعيد) وكان ذلك خطأ كبيراً، أفادت منه روسيا -فوجهت يوم 9 شباط -فبراير- 2006 دعوة إلى زعماء حركة حماس لزيارة موسكو - وتمت دعوة رئيس المكتب السياسي للحركة في دمشق (خالد مشعل).
واعتبرت اسرائيل: "أن دعوة مشعل لزيارة موسكو هي طعنة في ظهر إسرائيل وستعمل على اجهاضها". وفي اليوم الثاني -عقد في (صقليا - إيطاليا) اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي -الناتو- حيث ألقى وزير الدفاع الروسي (سيرغي لافروف) كلمة جاء فيها: "إننا على يقين من أن الأسرة الدولية ستحذو حذو روسيا عاجلاً أم آجلاً. وأسمح لنفسي أن أتوقع أنه عاجلاً أم آجلاً سيكون عدد من الدول من بينها دول اللجنة الرباعية -أمريكا وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي- مؤيدة لإجراء الاتصال مع حماس. فقد وصلت حماس إلى الحكم نتيجة انتخابات ديموقراطية فعلية".
وفي يوم 2 آذار - مارس- 2006 كان وفد (حماس) ينهي زيارته الناجحة لموسكو بعد إجراء مباحثات (وصفت بالايجابية والبناءة). وصرح وزير الخارجية الروسية (سيرغي لافروف) بأن روسيا تحترم خيار الفلسطينيين. وحماس هي طرف مسؤول، فيما كان (خالد مشعل) يصرح: "بأنه يأمل استمرار هذه المحادثات البناءة"، كما صرح الدكتور موسى أبو مرزوق (نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس) بما يلي: "لقد كان موقفاً روسياً شجاعاً. وسنشجع دورها لملء الفراغ".
ولكن (ايهود اولمرت) لم يغير موقفه فعاد وصرح يوم 5 آذار -مارس- 2006 بما يلي: "لا حوار مع حماس بتاتاً، وموقفنا يتعارض مع موقف موسكو". وتجاوز (اولمرت) حدود الجدل السياسي فأمر بشن عدوان على نابلس سقط فيه تسعة شهداء -بالإضافة الى شهيدين في دير البلح- وأعلن أن (إسماعيل هنية) رئيس وزراء الفلسطينيين هو هدف لإسرائيل.
وفي يوم 14 آذار -مارس- اقتحمت القوات الاسرائيلية (اريحا) واختطفت قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (أحمد سعدات) من معتقله، في عملية قرضة 10 أعلن بعد ذلك أنها تمت بموافقة أمريكية - بريطانية. وتلاحقت المواقف المتشابهة، التي أكدت تصميم أصحاب المشروع الصهيوني على الاستمرار في وضع الشعب الفلسطيني بين مطرقة اسرائيل -وسندان الغرب، ومن ذلك ما أعلن يوم 21 نيسان - إبريل 2006 عن محاولة ألمانيا إقناع روسيا بالامتناع عن مساعدة حكومة حماس، فيما أعلن عن قيام فرنسا بمنع وزير فلسطيني من دخول أراضيها "ولكن روسيا والصين التزمتا بمواقفهما وأعلنت بكين وموسكو يوم 17 -آيار- مايو- 2006 دعوتهما المجتمع الدولي لاحترام خيار الشعب الفلسطيني ومساعدته بدلاً عن حصاره".

 

 


   

رد مع اقتباس