عرض مشاركة واحدة

قديم 14-04-09, 03:06 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

تخطيط المناهج:



انطلاقًا من فهم المهمة الحالية، وتمثّل الرؤية المستقبلية، كانت مرحلة تخطيط المناهج هي المرحلة الأولى في سلّم مراحل تطوير المناهج؛ بوصفها المرحلة الطبيعية للبدء في بناء مناهج أي منظمة أكاديمية، وتكتسب أهميتها من كونها تُعدّ الحجر الأساس في كل ما يتعلق بالمناهج. ولم تكن كلية الملك خالد العسكرية بدعًا من هذه المسلمة الأكاديمية، إذ رسمت الخطوط العريضة، وهيّأت الأرضية الصلبة، ووجّهت الجهود البشرية والمادية نحو تحقيق أهدافها. وعليه، فقد بدأ تأسيس المناهج من خلال لجنة يرأسها صاحب السمو الملكي، النقيب آنذاك متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وبعضوية عدد من خيرة الخبرات العسكرية والمدنية في عملية التخطيط، أي في جميع العمليات الانتقائية التي تتضمن كل ما يمكن أن يوصَى به للطالب ليكوّن زاده المعرفي في الكلية. وقد بدأت تلك اللجنة الموقّرة تخطيط المناهج، بوصفها انعكاسًا لمتقضيات مسلمات مهمة الكلية، وكان ذلك وفق عدد من المراحل الجزئية، وهي: تحليل البيئة، وصياغة الأهداف العامة، وتحديد المقررات التي ترضي تلك الأهداف.
وهكذا كان دأب اللجنة في أعمالها، إذ نظرت إلى كل الأبعاد البيئية التي يمكن أن تسهم في التأثير في عملية بناء المناهج، سواء كان التأثير بعيدًا أو قريبًا، واضعة في الاعتبار تلك الخطوات التطويرية التي يمر بها الحرس الوطني، ومتطلباتها، وانعكاساتها في تحديد الكفاءات والمؤهلات. ولم تغفل اللجنة المستوى الأكاديمي الذي يتميز به الطالب ذلك الحين، وغير مُغفِلةٍ مستواه الثقافي الذي ينمّ عن خلفياته المعرفية الثرية، ومستواه العلمي الراقي، ومدركة الفروقات التي أصبحت علامة بارزة على اتساع الهوة بين طالب الأمس وطالب اليوم، بما في ذلك الفروق الفردية، والقدرات الذهنية، والإمكانات الشمولية التي صاحبت تلك المرحلة. مع الأخذ في الحسبان وفرة أعداد الطلبة، مما يمنح الفرصة بإجراء الفرز والانتقاء. كلّ هذه الأبعاد الذهنية كانت حاضرة في هذه المرحلة، ولم يكن حضورها بالتأكيد حضورًا صوريًا، بل كان حضورًا له مدلوله وأثره الذي انعكس على المناهج في لاحق الأيام.
وانعكاسًا لنتائج تحليل البيئة بدأ تقرير أهداف التعليم والتدريب العامة التي تكفل إعادة تشكيل وتهيئة شخصية الطالب ليغدو قائدًا محترفًا. وقد استأثر التركيز على الاحترافية بالهم الأكبر، بوصفها أسّ القيادة وركيزتها الرئيسة، واستلزم ذلك عدم إغفال أي محور يمكن أن يسهم في بلورتها. ومن ذلك إعداد الطالب إعداداً متكاملاً بوصفه قائدًا عسكريًا، ومواطنًا صالحًا، وعضوًا اجتماعيًا نافعًا. وكان تحديد الأهداف من أهم خطوات مرحلة تخطيط المناهج، وتُستمدُّ هذه الأهداف من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وخصوصية المملكة العربية السعودية، وتقاليد مجتمعنا السعودي، بالإضافة إلى ما أملته طبيعة العصر ومستجداته. وقد ترتبت الأهداف ترتيبًا هرميًا انطلاقًا من الأهداف العامة، يليها هدف المقرر الواحد، فأهداف دروسه الفرعية، إذ تكوّنت الأهداف في طبقات متراكمة، لتؤدي كل طبقة في المستوى الأدنى إلى تحقيق أهداف الطبقة التي تعلوها، بوصفها هي الطبقة التي تحدد الأهداف العليا، وهكذا دواليك لتصل إلى تحقيق الأهداف العامة التي ترضي في نهاية الأمر متطلبات مهمة كلية الملك خالد العسكرية.
وبما أن الأهداف لا يمكن أن تتحقق إلاّ من خلال محتويات معرفية، فإنه على ضوء تقرير أهداف التعليم والتدريب شرعت اللجنة، أولاً، في تقرير المناهج العامة التي يمكن أن ترضي هذه الأهداف، وخصصت لكل منهج أهدافه وشروطه التعليمية، بجانب ذلك الشروط الزمانية والمكانية. وقد تشكّلت مقررات الكلية في ثلاثة أطر كبرى، وهي:
% المقررات العسكرية.
% المقررات الأكاديمية (المدنية) بشقيها: العلوم البحتة، والعلوم الإنسانية.
% المقررات البدنية.
ويبدو لأول وهلة أنَّ هذه العلوم عديمة الانسجام، كما يوحي بذلك تصنيفها التقليدي، وقد يكون هذا صحيحًا، إلاّ أنّ تحديد الأهداف وتصنيفها جعل من الممكن صهر هذه المتفرقات في بوتقة واحدة بطريقة علمية واضحة المسالك. ولإرضاء الأهداف عمليًا، كان السبيل هو اختيار المقررات بصورة عامة، ثم تحديد محتوياتها المعرفية بطريقة تضمن تحقيق أهداف كل مقرر على حدة، وصولاً إلى ضمان تحقيق الأهداف العامة، ولأجل تحقيق ذلك فقد كان هناك معايير لاختيار المحتوى. ويمكن إجمالها في:
% صلاحية المعارف المنتقاة، من حيث جدّتها، بوصفها تمثّل أحدث ما توصّل إليه البحث.
% ملاءمتها لطبيعة البيئة، وفق نتائج تحليلها، ومدى منفعتها للطالب عمليًا.
% الأهمية، وذلك بمعرفة أولويات العلوم والمعارف في تكوين الطالب، فالضابط، ومدى إمكانية إسهام هذا العلم أو ذاك من خلال الخبرات والمفاهيم.
% الواقعية، وذلك باختيار المحتوى الذي يناسب الوقت المخصص، سواء زمن التعلّم والتدرب العام؛ أي السنوات الثلاث، أو الزمن المخصص لكل مقرّر من هذه المقررات، طبقًا لثقله الأكاديمي وطبيعة مادته العلمية

 

 


   

رد مع اقتباس