الموضوع: جبل عامل
عرض مشاركة واحدة

قديم 14-04-09, 10:37 PM

  رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

إلا أنه، بعد الفتح العثماني مباشرة، برزت الى الوجود السياسي في جبل عامل أسرتان جديدتان، أخذتا تنافسان الأسرة الوائلية على الزعامة والسياسة، هما: آل صعب حكام الشقيف من بلاد بشارة الشمالية، وقاعدتهم النبطية، وآل منكر حكام إقليمي الشومر والتفاح من بلاد بشارة الشمالية أيضاً، وقاعدتهم جباع.
وعلى الرغم من أن آل علي الصغير كانوا أكثر هذه الأسر نفوذاً وأقواها شكيمة، فقد كان لكل أسرة استقلالها الإداري بالمقاطعة أو المقاطعات التي تحكمها، فالحاكم الإقطاعي حرّ في إدارة مقاطعته، يتصرف بشؤونها ويحمي حدودها، من دون أن يكون هنالك سلطة فوق سلطته، أما سلطة الدولة، فكانت إسمية، وتتلخص في حقها باستيفاء الضرائب والرسوم المقطوعة وفقاً لشروط الالتزام، ومن دون أن يكون لها الحق بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وكان لكل حاكم جنده الخاص به للدفاع عن مقاطعته، حتى إذا هوجم واحد منهم هبّت باقي المقاطعات تسانده وتؤازره. وقد تمكنت هذه الأسر الثلاث، في فترات مختلفة، وبفضل قوتها وضعف الحكام الخارجيين، من الاستقلال بمقاطعاتها استقلالاً ذاتياً يكاد يكون تاماً.
إلا أن ذلك لم يكن يعني أن جبل عامل خارج عن سلطة الامبراطورية العثمانية، فقد كان الولاة العثمانيون "يلزمون" جباية الرسوم والضرائب المترتبة على جبل عامل الى من يرغب من رجال الإقطاع في ذلك العهد، عاماً بعد عام، وكان أول من تقدم من آل معن لالتزام مقاطعات جبل عامل هو الأمير فخر الدين المعني الثاني أمير الشوف، الذي التزم سنجقية صفد عام 1603 من مراد باشا والي الشام، ونازعه عليها بعد ذلك الأمير يونس الحرفوش أمير البقاع، وكان هذا النزاع سبباً لخصومات ومعارك شديدة بين الطرفين كان النصر في نهايتها للأمير المعني، الذي استطاع أن يستولي على جبل عامل طيلة مدة حكمه في إمارة الشوف، ففي عام 1612 كانت قلعتا بانياس والشقيف بيد فخر الدين، وكان وكيله على بانياس، الشيخ حسين اليازجي، وكيلاً كذلك على القسم الشرقي من بلاد بشارة، ووكيله على الشقيف، الشيخ حسين الطويل، وكيلاً على إقليمي الشومر والتفاح.
وفي أثناء غياب الأمير فخر الدين بتوسكانة (1613 - 1618) تسلّم أخوه الأمير يونس بلاد عاملة، متخذاً صور مقراً له، كما تسلّم الشيخ حسين اليازجي مقاطعة تبنين، وجعلها مقراً له، "وكانا يقودان الشعب بأجمعه وقت الحاجة ويوجهانه حيث أرادا"، حتى إن العامليين حاربوا الى جانب المعنيين ضد آل سيفا حكام طرابلس، في وقعة الناعمة عام ،1616 وبقيادة ابنه الأمير علي المعني، فكانت ميسرة الجيش المعني في هذه الوقعة من العامليين ومن رجال الأمير علي الشهابي حاكم وادي التيم، كذلك حارب العامليون الى جانب المعنيين، في معركة عنجر الشهيرة عام ،1623 ضد مصطفى باشا والي الشام وحلفائه الحرفوشيين حكام البقاع والسيفيين حكام طرابلس، إذ اشتركوا في هذه المعركة بفرقة قوامها ألف مقاتل بقيادة مصطفى مدبر الأمير فخر الدين، كما حاربوا الى جانب فخر الدين في حملته على عكار عام 1618 - 1619 وكانوا بقيادة ابنه الأمير علي، وفي معركة فارا التي جرت في أثناء حملته على فلسطين عام ،1623 وكانوا بقيادة طويل حسين بلكباشي.
إلا أن غياب الأمير فخر الدين عن المسرح السياسي عام ،1633 أضعف سلطة خلفائه المعنيين، الذين لم يكن حكمهم في جبل عامل مستمراً ومستقراً تماماً، بل تخلّلته ثورات واضطرابات كثيرة، وهكذا نرى العامليين يخوضون، في فترة الحكم المعني بالذات، معارك عديدة ضد المعنيين أنفسهم وضد الولاة العثمانيين، وأهم هذه المعارك:
- وقعة أنصار (1638): كان العثمانيون قد ولّوا على الإمارة المعنية، بعد أسر فخر الدين وسوقه الى الاستانة عام ،1633 الأمير علي علم الدين زعيم الحزب اليمني، والخصم اللدود لآل معن، بينما فرّ الأمير ملحم بن الأمير يونس المعني، وهو الأمير الوحيد الذي بقي حراً من أسرة آل معن، الى قرية "عرنا" بسفح جبل الشيخ، حيث لجأ الى أحد أنصار أسرته، ومن هناك بدأ يتصل بأنصاره من الحزب القيسي، مهيئاً نفسه لمعركة فاصلة مع العثمانيين وحلفائهم اليمنيين، الحكام الجدد للإمارة، فخاض، ضد هؤلاء وأولئك، معركة في أرض "القيراط"، قرب قرية "مجدل معوش" بالشوف، عام ،1635 كان النصر فيها حليفه، وفرّ الأمير علي علم الدين اليمني على أثر هذه المعركة وتشتّت جيشه، فلجأ الى قرية "أنصار" بجبل عامل مستنجداً بمشايخها من آل منكر، وكانوا يوالونه، ضد الأمير المعني، فلما علم الأمير ملحم بذلك جهّز جيشاً وقصد "أنصار" عام 1638 لمداهمة الأمير علي فيها، ولكن هذا الأخير تمكن من الفرار وأرسل يطلب النجدة من والي الشام، الذي أرسل لمساعدته فرقة من السكمان توجهت لقتال الأمير ملحم، الذي ما إن علم بتوجهها إليه، حتى ترك "أنصار" بعد أن هدمها وقتل نحو ألف وخمسمئة من أهلها، إذ اتهمهم بالانحياز الى خصومه اليمنيين.

 

 


   

رد مع اقتباس