الموضوع: تاريخ سوريا
عرض مشاركة واحدة

قديم 15-04-09, 12:14 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

في أيار (مايو) 1967، كانت الاشتباكات الحدودية السورية-الإسرائيلية، التي نتجت أساساً عن تعدي إسرائيل على المنطقة منزوعة السلاح، قد وصلت ذروتها. قامت إسرائيل باعتداءات واسعة على أهداف سورية في الجولان، وحشدت قواتها على خط الهدنة مهددة بغزو سوريا. ردت مصر، التي كانت تربطها بسوريا اتفاقية دفاع مشترك، بحشد قواتها أيضاً في سيناء. تصاعد التوتر في المنطقة، وقامت مساع دولية حثيثة لمنع نشوب الحرب، إلا أن إسرائيل فاجأت العالم بعدوانها على مصر والأردن صباح 5 حزيران (يونيو) 1967. ابتدأ العدوان الإسرائيلي بضربة صاعقة للقوة الجوية المصرية والأردنية، تقدمت بعدها القوات البرية الإسرائيلية في سيناء والضفة الغربية للأردن لتحتلها في غضون أربعة أيام. في 9 حزيران (يونيو)، ورغم قبول الدول العربية بوقف إطلاق النار، هاجمت إسرائيل القوات السورية في الجولان، وتمكنت من احتلال هذه الهضبة الاستراتيجية بحلول يوم 11 حزيران (يونيو) 1967 أي خلال يومين فقط وكان وزير الدفاع حينها في سورية حافظ الاسد وقائد الجبهة أحمد ألمير.
كانت الهزيمة العربية مفاجئة للجميع. وقرر العرب الاستمرار في الصراع، وعدم الاعتراف بإسرائيل وعدم التفاوض معها. في تلك الفترة التي تلت الحرب، كانت سوريا تزداد ابتعاداً عن محيطها العربي، وكان حكم البعث في دمشق يزداد ابتعاداً عن الشعب. كما ان الصراع على السلطة بين أعضاء القبادة في سورية أدى إلى إعلان إنقلاب جديد بقيادة وزير الدفاع حافظ الاسد طبعأ كالعادة إستطاع البعث الترويج ل مصطلح شعبوي لهذا الإنقلاب وسمي (بالحركة التصحيحية وقد قامت في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970 وليس في 16 تشرين الثاني(نوفمبر)1970 كما هو معلوم في سورية )،
بعد سقوط القيادة القومية في فبراير (شباط) 1966، وخاصة بعد انقلاب حاطوم الفاشل، تجمع معظم الضباط البعثيين وأعضاء الحزب المدنيون، إما حول صلاح جديد أو حافظ الأسد اللذين كانا أبرز السياسيين في سوريا حينذاك. وبالرغم من أن جديد لم يعد له منصب رسمي في الجيش السوري منذ أغسطس (آب) 1965 –عندما استبدل منصبه كرئيس للأركان بمنصب مدني قيادي كأمين عام مساعد بالقيادة القطرية السورية –إلا أنه نجح لفترة من الزمن في إحكام قبضته على جزء كبير من سلك الضباط، وذلك جزئياً من خلال مؤيديه في المكتب العسكري الذي كان يتولى الإشراف على تنظيم الحزب العسكري. ومنذ إبريل (نيسان) 1966 شمل هذا المكتب أعضاء مدنيين. وقد تمكن جديد من السيطرة على جزء من القوات المسلحة عن طريق اتصالات جانبية شخصية مباشرة –رغم حظرها تنظيمياً- بعدد من الضباط العسكريين. أما الأسد، وبكونه وزيراً للدفاع ومنافساً لجديد، كان في وضع أفضل من حيث التأثير على سلك الضباط الذي كان يرتبط بجزء منه بصفة شخصية. وقد شغل الأسد منصب قائد القوات الجوية منذ عام 1964. وكان مسئولاً عن تعزيزها. لذلك، استطاع أن يعين الكثير من مؤيديه العسكريين في مراكز استراتيجية هامة. علاوة على ذلك، كان الأسد قائداً كبيراً باللجنة العسكرية البعثية التي كانت مسئولة لعدة سنوات عن نشاطات التنظيم العسكري للحزب. وبعد انقلاب 23 فبراير (شباط) 1966 تكرر ظهور التوتر بين جديد والأسد، بيد أن المواجهة العلنية لم تحدث. فقد ازداد وضع النزاع بعد الهزيمة العسكرية العربية في يونيو (حزيران) 1967، ويرجع ذلك جزئياً للاختلافات في الرأي حول السياسات العسكرية والخارجية والاقتصادية الاجتماعية التي كان لا بد من إتباعها حينذاك. وقد كان الجدل الأيديولوجي بين أهم الكتل والجماعات البعثية عادة ما يتركز حول مسألة إعطاء الأولوية للسياسة الاشتراكية الموجهة داخلياً أو لسياسة عربية قومية موجهة خارجياً بصورة أكبر بهدف التعاون بين العرب والوحدة بينهم في صالح المواجهة مع إسرائيل. وكانت المشكلة الرئيسية هي العثور على أنسب الطرق للربط بين هذه السياسات الاشتراكية والقومية العربية بغية استخلاص النتائج التي يمكن أن تعتبر على المدى الطويل الأمثل من وجهة النظر البعثية.
وقد باتت الخلافات في الرأي بين جديد والأسد واضحة جلية في المؤتمرات القطرية والقومية التي عقدت بدمشق في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 1968. حيث ظهر اتجاهان واضحان، أيد أحدهما إعطاء الأولوية القصوى لما سمي بالتحويل الاشتراكي للمجتمع السوري. وكان يسوده المدنيون كأعضاء بارزين، بمن فيهم صلاح جديد وعبد الكريم الجندي وإبراهيم ماخوس وزير الخارجية (العلوي) ويوسف زعين رئيس الوزراء. وهذه الجماعة ذات الميول الاشتراكية رفضت علانية فكرة التعاون السياسي أو العسكري من الأنظمة التي وسمتها بالرجعية أو اليمينية أو بكونها موالية للغرب كالأردن أو لبنان أو العراق حتى وإن كان ذلك على حساب الكفاح ضد إسرائيل. ولم يكن لدى هذه الجماعة اعتراض على زيادة الاعتماد على الاتحاد السوفييتي والدول الشيوعية الأخرى من الكتلة الشركية، ما دام هذا لصالح التحويل الاشتراكي أما الاتجاه الثاني فقد أبدى ميلاً قومياً عربياً قوياً وطالب بإعطاء الأولوية القصوى للكفاح المسلح ضد إسرائيل، أي تقوية الإمكانيات العسكرية العربية حتى ولو أحدث ذلك تأثيرات سلبية مؤقتة على التحويل الاشتراكي لسوريا، وقد تم تأييد سياسة التعاون والتنسيق العسكري والسياسي مع الدول العربية مثل الأردن والعراق ومصر والسعودية، دون لاهتمام بألوانها السياسية، ما دام ذلك في صالح الكفاح العربي ضد إسرائيل، وقد عبر معظم المندوبين العسكريين عن هذا الاتجاه القومي في المؤتمرات ومن أبرزهم وزير الدفاع حافظ الأسد ورئيس أركان الجيش السوري مصطفى طلاس.
لكن اقتراحات الأسد ببدء المفاوضات مع نظام البعث المنافس في العراق الذي تقلد زمام السلطة في يوليو (تموز) 1968 وكان يسوده البعثيون المرتبطون بالقيادة القومية التي أطيح بها في سوريا في فبراير (شباط) 1966 لصالح التعاون العسكري ضد إسرائيل وبقصد التقليل من عزلة سوريا السياسية في العالم العربي، قد رفضت بشدة من قبل غالبية أعضاء المؤتمر المدنيين ذوي الميول الاشتراكية الذين رفضوا بشدة أي نوع من التقارب مع البعثيين الذين كانوا يحكمون العراق، مؤكدين أن هؤلاء هم المنشقون "اليمنيون" الذين طُردوا من الحزب نتيجة حركة 22 فبراير (شباط) 1966. وقد فاز جديد وأنصاره بأغلبية ساحقة خلال المؤتمر وتمكنوا من جعل أفكارهم السياسية مقبولة ومعتمدة كمقررات رسمية لسياسة الحزب. ولم يقبل الأسد نتائج مؤتمرات الحزب ورفض حضور اجتماعات أخرى للقيادة القطرية أو الاجتماعات المشتركة للقيادة القطرية السورية والقيادة القومية وبالرغم من انتخابه في القيادة القطرية، إلا أنه في الواقع استقال من تلك المؤسسةوقد قرر إحكام سيطرته على القوات المسلحة عن طريق فصل الجهاز العسكري للحزب عن قيادة الحزب المدنية، كما أصدر أوامر بمنع أعضاء القيادة القطرية أو مسئولي الحزب المدنيين الآخرين من زيارة أقسام تنظيم الحزب العسكري أو القيام باتصالات مباشرة مع قطاع الحزب العسكري. وقد تم منع ضباط الجيش بدورهم من إجراء أية اتصالات مباشرة مع سياسيي الحزب المدنيين، إلا عن طريق القنوات الرسمية لقيادة تنظيم الحزب العسكري. وإضافة إلى ذلك قامت المخابرات العسكرية بحظر العلاقات العادية بين أقسام الحزب المدنية والعسكرية عن طريق فتح مراسلات الحزب وإعاقة التوزيع العادي لنشراته الصادرة عن القيادة القطرية السورية والموجّهة لجهاز الحزب. وعقب مؤتمرات الحزب المنعقدة في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 1968 تم نقل بعض أنصار جديد العسكريين إلى مناصب أقل حساسية في القوات المسلحة، دون سابق تشاور مع المكتب العسكري الذي يسيطر عليه أنصار جديد والذي كان في الظروف المعتادة هو صاحب اتخاذ القرارات بشأن التنقلات العسكرية. إن الامتياز الممنوح لقيادة الجيش لإجراء تنقلات بين مسئولي الجيش الذين هم فوق رتبة معينة قد جرى وضعه رسمياً أثناء الاجتماعات المشتركة للقيادتين: القطرية السورية والقومية، فعلى سبيل المثال تقرر أن يكون نقل قادة ألوية الجيش ضمن اختصاص الاجتماع المشترك ورغم ذلك استمر الأسد في خططه وأعفى كما ذكر المقدم عزت جديد – أحد أبرز أنصار صلاح جديد العسكريين- من قيادة اللواء السبعين، الذي كان له أهميته السياسية والاستراتيجية . وبينما نجح الأسد في فرض سيطرته على معظم القوات المسلحة السورية، فقد أحكم جديد قبضته على جهاز الحزب المدني بشغل أهم مراكز الحزب المدنية بمؤيديه، وهكذا تم خلق ما يسمى بـ "ازدواجية السلطة" : مؤسستا السلطة السورية الرئيسيتان –وهما القوات المسلحة وجهاز حزب البعث المدني- قد تم السيطرة عليهما من قبل جماعات مختلفة من الحزب أو الجيش يتعارض كل منهما بشدة مع الآخر ويتبع كل منهما سياسات مختلفة.
تم التوضيح سابقاً أنه منذ الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة في 1961 لعبت الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية دوراً هاماً في الصراع على السلطة في سوريا، وبالتالي يمكن استنتاج أن قوة الضباط العسكريين والسياسيين المدنيين على المستوى الوطني قد اعتمدت بشكل كبير على النفوذ الذي استطاعوا فرضه على المستويات الإقليمية والطائفية أو العشائرية ليتسنى إحراز النجاح في السياسات الوطنية لابد للشخص أولاً أن يكون ناجحاً سياسياً بين أفراد منطقته أو طائفته الدينية أو عشيرته، وكثيراً ما تم التعبير عن الصراع على السلطة بين أشخاص من مناطق مختلفة أو طوائف دينية على شكل نزاع بين مناطق أو صراع بين طوائف كما تم التعبير عن الصراع على السلطة بين الأشخاص من نفس المنطقة أو الطائفة الدينية على شكل نزاع إقليمي داخلي أو نزاع طائفي داخلي. لذلك فإن الصراع على السلطة الذي اندلع في 1964 بين أبرز الضباط العلويين باللجنة العسكرية البعثية، أي محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد قد انعكس بوضوح في الشقاق الداخلي في فرع الحزب بمحافظة اللاذقية . وقد ظهر شقاق مماثل في نفس الفرع في 1969 و 1970 عندما بلغ الصراع على السلطة ذروته بين الأسد وجديد، وكلاهما من اللاذقية، وذلك حين سعى كل منهما إلى بسط سلطته داخل حزب البعث على المستوى الوطني وتقوية قبضته على فرع الحزب ومؤسساته الأخرى بمسقط رأسه. وفي فبراير (شباط) 1969 عندما حاول أنصار جديد المسيطرون على فرع الحزب باللاذقية التخلص من تأثير الأسد عن طريق تصفية أبرز أنصاره فقد تلى ذلك إجراءات مضادة عنيفة، حيث أصدر حافظ الأسد أوامره باعتقال قيادة فرع الحزب باللاذقية واستبدال أعضائها بأنصاره الذين تم فصلهم من قبل . كما فرضت الإقامة الجبرية على محافظ اللاذقية، وهو أيضاً في قيادة فرع الحزب المحلي، في 27 فبراير (شباط) 1969 ومُنع من دخول مكتبه أو المقر الرئيسي المحلي للحزب، وتم أيضاً الإغارة على مكاتب الحزب بطرطوس والشعب المحلية من قبل كتيبة المغاوير التي كانت مكلفة بحراسة المنشئات الحيوية في المحافظة، وذلك بقصد اعتقال أعضاء فرع قيادة الحزب، وفي طرطوس تم اعتقال عادل ناعسة أمين عام فرع اللاذقية وأحد أنصار جديد

 

 


   

رد مع اقتباس