الموضوع: كتاب- قصة حربين
عرض مشاركة واحدة

قديم 18-01-10, 07:50 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مشكلة العقوبات

من ناحية أخرى يشير المؤلف إلى أن العقوبات تحولت إلى وسيلة معقدة في السياسة الخارجية بشكل أدى إلى تباين تأثيراتها، فأسلوب تطبيق العقوبات في حالة العراق نجح في ان يصعب على صدام الحفاظ على سيطرته على البلاد، وإن أوجد له في الوقت ذاته حماسا له ولنظامه في الخارج.

ثم يفصل هاس في استعراض القضية الخاصة بالديمقراطية. فيذكر أن العراق كان وما زال جزءا من حالة نقاش كبير بشأن أولويات السياسة الخارجية الأميركية وكيف يمكن الجمع بين هذه الأولويات من أجل تعزيز الديمقراطية حول العالم. لقد عكست تلك القضية كذلك واحدا من بين مبادئ الخلاف بين إدارة الرئيس 41 والرئيس 43.

ويضيف: هنا توجد مدارس مختلفة في الفكر بشأن ما يجب على الدولة أن تفعله خارج نطاق حدودها. من بين نماذج الفكر السائدة هنا مدرسة ترى أن النظام الذي يوجد في الدول الأخرى أمر ثانوي في ضوء صعوبة تغيير تلك الأنظمة لاعتبارات عديدة تتعلق بقواعد تحكم العلاقات الدولية ما يجعل من هذه المهمة مسألة بالغة الطموح ومهمة صعبة لا يجب التفكير فيها إلا عندما لا يكون هناك مفر من ذلك. لقد كان ذلك هو الخيار المفضل لدى إدارة الرئيس بوش الأب، ومعظم مساعديه.

هناك مدرسة ثانية ترى أن النظام القائم في الدول الأخرى أمر يجب وضعه في الاعتبار لعدة أسباب أخلاقية وكذلك الرؤية التي تقوم على أن الدول الديمقراطية من المحتمل أن تقدم على تعاملات أفضل ليس فقط مع مواطنيها وإنما مع جيرانها أيضا. إن هذا هو ما يسمي بنظرية «السلام الديمقراطي»، والتي جرى اعتناقها من قبل جورج بوش الابن وعبر عنها في حفل تنصيبه الثاني: «إن أفضل أمل في السلام في العالم الذي نعيش فيه هو توسيع الحرية في كل العالم».

وإذا كان المؤلف يقر هذه الرؤية إلا أن مصدر خلافه هو أن بناء الديمقراطية يعتبر من وجهة نظره مشروعا طويلا الأمد ولا يقوم على نحو ما جرى به من خلال القوة العسكرية.

وحتى مع هذا الإقرار فإنه يؤكد على أن خوض غمار هذا المشروع يمكن أن يثبت أنه بالغ الصعوبة إن لم يكن الاستحالة. إنه يمكن أن يستغرق سنوات من الجهد، وقد يثبت في النهاية أنه غير مضمون النتائج وغالبا ما يثير سخط السكان الأصليين في الدولة التي يجرى العمل على تغيير طبيعة النظام فيها، بالشكل الذي يدفعهم إلى التساؤل بشأن أبعاد دوافع الأميركيين، في الوقت ذاته الذي سيثير تساؤلات الأميركين أنفسهم بشأن التكلفة.

مشكلة فرض الديمقراطية.

ويضيف أنه من المهم أن ندرك أن الرؤية الأميركية للديمقراطية ليست كونية أو حتى محتومة. إن الإدعاء، بوحدة المصالح الحيوية لأميركا ومعتقداتها الراسخة على نحو ما فعل بوش في ذات الخطاب المشار إليه، أمر من الصعب اعتباره يتسم بأي قدر من المنطق. ويضرب المؤلف أمثلة للتدليل على صحة وجهة نظره فيقول: إن الولايات المتحدة لديها مصلحة حيوية في الصين تتمثل في المساعدة على الحد من البرنامج النووي الكوري الشمالي وفي التعاون من أجل الحد من تغيرات المناخ، على ذات النحو الذي لديها فيه مصلحة حيوية مع روسيا تتمثل في المساعدة على وقف برنامج إيران النووي، وتأمين القدرات النووية الروسية.


ربما نعتقد أن الدولتين ـ الصين وروسيا - يجب أن يكونا ديمقراطيين بشكل كامل، ولكن المعتقد أقل أهمية بكثير من المصلحة الحيوية. كل ذلك يجب أن يكون بمثابة تحذير بشأن فرض الديمقراطية في العراق وجعلها هدفا مركزيا على النحو الذي بدا عليه في حرب العراق الثانية. كل ذلك ـ يقول المؤلف ـ يجب أن يعزز فكرة أن المبدأ الحقيقي للسياسة الأميركية يجب أن يكون هو السياسة الخارجية للدول الأخرى وليس الطبيعة الداخلية لهذه الدول.


يضيف إن هذه الأطروحة يمكن تبسيطها.. فلا يمكن الاختلاف مثلا بأنه من المهم أن نقدم للأقطار المسلمة وضعا أفضل يتجاوز ما هو قائم من أنظمة ديكتاتورية ونخب فاسدة في الكثير من هذه الدول، الأمر الذي ييسر المجال أمام المتشددين للوصول إلى السلطة، غير أن ذلك يجب أن يتم من خلال سبل أخرى ليس من بينها فرض الديمقراطية. إن العلاج هنا، وهنا يتكشف أن الاختلاف بين الفكر الذي يمثله هاس والفكر الذي مثلته إدارة بوش، هو اختلاف في الأسلوب وليس الجوهر.


ومن السبل التي يحددها المؤلف.. تحسين التعليم، تشجيع حكم القانون، وحماية المجتمع المدني.. كل تلك وسائل يمكن أن تنتهي إلى تعزيز دور العملية الانتخابية التي ينبغي أن تأتي في مرحلة تالية، وليس في بداية العملية الديمقراطية. ويضيف هاس: إن استخدام القوة العسكرية للإطاحة بالأنظمة وبناء الديمقراطيات أمر ببساطة بالغ الكلفة وأمر يفتقد اليقين بشأن نتائجه، الأمر الذي يجب معه استبعاده كأداة من أدوات السياسة الخارجية الأميركية.


ومن أوجه المقارنة الأخرى التي يتطرق لها المؤلف أن حربي العراق كانتا ناجحتين بكافة المعايير على أرض المعركة، غير أنهما واجها قدرا من المشاكل بعد انتهائهما، وإن كانت مشاكل الحرب الثانية تتجاوز بمراحل تلك التي نجمت عن الأولى نظرا لأن أهداف الولايات المتحدة في هذه الحرب كانت بالغة الطموح.
إن الولايات المتحدة بحاجة، حسبما يذكر، لقوة عسكرية يمكن لها التعاطي جيدا مع النزاعات غير التقليدية، بذات الكفاءة التي تتعاطى بها مع النزاعات التقليدية. وعلى ذلك فإن خوض حروب غير تقليدية يجب أن يكون مساويا في الأهمية، إذا لم يكن يفوق، الإعداد لحرب مع قوى عظمى أو متوسطة.


التشدد في معايير الحرب.
ويخلص المؤلف إلى التأكيد على ضرورة التشدد في تطبيق معايير الحرب إذا ما تعلق الأمر بحرب اختيار، و كانت التكلفة البشرية والاقتصادية والسياسية الناجمة عن خوضها يمكن تبريرها، وإلا فإن مثل هذه الحروب يجب العمل بكل السبل على تجنبها.


ويستعين هنا بكلمات رئيس يشبه وضعه وضع بوش الابن وهو جون كوينزي آدامز الرئيس الاميركي السادس وابن ثاني رؤساء الولايات المتحدة والذي راح يؤكد على أنه إذا كانت الولايات المتحدة ذات رغبة عارمة في تمتع الجميع بالحرية والاستقلال، إلا أنه راح يؤكد في الوقت ذاته راح على أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال الذهاب إلى الخارج بحثا عن وحوش لتدميرها.


على هذا يقول هاس: نعم صدام حسين كان وحشا ولكن ذلك لا يبرر قرار الذهاب إلى الحرب من أجل الإطاحة به. حتى إذا ما كانت القوة الكبرى تحتاج إلى تعزيز وضعها، فإن الديمقراطية الأميركية لا تعد الرداء المناسب لسياسة خارجية إمبراطورية، حيث تكلفة مثل هذه الحروب أكبر من فائدتها. وهو ما يعني إن حروب الاختيار هي تلك التي يمكن تجنبها بقدر كبير، في ذات الوقت الذي يجب العمل التمتع بالإرادة والقوة التي تتيح خوض حروب الضرورة حينما يتطلب الأمر ذلك.

الصفحات: 336 (متوسط)
الكتاب: قصة حربين
تأليف: ريتشارد هاس
عرض ومناقشة : مصطفى عبدالرازق
الناشر: سيمون آند شستر ـ مايو 2009

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس