عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 09:21 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الأدميرال
مشرف منتدى القوات البحرية

الصورة الرمزية الأدميرال

إحصائية العضو





الأدميرال غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الحرب وأيديولوجيتها : في منظور علم النفس



 

الحرب وأيديولوجيتها : في منظور علم النفس


الحرب بالمعنى المتعارف عليه هي صدام بين جماعات سياسية أو دول ذات سيادة، وقد تكون الحرب دبلوماسية، أو بممارسة الضغوط الاقتصادية، أو بالدعاية، أو باستخدام الجيوش. والحروب لها مقدمات نفسية غالباً، وعلى أساسها تكون المماحكات والتحرّشات الدبلوماسية والاقتصادية ... وغيرها، وحتى الخلافات الأيديولوجية أساسها في التحليل النهائي نفسي غالباً. ولكي تقوم الحرب عسكرياً لابد من تنامي العداوة والعداء بين الحكومتين، ويحاول كل فريق أن يمهّد لها داخلياً في بلده وفي البلد الآخر.

الحرب في تعريف (هوجو جروتيوس) (1583 1645م): حالة تناقض السلم، وتتميز بأن السلوك الذي يُجرّم في حالة السلم لا يُجرّم في حالة الحرب، والحرب تُستخدم مجازاً لأنماط من الصراعات أو المنافسات؛ فيُقال مثلاً: حرب الكلمات، والحرب النفسية، وحرب الإرادات، والحرب الباردة، والحرب السياسية، وحرب الطبقات، وحروب البقاء، والحرب بين الجنسين، والحرب بين الأجيال، والحرب ضد الفقر، وضد المرض، وضد الجريمة، والحرب ضد الحرب نفسها. وفي جميع هذه الحروب قد يسفر العداء ويأتيه الأفراد والجماعات شعورياً، وقد يُضمَر ويكون تنافساً أو نقداً، وقد يبرر البعض الحرب بأنها ضرورية نفسياً، لأنها تثير الهمم، وتوقظ الغفلان، وتستثير القريحة والاختراع، ويموت فيها الضعفاء ويبقى الأقوياء القادرين على استمرار الحياة واستنهاض التقدم، وكان علماء النفس من المؤيدين لهذا الرأي؛ فالحرب عندهم بمثابة التطهّر النفسي، وبدون الحروب يكون التدهور المعنوي، والغالبية ضد الحرب لآثارها السلبية المدمّرة، ومن هؤلاء (سبنسر)، و (والترباجوت)، و (يعقوب نوفيكوف).
وقد مرَّ تاريخ الحرب بخمس مراحل كبرى هي:

(أ) الحرب على المستوى الحيواني في أزمان كانت أجناس الحيوانات تملأ الأرض، وتدور الصراعات بينها على البقاء، ودراسة السلوك العدواني للحيوانات يفيد في دراسة السلوك العدواني للإنسان، ويتشابه مثلاً سلوك القردة وسلوك الأطفال، وقد يحتدم العراك بين هؤلاء وهؤلاء كنوع من المنافسة، ومن السلوك العدواني الجماعي، مثلاً سلوك جماعة العصابة أو جماعة الأصدقاء.
(ب) الحرب البدائية وهي التي كانت تقوم بالعصي والحجارة بسبب سرقة الإناث، أو الاعتداء على الحياض، أو الاستيلاء على غنيمة، وكانت لهذه الحروب ميزة أنها وحَّدت بين الجماعات المتماثلة ومايزتها بتقاليدها وعاداتها ومؤسساتها، وضامنت بين أفرادها باعتبارهم جماعة داخلية كمقابل لغيرهم أو الجماعة الخارجية.


ولما تحققت الكتابة صارت المجتمعات متمدنة، ومن ثم صارت الحروب متمدنة وأُعدّت لها الجيوش المتخصصة، وصارت لها أسباب اقتصادية، أو سياسية، أو أيديولوجية، أو دينية، وتميّز العصر البطولي في هذه المرحلة بأنه عصر قلاقل كبرى، وكانت هناك ثماني حروب كبرى في تاريخ العالم قبل الحربين العالميتين الأخيرتين، واللتين تختص بهما المرحلة الحديثة.
ومع أن لهذه الحروب أسبابها التوسعية، أو الاقتصادية، أو السياسية ... إلخ، إلاّ أن الواضح أن السبب النفسي كان وراءها جميعاً، وهو سبب عرقي أو أجناسي فيه البغض لبعض الأجناس والإحساس بالتفوّق من بعضها، وبدافع العلوّ في الأرض من بعضها.

ولقد أجمل (كوينسي رايت) الحروب في العالم في (278) حرباً، منها : (187) حرباً بين شعوب أوروبا، و (91) حرباً شنّتها أوروبا على شعوب من خارجها، و (135) حرباً دخلتها الشعوب لنيل استقلالها، و (78) حرباً أهلية لأسباب أيديولوجية، أو للمطالبة بالحرية، أو لفرض الوحدة الوطنية، و (65) حرباً بدعوى حماية مدنية الرجل الأبيض، أو للتبشير، أو لأسباب دينية.
وفي كل الحروب يكاد ينعقد الإجماع على أن مسألة الحرب هي مسألة نفسية، سواء في قيامها أم في إدارتها، أم في عقابيلها، ومن الذين أكَّدوا على الخلاف في الرأي كسبب لاندلاع الحرب: (غابرييل ألموند)، و (كارل دويتش)، و (بيرنارد بيريلسون). وممن أبرزوا عنصر التوتّر والصراع في الحروب: (جورج سيمبل)، و (هردلي كانتريل)، و (أوتو كلينيبرج)، و (فريدريك دن)، و (كينيت بولدنج). وقال البعض إن الحروب من اختصاص علم النفس السياسي من أمثال: (هارولد لاسويل)، و (دافيد رايزمان)، و (تشارلز أوزجود)، و (أناتول رابابورت)، و (راينارد ويست).

وأدلى علماء النفس بدلوهم أيضاً في الحرب، ومن هؤلاء: (فرانز ألكسندر)، و (إيريك فروم)، و (روبرت ويلدر)؛ وهؤلاء جميعاً أكّدوا على مقولات نفسية كازدواج المشاعر، والإزاحة، وكبش الفداء، والإحباط، والتعيّن، والإسقاط، والأفكار المغلوطة عن النفس. ومع أن الحرب لها مبرراتها الظاهرة، إلاّ أنّ من بيدهم قرار إعلان الحرب أو إنهائها لهم دوافعهم اللاشعورية أيضاً، ويؤكد هؤلاء العلماء على دور البحث والتعليم والتربية كوسيلة لدعم التفاهم بين الشعوب.

 

 


 

   

رد مع اقتباس